المسيرات الصهيونية في كشمير تهديد للسلام والاستقرار في الدول المجاورة

مع بداية الساعات الأولى من صباح الأمس الباكر وبينما كان الظلام يخيم على مدينة مظفر آباد في الجزء الخاضع لسيطرة باكستان من كشمير سمع هدير مجهول في السماء.

مايو 12, 2025 - 05:46
مايو 12, 2025 - 05:47
 49
المسيرات الصهيونية في كشمير تهديد للسلام والاستقرار في الدول المجاورة

مع بداية الساعات الأولى من صباح الأمس الباكر وبينما كان الظلام يخيم على مدينة مظفر آباد في الجزء الخاضع لسيطرة باكستان من كشمير سمع هدير مجهول في السماء. ولا تزال رقية وهي ممرضة تبلغ من العمر 32 عاماً تعمل في المستشفى المحلي تعاني من ذكريات انفجار الأسبوع الماضي. "فجأة اهتز كل شيء"، كما يقال. عندما وصلت إلى غرفة الطوارئ، أحضروا أمًا وطفليها وكانت أجسادهم مغطاة بالشظايا. "وقالوا إن الطائرة بدون طيار هي سبب هذه الكارثة."

وتؤكد صور الأقمار الصناعية التي نشرتها منظمة آسيا ووتش هذه الرواية: حيث تحلق طائرات بدون طيار إسرائيلية الصنع من طراز هارون تي بي وهاروب بشكل مستمر فوق المناطق المتنازع عليها في كشمير. وتستهدف هذه الأسلحة المتطورة، المزودة بصواريخ سبايك وقنابل موجهة المواقع العسكرية وأحيانا المناطق السكنية. خلال الأشهر الستة الماضية تم تسجيل 42 غارة بطائرات بدون طيار 60% منها ألحقت أضراراً بالمدنيين.

تكثيف سباق التسلح مع تدخل النظام الصهيوني
اتجهت جمهورية الهند إلى شراء الأسلحة الإسرائيلية بسرعة مثيرة للقلق. وأظهر تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) أن الهند أنفقت في الفترة من 2021 إلى 2024 أكثر من 4.8 مليار دولار على شراء طائرات بدون طيار وصواريخ وأنظمة رادار من النظام الإسرائيلي. وقال مسؤول حكومي باكستاني: "عندما تتلقى الهند شحنة جديدة من تل أبيب نضطر إلى تعزيز العلاقات العسكرية مع الصين وتركيا". "إن سباق التسلح هذا يدفع المنطقة نحو الهاوية".

ومن الجدير بالذكر أن الاعتماد العسكري الهندي على النظام الصهيوني يتجاوز مجرد شراء الأسلحة. وتكشف وثائق سربتها مجموعة القرصنة "كايوس" أن 200 مستشار إسرائيلي يقومون بتدريب القوات الهندية في قواعد عسكرية هندية، بما في ذلك "أمرالا" و"نيودلهي". كما يجري العمل على مشروع مشترك لتطوير صواريخ تفوق سرعة الصوت بميزانية قدرها 1.2 مليار دولار. وتظهر هذه الإجراءات أن النظام الصهيوني حوّل الهند إلى مختبر لأسلحته المتطورة وهو أمر يثير قلق الدول المجاورة وخاصة تلك التي تهتم بالاستقرار الإقليمي وأن دعم تل أبيب لنيودلهي هو لعبة خطيرة!

إن النظام الصهيوني لا يزود الهند بالأسلحة فحسب بل يدعمها أيضًا في الساحة الدبلوماسية. في عام 2023 عندما تعرضت الهند لانتقادات في الأمم المتحدة بسبب الغارات الجوية التي شنتها بطائرات بدون طيار أعلن السفير الإسرائيلي في نيودلهي: "نحن نقف إلى جانب شريكنا الاستراتيجي". ويتجاوز هذا الدعم التصريحات الدبلوماسية. يكشف تقرير الجزيرة عن تعاون استخباراتي بين الموساد و وكالة الاستخبارات الهندية. ويشكل هذا التحالف تهديداً مباشراً للدول المجاورة لأن النظام الصهيوني من خلال نفوذه في جنوب آسيا فتح جبهة جديدة ضد الدول الإسلامية.

ومن وجهة نظر البلدان المهتمة بالاستقرار الإقليمي، أدى هذا الدعم إلى إضعاف مصداقية الهند الدفاعية. وبناء على ذلك قال دبلوماسي مقيم في إسلام آباد: "إن الهند تعتقد أنها ستصبح أكثر قوة بالأسلحة الإسرائيلية ولكنها في الواقع أصبحت أداة في يد تل أبيب".

جذور التعاون العسكري بين الهند والكيان الصهيوني
تعود العلاقات العسكرية بين الهند وإسرائيل إلى تسعينيات القرن العشرين عندما تم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين. ومع ذلك منذ وصول ناريندرا مودي وحزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة اكتسبت هذه التعاونات زخماً غير مسبوق. وبحسب تقرير لمجلة فورين بوليسي، أصبح النظام الإسرائيلي الآن ثاني أكبر مورد للأسلحة للهند بعد روسيا. من صواريخ باراك البحرية إلى أنظمة الرادار EL/M-2084، حيث جهزت الهند جزءاً كبيراً من جيشها بالتكنولوجيا الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك تم تدريب 1200 جندي كوماندوز هندي في قاعدة "نوجبي" التابعة للنظام الإسرائيلي.

إن هذا الاعتماد العسكري للهند له عواقب إقليمية واسعة النطاق. وحذرت الدول المجاورة مراراً وتكراراً من أن دخول الأسلحة المتطورة إلى منطقة متوترة مثل كشمير لن يؤدي إلا إلى تصعيد الصراع. وردت باكستان على ذلك بالتحول إلى شراء طائرات بدون طيار من طراز بايرقدار من تركيا والصواريخ الصينية مما يزيد من خطر اندلاع حرب شاملة . 

العواقب من الكارثة الإنسانية إلى العزلة الدبلوماسية
تمتد العواقب الإقليمية لهذه الأزمة إلى ما هو أبعد من ساحات القتال. وأظهر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنه في عام 2024، قُتل 580 مدنياً في هجمات بطائرات بدون طيار 70% منهم من النساء والأطفال كما تم تدمير 12 مدرسة وأربعة مستشفيات. وتقول زهرة وهي معلمة في إحدى القرى الحدودية: "الطلاب لا يأتون إلى المدرسة خوفاً من الطائرات بدون طيار".

وعلى الساحة الدبلوماسية أصبحت الهند معزولة بشكل متزايد في العالم الإسلامي. وأصدرت منظمة التعاون الإسلامي في عام 2024 بيانين ضد الضربات الهندية بطائرات بدون طيار. وهذه ضربة لمصداقية الدولة التي وصفت نفسها ذات يوم بأنها دولة مسالمة على المستوى الدولي. واقترحت الدول المجاورة التي التزمت بالوساطة في النزاعات الإقليمية تشكيل لجنة ثلاثية بمشاركة تركيا وماليزيا لمراقبة الوضع في كشمير. وأكد أحد كبار الدبلوماسيين في المنطقة: "لا ينبغي التضحية بأمن آسيا من أجل استغلال شركات الأسلحة". 

الآفاق المستقبلية : على حافة الكارثة أم أفق السلام؟
يتوقع الخبراء ثلاثة احتمالات لمستقبل هذه الأزمة: أولا؛ استمرار الصراعات الحدودية بالوتيرة الحالية، ثانياً؛ وقوع صراع  نووي محدود قد يؤدي إلى قتل ملايين البشر في أقل من أسبوع. وحذر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران محسن كاظمي من أنه "إذا لم يتم كبح نفوذ النظام الصهيوني فإن منطقة جنوب آسيا ستصبح مشهداً مشابهاً لليمن وسورية ولكن بأبعاد أكثر كارثية". ثالثا؛ الوساطة من قبل دولة إقليمية أوغير إقليمية ووقف إطلاق النار.

كما تحاول دول المنطقة منع هذه الكارثة من خلال دبلوماسيتها النشطة. إن الاقتراح بإنشاء منطقة حظر جوي في كشمير وفرض عقوبات على شركات الأسلحة مثل رافائيل وصناعات الفضاء الإسرائيلية يوضح تصميم المنطقة على الحفاظ على السلام.

الخلاصة
إن هذا الصراع يتجاوز مجرد نزاع حدودي؛ ويعتبر تهديدًا لاستقرار المنطقة بأكملها. لقد أشعل النظام الصهيوني بأسلحته ناراً قد تلتهم المنطقة بأكملها. والآن هو الوقت المناسب للعالم الإسلامي والمجتمع الدولي أن يتحركوا بيقظة لمنع وقوع كارثة كبرى.

م.علیبور

المصادر:
1. التقرير السنوي لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) حول تجارة الأسلحة 2024.
2. "العلاقات العسكرية بين الهند وإسرائيل"، مجلة السياسة الخارجية، 2023.
3. تقرير ميداني لمنظمة هيومن رايتس ووتش من كشمير، كانون الثاني 2024.
4. "ضربات الطائرات بدون طيار في كشمير"، الجزيرة، 2023.
5. تحليل مركز طهران للدراسات الاستراتيجية، شباط 2024.