فرنسا مصدر انعدام الأمان في أفريقيا
فرنسا مصدر انعدام الأمان في أفريقيا
لطالما كانت القارة الأفريقية محور اهتمام القوى العالمية بسبب امتلاكها للموارد المعدنية القيمة والمتنوعة و فئة الشباب والعمالة الرخيصة. لذلك فإن القارة وخاصة مناطقها الغربية هي واحدة من المناطق القليلة في العالم التي يمارس فيها اللاعبون الإقليميون دورا وازناً بل بعضهم يمارس دوراً أكثر من الجهات المعنية الداخلية في المنطقة. [1]
وبسبب تاريخها الطويل في وقوعها تحت الاستعمار، واجهت القارة دائما تحديات مثل انعدام الأمن، وعدم وجود حكومة مركزية قوية، والفقر الاقتصادي، وانعدام التنمية. فالخلافات العرقية والعديد من الصراعات، يليها قتل السكان الفقراء في القارة، كلها متجذرة في التاريخ الاستعماري للمنطقة والمشاكل التي لم تحل بعد . لهذا السبب فإن عدم الاستقرار المستقر والدائم في المنطقة يرجع إلى حد كبير إلى دور ومشاركة الجهات الفاعلة الأجنبية في هذه المنطقة الجغرافية. [2]
عندما يتم التحدث عن الاستعمار في إفريقيا، يحضرُ في الذاكرة اسمُ فرنسا على الفور؛ على الرغم من أن حكومة الرجال الفرنسيين تحاول تقديم البلاد كدولة متحضرة ومؤيدة لحقوق الإنسان اليوم، فإن السجل الأسود لانتهاكات حقوق الإنسان في أجزاء كثيرة من العالم، بما في ذلك إفريقيا يعبر عن وجه آخر للهوية الاستعمارية للبلاد . في القرون الخمسة الماضية، منذ عام 1524 احتلت فرنسا ما لا يقل عن 20 دولة من القارة الأفريقية في المناطق الشمالية ، وخاصة الجزء الغربي من القارة ، بسياساتها الاستعمارية. واستعمرت في 300 عام 35 في المائة من إفريقيا ، وخلال هذه الفترة قتلت أكثر من مليوني شخص في هذه البلدان الفقيرة. [3]
على الرغم من أن فرنسا تدعي أنه لم يعد لها وجود استعماري في القارة الأفريقية، إلا أن الحوافز الاقتصادية كانت من أهم العوامل التي جعلت فرنسا تحاول استعمار إفريقيا من جديد، حتى قبل بضع سنوات تم نشر تقرير أظهر أن فرنسا تجمع 85 في المائة من الدخل القومي للدول الأفريقية سنويا بحجة الإنفاق على إعادة الإعمار والتكاليف العسكرية والسياسية لأفريقيا في البنك المركزي الفرنسي. الشيء المثير للاهتمام هو أنه إذا وجدت الدول الأفريقية نفسها بحاجة لمبالغ مالية، فعليها أن تحصل على 20 في المائة فقط من المبلغ من البنك المركزي لفرنسا، كما إن نهب الموارد والمناجم الأفريقية واعتماد هذه الدول على الفرنك هي أسباب أخرى تظهر الدوافع الاقتصادية لفرنسا لوجودها في إفريقيا . [4]
كان انعدام الأمن أحد أهم الطرق الفرنسية للتواجد في إفريقيا، وخاصة منطقة الساحل لذا فإن التحديات الأمنية في منطقة الساحل وتكثيف تحركات الجماعات الإرهابية مثل داعش وبوكو حرام والفروع المرتبطة بالقاعدة قد وفرت العذر اللازم لوجود القوات الفرنسية في المنطقة منذ العقد الماضي. [5]
الظاهر للعيان أن فرنسا استقرت في إفريقيا للحفاظ على النظام والأمن ومواجهة القاعدة في دول غرب إفريقيا، لكن المؤكد أن باريس سعت في الغالب إلى تأمين مصالحها في المنطقة، وعلى الرغم من الجدل الإعلامي الفرنسي منذ عام 2013 إلا أن باريس لم تحقق خطوات جادة في مجال مكافحة الجماعات الإرهابية في غرب إفريقيا وكانت سياست فرنسا تهدف بشكل أساسي إلى خلق الانقسام والتفرقة بين الجالية الإسلامية والمسيحية في غرب إفريقيا، مما أدى إلى تصاعد انعدام الأمن في القارة الأفريقية. [6]
وفي هذا الصدد قال إسوفو أحمد الناشط النيجيري، لسبوتنيك إن الدول الغربية وخاصة فرنسا هي مصدر الأزمة الأمنية التي تواجهها بعض الدول الأفريقية حاليا. [7]
وفقا للمركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية بعد التدخلات الأجنبية في إفريقيا، ارتفعت معدلات أحداث العنف المرتبطة بالجماعات الإرهابية في دول الساحل الأفريقي بنسبة 70 في المائة ، مسجلةً رقماً قياسياً جديداً للعنف المتطرف في إفريقيا في عام 2021 .
كشف رئيس الوزراء المالي مؤخرا عن أدلة على أن فرنسا دربت جماعات إرهابية في غرب إفريقيا. [8]
بالإضافة إلى المساهمة في عدم الاستقرار السياسي ودعم الانقلابات العسكرية والتمرد المسلح في بلدان النيجر وغينيا وليبيا ومالي وبوركينا فاسو و ... إنه مثال آخر على التدخل الفرنسي وحلفائها في البلدان الأفريقية. [9]
أدى وجود مثل هذه الظروف إلى احتجاج شعوب الدول الأفريقية المتكرر على استمرار وجود فرنسا في بلادهم.
إن الظروف الاستعمارية التي وجدت في الدول الإفريقية، إلى جانب التطورات العالمية وتزايد الإلمام بالمطالعة والقراءة وزيادة الوعي لدى الشعب وظهور جيل جديد من القادة، أدى إلى رفض هيمنة فرنسا أو غيرها من الدول الغربية وتتبع سياساتها، لذلك طالبت الدول الإفريقية بإنهاء الوجود العسكري الفرنسي في إفريقيا. [10]
[1] https://www.alef.ir/news/4010528028
[2] https://www.magiran.com/article/2598365
[3] https://www.irna.ir/news/84864183
[4] https://www.mizanonline.ir/fa/news/436686/
[5] https://www.alef.ir/news/4010528028
[6] http://arc.irib.ir/
[7] https://fr.sputniknews.africa/20230524
[8] https://www.pririb.ir/portal/newsview/58860
[9] https://farsi.iranpress.com/africa-i213825
[10] https://farsi.iranpress.com/africa-i227998