العقد بين مصر والإمارات هو عقد بدافع الضرورة

بعد أسابيع من التكهنات والتوقعات، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أخيرا يوم الجمعة 23 فبراير ، بعد توقيع اتفاقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، أن الإمارات ستقوم بأكبر استثمار في تاريخ مصر بقيمة 35 مليار دولار. ولكن ما هو موضوع هذا العقد وبأي شروط تم إبرامه؟ 

مارس 16, 2024 - 07:05
العقد بين مصر والإمارات هو عقد بدافع الضرورة
العقد بين مصر والإمارات هو عقد بدافع الضرورة

بعد أسابيع من التكهنات والتوقعات، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أخيرا يوم الجمعة 23 فبراير ، بعد توقيع اتفاقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، أن الإمارات ستقوم بأكبر استثمار في تاريخ مصر بقيمة 35 مليار دولار. ولكن ما هو موضوع هذا العقد وبأي شروط تم إبرامه؟ 

وبحسب السلطات المصرية والإماراتية، من المقرر أن تبني شركة أبوظبي التنموية القابضةADQ)) التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، في منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي لمصر، مدينة تضم مناطق سكنية وفنادق ومنتجعات بكامل طاقتها مع الخدمات والمرافق الحضارية مثل المدارس والمشاريع لبناء مرافق ترفيهية ومنطقة حرة للصناعات التكنولوجية والخدمات اللوجستية والمالية والتجارية. كما سيتم بناء رصيف دولي لليخوت والسفن السياحية ومطار دولي في هذه المدينة. [1]

ستبدأ شركة أبوظبي التنموية القابضة في بناء "مدينة الجيل القادم" بمساحة 170 كيلومترًا مربعًا (حوالي خمس مساحة أبوظبي) في أوائل عام 2025. لكن مبلغها سيصل إلى المصريين قبل هذا التاريخ بكثير.

وبحسب مدبولي، بعد أسبوع من هذا التاريخ (23 فبراير)، ستحصل مصر على 15 مليار دولار وفي المرحلة المقبلة 20 مليار دولار خلال شهرين. وسيتم استيراد هذه المبالغ بقيمة 24 مليارًا من الإمارات إلى مصر على شكل عملات أجنبية، و11 مليارًا يتم الحصول عليها من تحويل ودائع الإمارات في البنك المركزي المصري إلى جنيهات مصرية. وغير هذه الضايا، لم تدرج شركة أبوظبي التنموية القابضة أي إطار زمني للاستثمار هذا المشروع في بيانها.[2]

العلاقات بين مصر والإمارات العربية المتحدة طويلة الأمد وواسعة النطاق. وتعتبر الإمارات أكبر مستثمر عربي في مصر وثالث أكبر مستثمر في العالم. واستثمرت الدولة أكثر من 28 مليار دولار (102 مليار درهم) في مصر بين عامي 2003 و2019.

وتعمل حاليا 1300 شركة إماراتية في مصر في مجالات تجارة الجملة والتجزئة، والنقل، والتخزين والخدمات اللوجستية، والتمويل والتأمين، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعقارات، والبناء، والسياحة والزراعة.

وبحسب وزير الاستثمار الإماراتي، فإن قيمة الاستثمارات الإماراتية في مصر وصلت في عام 2021 إلى 30 مليار دولار (110 مليارات درهم)، ومن المتوقع أن تزيد نتيجة استمرار التعاون بين البلدين.[3]

ولكن ما هي الأسباب التي جعلت دولتي مصر والإمارات توقعان عقداً جديداً بهذا المبلغ الكبير؟

تواجه مصر، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 109 ملايين نسمة، أزمة اقتصادية حادة وتضخما غير مسبوق ونقصا في العملات الأجنبية. وفي أغسطس/آب، وصل معدل التضخم السنوي في مصر إلى ما يقرب من 40 في المائة، وفقاً للإحصاءات الرسمية، مما دفع العديد من المصريين إلى الاقتراب من خط الفقر أو تحته. هذا على الرغم من أنه قبل الأزمة الحالية، كان أكثر من نصف سكان مصر تحت خط الفقر أو قريب منه.

وخلال فترة رئاسة عبد الفتاح السيسي التي استمرت قرابة 10 سنوات، تضاعف الدين الخارجي أربع مرات ليصل إلى 164 مليار دولار. ويغطي هذا الدين حاليا معظم النفقات السنوية للحكومة فقط وليس للاستثمار .

وبحسب تقرير البنك المركزي المصري، فإن هذا البلد سيتعين عليه سداد 34.8 مليار دولار من ديونه الخارجية في عام 2024 وحده. ويرجع ذلك إلى أن إجمالي احتياطي مصر من العملات الأجنبية يبلغ 35 مليار دولار.[4]

ولذلك تضطر السلطات المصرية إلى استخدام كل الأساليب والتدابير لإدارة هذا الوضع. ويزعم الإماراتيون أنهم يخططون للاستثمار في المناطق الساحلية في مصر وتحقيق الربح منها. لكن الجميع يعلم أن الإمارات تسعى إلى استغلال الوضع في ظل الظروف الاقتصادية غير المواتية التي تعيشها مصر، وتحاول تأمين مصالحها وزيادة نفوذها على الأراضي المصرية.

وتحاول السلطات المصرية وكذلك رئيس الوزراء السيد مدبولي أيضًا السيطرة على الوضع من خلال معالجة الموقف ومن دون تحديد زمن هذا المشروع ويتكلمون عن استثمار 150 مليار دولار وتوفير ملايين فرص العمل. وبطبيعة الحال، كان لخبر إبرام هذا العقد أيضًا آثار إيجابية فورية؛ بحيث ارتفعت قيمة السندات المصرية، وكذلك قيمة الجنيه المصري أمام الدولار. [5]

من ناحية أخرى، تردد أن السعودية على وشك توقيع عقد بقيمة 15 مليار دولار مع الحكومة المصرية، على غرار العقد المبرم بين مصر والإمارات لتطوير رأس الغميلة، الوجهة السياحية الرئيسية في مصر على البحر الاحمر. ويقال إن رئيس الوزراء المصري سيعلن قريبا تفاصيل هذا الاتفاق. تقع رأس الغميلة، وهي وجهة شهيرة للغوص، على بعد حوالي 11.5 كم من مطار شرم الشيخ الدولي في محافظة جنوب سيناء. وتقع أيضًا على الجانب الآخر من جزيرة تيران، إحدى جزيرتين في البحر الأحمر تنازلت عنهما مصر للسعودية في عام 2016 بعد صفقة قوبلت برد فعل شعبي قوي.[6]

ولذلك فمن المتوقع أنه بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر، سيتم تقديم مقترحات مختلفة لهذه الحكومة لبيع مقدرات استراتيجية، بما في ذلك الموارد والأراضي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أوضاع مصر في الأشهر المقبلة ويسبب أزمات سياسية واجتماعية في مصر .

محمد صالح قرباني


[1] https://www.madamasr.com/en/2024/02/23/news/u/egypt-uae-agree-on-us35-bn-ras-al-hikma-development-project/

[2] https://www.reuters.com/business/egypt-announces-multi-billion-uae-investment-boost-forex-2024-02-23/

[3] https://english.ahram.org.eg/News/518513.aspx

[4] https://www.middleeasteye.net/news/egypt-announces-massive-35-billion-deal-uae-develop-ras-el-hekma-north-coast

[5] https://www.al-monitor.com/originals/2024/02/egypt-uae-sign-35-billion-development-deal-amid-foreign-currency-crunch

[6] https://www.middleeasteye.net/news/ras-ghamila-egypt-about-sell-prime-red-sea-area-saudi-arabia