يوم القدس العالمي بعد أربعة عقود 

كما كان الإمام الخميني يعتبر "يوم القدس" يوماً عالمياً لا يقتصر فقط على الفلسطينيين أو المسلمين وكان يصف يوم القدس بقوله: "يوم القدس يوم مواجهة المستضعفين ضد المستكبرين.

مارس 29, 2025 - 11:15
مارس 29, 2025 - 11:19
يوم القدس العالمي بعد أربعة عقود 
يوم القدس العالمي بعد أربعة عقود 

        كان كيان الاحتلال الإسرائيلي وداعميه الدوليين قبل انتصار الثورة الإسلامية قد خلقوا وضعاً معقداً من خلال زيادة أبعاد وعمق الجرائم المرتكبة ضد المسلمين مما أدى إلى نسيان قضية فلسطين. وكانت خيانة وتواطؤ بعض زعماء الدول العربية مع نظام الهيمنة والصهيونية الدولية سبباً إضافياً في زيادة معاناة الأمة الإسلامية وخاصة الشعب الفلسطيني المظلوم. لقد شكل الدعم الشامل من قبل الإمام الخميني (ره) شعلة أمل في المجتمعات الإسلامية لقضية فلسطين وبالخصوص تدبيره ورؤيته البعيدة المدى في مجال تعميم الطابع الشعبي والإسلامي للنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي وإعلان يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان ليكون يوم القدس العالمي[1]، ومع مرور أكثر من أربعة عقود على انتفاضة الشعوب في الساحات والميادين ضد نظام الاحتلال الإسرائيلي أصبحت الظروف اللازمة مهياة للمطالبة العالمية بتحرير القدس الشريف .

كما كان الإمام الخميني يعتبر "يوم القدس" يوماً عالمياً لا يقتصر فقط على الفلسطينيين أو المسلمين وكان يصف يوم القدس بقوله: "يوم القدس يوم مواجهة المستضعفين ضد المستكبرين. يوم مواجهة الشعوب التي تعاني تحت ضغط ظلم أمريكا وغير أمريكا. هو اليوم الذي ينبغي أن يتسلح فيه المستضعفون لمواجهة المستكبرين ويمرغوا أنف المستكبرين بالتراب."[2]

في الحقيقة يمكن اعتبار الانتصارات المتتالية للأمة الإسلامية ضد نظام الهيمنة والصهيونية العالمية في مختلف المجالات وخاصة النتائج المستفادة من توسيع حدود المقاومة الإسلامية مرتبطة بشكل عميق بيوم القدس العالمي وآثاره، وفيما يلي سنستعرض بعض هذه الآثار.

تشكيل جبهة المقاومة؛ زيادة روح المقاومة ضد نظام الهيمنة والصهيونية في العالم وخاصة في العالم الإسلامي وتشكيل خلايا جديدة من المقاومة الشعبية في منطقة غرب آسيا مثل: الجماعات المقاومة الشعبية في العراق (الحشد الشعبي)، وفي أفغانستان (الفاطميون) وفي باكستان (الزينبيون) وفي سوريا (المجموعات التطوعية الشعبية) وفي اليمن (أنصار الله). لقد تشكل محور المقاومة في البداية حول الدفاع عن قضية فلسطين ولكنه مع مرور الزمن والصراعات والتحديات الجديدة في منطقة غرب آسيا اتسع نطاقه. كان يُعتقد في السابق أن إيران ولبنان والعراق وسوريا واليمن وأفغانستان وباكستان دول يمكن الهجوم عليها بسهولة دون مقاومة من الدول الأخرى؛ ولكن اليوم أصبح محور المقاومة مترابطاً إلى درجة أن الهجوم على أحدهم يُعتبر عدواناً على الآخر.

كسر القناع عن الوجه الحقيقي لنظام الاحتلال الإسرائيلي كعدو استراتيجي للأمة الإسلامية؛ على الرغم من سعي النظام الصهيوني للارتباط مع الدول الإسلامية وطرح مسألة تطبيع العلاقات بينه وبين بعض الدول العربية الإسلامية، فإن استمرار الجرائم التي يرتكبها الصهاينة خاصة بعد عملية "طوفان الأقصى" أدى إلى تردد العديد من الدول التي كانت تسعى لإقامة علاقات مع والاعتراف بهذا النظام. وحتى وإن كان حكام تلك الدول لا يزالون يواصلون علاقاتهم السرية مع النظام الإسرائيلي فإن الشعوب المسلمة في الدول الإسلامية قد أدانت تطبيع علاقات بلادهم مع هذا النظام.

فشل مشروع حذف القضية الفلسطينية من الساحة الدولية؛ لطالما سعى نظام الاحتلال الإسرائيلي بدعم من الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة إلى جعل قضية فلسطين تُنسى. ومع ذلك فإن الخطط التي وضعها هذا النظام باءت بالفشل، ومع اتساع الظلم والجرائم التي يرتكبها النظام الصهيوني أصبحت قضية فلسطين اليوم في مقدمة أولويات العديد من وسائل الإعلام والجماعات الشعبية والجمعيات غير الحكومية في العالم.

ظهور الخلافات والتحديات الداخلية في نظام الاحتلال الإسرائيلي؛ إن النزاع بين الفلسطينيين وكيان الاحتلال الإسرائيلي كما يتضح في الواقع الإقليمي يعد من بين أحد أشد النزاعات الدولية وأساسها، وهو بمثابة محور وأساس النزاع بين الغرب والعالم الإسلامي. لكن الاحتلال وانتهاك حقوق الفلسطينيين كانا منذ البداية يتعارضان مع المعايير التاريخية والإنسانية والهوية والقانون الدولي. والآن بعد عقود من تحريف الحقائق وانتهاك الحقوق أدرك المفكرون وهيئة الحكم في النظام الإسرائيلي وداعميهم [3]أن سياسة القمع والتوسع الإقليمي لم تضمن أمن هذا النظام. كما أن هذه المسألة قد تسببت في استمرار الاحتجاجات من قبل سكان الأراضي المحتلة.

حكيمة زعيم باشي 



[1] اعلي إقليدي نجاد، "نظرة جديدة في فلسطين وقضية القدس".

[2] صحیفه امام، ص 9، ص 276 - 279 / 25 / 5 / 58

[3] محمد سهرابي، الخطاب ما بعد الصهيونية ومستقبل إسرائيل؛ الفرص والتهديدات، مجلة فصلية لدراسات العلاقات الدولية.