طموحات تركيا الكبرى في القارة السمراء!

تسعى تركيا في إطار برامجها للتنمية وتوسيع نطاق نفوذها الجيوسياسي، دائمًا إلى البحث عن ساحات لعب مختلفة. وتعتبر أفريقيا واحدة من الأماكن التي اختارتها تركيا لتوسيع نفوذها، حيث تسعى للتنافس مع القوى الكبرى الموجودة في هذه القارة.

Aug 29, 2024 - 08:17
طموحات تركيا الكبرى في القارة السمراء!
طموحات تركيا الكبرى في القارة السمراء!

تسعى تركيا في إطار برامجها للتنمية وتوسيع نطاق نفوذها الجيوسياسي، دائمًا إلى البحث عن ساحات لعب مختلفة. وتعتبر أفريقيا واحدة من الأماكن التي اختارتها تركيا لتوسيع نفوذها، حيث تسعى للتنافس مع القوى الكبرى الموجودة في هذه القارة.

أفريقيا ساحة لعب كبيرة

تحولت قارة أفريقيا في العقود الأخيرة إلى ساحة لعب للقوى الكبرى. هذه الأرض الغنية بالموارد الطبيعية والمعدنية تزداد قيمة يومًا بعد يوم وتسعى القوى العالمية إلى تحقيق سيطرة أكبر عليها. في هذا السياق برزت تركيا كواحدة من الدول الرائدة في مجال المنافسة في أفريقيا، حيث وسعت نشاطاتها في القارة بشكل كبير منذ عام 2005 حتى نهاية عام 2020.[1] كما وقعت تركيا اتفاقية تعاون استراتيجي مع الاتحاد الأفريقي في عام 2008. في الواقع تسعى تركيا إلى تعزيز مكانتها في أفريقيا لتصبح شريكًا مهمًا للدول الأفريقية. إن زيادة عدد سفاراتها من 12 إلى 40 في أقل من 20 عامًا، وزيادة حجم التجارة مع الدول الأفريقية من حوالي 5 مليارات دولار إلى أكثر من 20 مليار [2]دولار تعكس أهمية أفريقيا بالنسبة لتركيا.

بالإضافة إلى ذلك زادت تركيا من أنشطتها الإنسانية في أفريقيا. وقد أدركت تركيا جيدًا أنه لتعزيز نفوذها والحفاظ على سيطرتها في أفريقيا، يجب عليها استخدام أدوات متنوعة ومتعددة للتنافس مع منافسيها الكبار في هذه القارة. تتولى وكالة التعاون والتنسيق التركية مسؤولية تنفيذ الأنشطة الإنسانية في قارة أفريقيا. وتسعى هذه الوكالة من خلال الأنشطة الإنسانية والدعم لشعوب أفريقيا إلى تحسين مكانة تركيا في أذهان العامة في أفريقيا وكذلك في المنظمات الدولية، ليُنظر إلى تركيا كدولة صديقة ومسؤولة في عيون العالم.

استراتيجية تركيا طويلة الأمد

تهدف تركيا من خلال نهج تنوع التعاون مع شركاء مختلفين، إلى تعريف مكانتها في النظام الدولي كلاعب رئيسي ومهم. وفي إطار هذه الأهداف الطموحة، تسعى تركيا أيضًا إلى تنويع تعاونها مع الدول الأفريقية. وقد أبرمت تركيا عقودًا متنوعة مع النيجر ونيجيريا وتنزانيا والجزائر وجنوب أفريقيا وليبيا والصومال في مجالات الطاقة والبنية التحتية والثقافة والتعليم والعسكرية وغيرها. [3]

يبدو أن هدف تركيا من هذا التنوع في التعاون والإجراءات هو زيادة نطاق نفوذها وقوتها. في الواقع تسعى تركيا إلى التنافس مع لاعبين مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة في قارة أفريقيا، مما يتطلب وجودًا قويًا لهم في هذه القارة. تسعى تركيا حاليًا إلى تعزيز مكانتها في شرق أفريقيا، وفي هذا السياق وقعت عقدًا طويل الأمد لاستخراج حقول النفط مع الصومال. يتيح هذا العقد لتركيا دراسة وحفر الموارد الموجودة على سواحل الصومال. في هذا المجال تتعاون تركيا أيضًا مع الولايات المتحدة حيث ستشارك الأخيرة في عملية البحث والاستخراج لكن الفائز الرئيسي على المدى الطويل هو تركيا نظرًا لأن عقدها مع الصومال طويل الأمد.[4]

تظهر هذه الخطوة الجديدة لتركيا الطموحات الكبيرة لأردوغان لمستقبل بلاده. يمكن أن يساعد الوجود في شرق أفريقيا واللعب كطرف شريك في مجال الطاقة تركيا على تعزيز مكانتها وزيادة إيراداتها. كما أن تركيا لديها عقد طويل الأمد للطاقة مع الجزائر والذي إذا تم تنفيذه يمكن أن يجعلها لاعبًا مهمًا في مجال الطاقة على مستوى العالم.

لذا يبدو أن تركيا تتقدم خطوة بخطوة نحو تحقيق برامجها للتحول إلى قوة كبيرة، وتسعى تدريجيًا لتصبح واحدة من القوى الكبرى في العالم. يمكن رؤية النظرة العثمانية والاهتمام بتركيا الكبرى، التي تم طرحها بشكل أكبر في العقد الأخير، في البرامج الطموحة لهذا البلد لتطوير التعاون في مختلف أنحاء العالم. في هذا السياق تتمثل استراتيجية تركيا في أفريقيا في التعاون مع القوى الكبرى كما حدث في الصومال حيث تميل تركيا إلى التعاون مع الولايات المتحدة. تدرك تركيا جيدًا أنها تخوض لعبة محفوفة بالمخاطر في أفريقيا، وإذا لم تتمكن من تأمين مصالح شركائها ومنافسيها، فمن المحتمل أن تواجه تحديات أكبر. يجب الانتظار لنرى إلى أي مدى يمكن لتركيا أن تدفع ببرامجها نحو التحقيق وتقنع شركائها بمسيرة ناجحة.

امین مهدوی


[1] afripoli.org

[2] setav.org

[3] dw.com

[4] euronews.com