تعزيز حضور الصين في أفريقيا

     استضافت بكين في الأيام الأخيرة الاجتماع السنوي للتعاون بين الصين وأفريقيا. وقد بدأت هذه الفعالية بكلمة رئيس جمهورية الصين، شي جين بينغ الذي أكد في كلمته على أهمية العلاقات الصينية مع الدول الأفريقية وأشار إلى ضرورة تعزيز البنية التحتية في دول القارة. كما تطرق إلى عزم الصين على تطوير التعاون مع الدول الإفريقية وأهمية دور القارة الأفريقية في التنمية الاقتصادية العالمية بالنظر إلى الموارد الضخمة التي تمتلكها. هذا الاجتماع الذي شارك فيه خمسون من قادة الدول الأفريقية تم تصميمه في إطار تعزيز وجود الصين في أفريقيا.(1) تشير تجربة الصين في القارة الأفريقية وأهمية الجبهة الشرقية إلى أن أحداثاً مهمة ستحدث في المستقبل وسنستعرض ذلك فيما يلي.

المنافسة في المجال الاقتصادي 

لقد سعت الجبهة الغربية بقيادة الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة إلى تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية، حيث قامت بتخطيط واستثمار في قطاعات السكك الحديدية والتعدين لتعزيز وجودها في المنطقة. تركز الولايات المتحدة على الموارد المعدنية الهائلة للدول الأفريقية كأولوية أولى. وتشهد القارة الأفريقية تنافسًا واسعًا بين الصين والولايات المتحدة على موارد الكوبالت والنحاس التي تتمتع بأهمية واسعة وتدخل في الصناعات العسكرية والصناعية في كلا البلدين. ويجب الإشارة إلى أن وجود الصين في الدول الأفريقية يحمل بعدًا سلميًا كما أن هذا النهج تقوم به الولايات المتحدة أيضًا. تدرك الجبهة الغربية أن القارة الأفريقية حيوية لمستقبل الاقتصاد في الدول الغربية،(2) حيث إن صناعتها المتقدمة لن تحقق نتائج متميزة دون مصادر ومواد أولية رخيصة واستراتيجية من القارة الأفريقية.

الأبعاد العسكرية 

شهدت الدول الأفريقية في الأشهر الماضية أحداثًا سياسية وعسكرية عديدة، حيث تكررت عمليات الانقلاب وتغيير الأنظمة بشكل متكرر. وهذه القضية تثير قلق الولايات المتحدة والجبهة الغربية، لأن وجود الدول الموالية للجبهة الشرقية في هذه المنطقة يمكن أن يسهل الوصول العسكري للصين وروسيا وإيران إلى مناطق غرب الكرة الأرضية، مما قد يخلق مشاكل كبيرة للدول الغربية في أوقات الحروب الحاسمة. إن تسليح المعارضين للهيمنة الغربية في القارة الأفريقية سيوفر جيشًا كبيرًا ورخيصًا للحرب مع هذه الدول. من بين الأهداف المهمة للجبهة الشرقية في أفريقيا هو إنشاء قواعد عسكرية في هذه القارة حيث يقع العبء الأكبر لتحقيق هذا الهدف على عاتق روسيا. بينما تسير إيران بهدوء نحو تحقيق أهدافها العسكرية في المنطقة دون ضجيج.(3)

تقدم أفريقيا في مكافحة الإرهاب

أحد الجوانب التي تعول عليها الجبهة الشرقية هو الحس المناهض للاستعمار لدى شعوب القارة الأفريقية. على مر القرون تعرض سكان هذه الدول للإهانات والاحتلال من قبل الغربيين، حيث تم استعبادهم لتحقيق أهداف إمبريالية، واستُخدمت مواردهم الغنية لأهداف عسكرية. إن هذا التراث يمثل نقطة قوة للجبهة الشرقية في تعزيز نفوذها في الدول الأفريقية. و وجود أكثر من خمسة وخمسين قائدًا أفريقيًا في بكين يدل على أن معظم دول هذه المنطقة تحمل مشاعر إيجابية تجاه الصين،(4) وهذا العامل يمكن أن يضمن للجبهة الشرقية وجوداً راسخاً في القارة على المدى الطويل.

ختامًا 

يمكن القول إنه في إطار تقسيم دقيق أعدته الجبهة الشرقية لدول أفريقيا، تم وضع خطط عمل محددة حيث تم تحديد مهمة خاصة لكل عضو في الجبهة الشرقية. تقوم الصين بشكل خاص بمهمة تطوير البنية التحتية والاقتصاد في الدول الأفريقية، بينما تسعى روسيا إلى تغيير الحكومات الموالية للغرب في المنطقة. إضافة إلى ذلك تتولى الدول الأخرى في الجبهة الشرقية تسليح الجماعات والمنظمات العسكرية المناهضة للغرب في أفريقا. ويتم ذلك في وقت تخشى فيه القوى الغربية الراسخة بشدة من هذه الاستعدادات للجبهة الشرقية، ولذا فقد كلفت الدول القريبة منها في القارة بالتزامات شبيهة بأهدافها في المنطقة وفي المستقبل ينبغي أن نتوقع سماع أخبار متعلقة بالانقلابات والحروب العسكرية في الدول الأفريقية.

 امیرعلی یگانه

1.       https://www.france24.com/en/africa/20240905-china-to-give-africa-50-billion-over-next-three-years-says-xi-jinping

2.      https://www.nbcnews.com/news/world/china-africa-summit-us-xi-jinping-rcna169673

3.      https://www.bloomberg.com/news/articles/2024-05-26/sudan-s-army-deepens-ties-with-russia-iran-as-civil-war-rages

4.     https://abcnews.go.com/Business/wireStory/chinese-african-leaders-hold-summit-deepening-cooperation-divided-113405912