ثورة 21 يناير في مصر و فشل الإخوان المسلمين

يونيو 20, 2023 - 08:12
ثورة 21 يناير في مصر و فشل الإخوان المسلمين

       الحديث عن الثورة المصرية 2011، أو ثورة 25 يناير، أو يوم الغضب، لايختصرُ بمقال قصير ٍ ولكن سنعرض أهم الأحداث والأسباب التي واكبت إنطلاق الثورة حتى نهاية أحداثها مع سقوط حكم الإخوان المسلمين المتمثل بالرئيس محمد مرسي. حيث بدأت هذه الثورة تظهر في مصر مع بداية ظهور "الربيع العربي" كما أسموه، الذي سقطت أولى أحجاره في تونس (ديسمبر 2010)، والظاهر كما بدا آنذاك أنها أحجار دومينو خُططَ بحرفية عالية لإسقاطها واحدة تلو الأخرى حتى شملت معظم دول الوطن العربي وصولاً إلى مصر وسورية.

      في تاريخ 25من شهر يناير 2011م،  بدأت سلسلة المظاهرات والإحتجاجات في مختلف محافظات مصر حيث تزامنت مع الاحتفال بعيد الشرطة، وكان أهم أسبابها الوضع السيء في البلاد في ظل قانون الطوارئ، و انتشار البطالة وللمطالبة برفع الحد الأدنى من الأجور الأساسية و حل أزمة المساكن، وإرتفاع أسعار المواد الغذائية والفساد الكبير في أجهزة الدولة وسوء الظروف المعيشية، ودعت المظاهرات بشكل أساسي إلى حل مجلس الشعب وإقالة وزير الداخلية و إسقاط نظام الرئيس حسني مبارك، الذي تولى السلطة منذ 30 عام. [1]

     وفي 11 فبراير من نفس العام، أعلن نائب الرئيس عمر سليمان تنحي الرئيس مبارك عن منصب الرئاسة وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة ادارة شئون البلاد. وحسب المصادر الرسمية فقد غادر مبارك وعائلته القاهرة متجها إلى منتجع شرم الشيخ قبيل إعلان تنحيه.[2] وذلك بعد أن شهدت مصر احتجاجات وتظاهرات سلمية شديدة العنف من قبل المتظاهرين الذين طالبوا برحيله.

    تعد الثورة المصرية التي اندلعت في يناير 2011 من أهم وأبرز الثورات التي أدت إلى تنامي حركات الانتفاضات الشعبية في العالم العربي، وقد أثارت هذه الثورة العديد من التساؤلات حول قدرة الحكام العرب على الإستجابة لمطالب شعوبهم وتلبية احتياجاتهم من جهة، وقدرة أجهزة الدولة على مواجهة المخطط المرسوم من قبل الخارج الذي أقرّ به العديد من المحللين السياسيين تحت عنوان "المؤامرة" فتم استغلال غضب الشعوب ومطالبهم المحقة لتمرير المخططات الإستعمارية من جهةٍ أخرى.

     بعد عدة أشهر عاد ميدان التحرير في القاهرة ليشهد الكثير من الإحتجاجات ومظاهرات الغضب وحصلت فيه مواجهات كثيرة بين المتظاهرين ورجال الشرطة، وفي أحد أهم التجمعات احتشد نحو مليون ونصف المليون مصري بميدان التحرير للمطالبة بسرعة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك وأعوانه وإقالة مسؤولي الجامعات والمحافظات. وأطلق على تلك المظاهرة اسم "جمعة التطهير والمحاكمة" طالب المحتشدون بإنشاء مجلس رئاسي مدني عسكري يدير البلاد فترة انتقالية يتمكن خلالها من تحقيق مطالب الشعب واسترداد الأموال المنهوبة وحل المجالس المحلية والإفراج عن بقية المعتقلين وتطهير المؤسسات النقابية والإعلام من رموز الفساد. وأمر النائب العام المصري بتجميد أموال رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد.[3]

وشاركت في المظاهرات مجموعات كبيرة من القوى والتيارات الوطنية والسياسية مثل ائتلاف شباب الثورة، تحالف ثورة مصر، مجلس أمناء الثورة، الجمعية الوطنية للتغيير، حركة كفاية، حركة 6 أبريل، جماعة الإخوان المسلمين.

الرئيس مرسى أول رئيس منتخب بعد الثورة المصرية

     بعد الثورة المصرية التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير 2011، أجريت انتخابات رئاسية في مصر في عام 2012، وفاز فيها الدكتور محمد مرسي بأغلبية الأصوات. وقد تولى مرسي الرئاسة في يونيو 2012.

     وكان مرسي هو أول رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر، وقد وعد بتحقيق العديد من الإصلاحات والتغييرات في البلاد. ونشطت في تلك الفترة أحزاب سياسية وإسلامية جديدة أهمها "حزب الحرية والعدالة" وهو حزب الإخوان المسلمون الذي تزعمه لاحقاً  محمد مرسي وتم ترشيحه للإنتخابات الرئاسية ممثلاً للإخوان في مصر[4]. بالطبع مع بداية الحكم واجه مرسي الكثير من المشاكل خلال فترة رئاسته وخاصة في ظل التوتر الحاصل في البلاد وعدم ثبات الحياة السياسية حتى بعد وصوله للحكم، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

كيف تطورت الأحداث في الثورة المصرية وأدت الى سقوط الرئيس مرسى

    بعد فوز الرئيس محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية في يونيو 2012، بدأت الاحتجاجات تستمر في البلاد وتصاعدت التوترات السياسية، و قاد هذه الاحتجاجات قوى سياسية معارضة وجماعات شبابية، وكان من بين مطالبهم رحيل الرئيس مرسي وإجراء انتخابات جديدة.

     في عام 2013، شهدت مصر احتجاجات واسعة النطاق من قبل الشعب المصري ضد حكم مرسي، واعتبر الكثيرون أن سياساته وأساليبه لم تحقق النتائج المطلوبة. وفي 3 يوليو 2013، قادت القوات المسلحة الانقلاب العسكري وأطاحت بالرئيس مرسي من السلطة. وبعد الانقلاب العسكري، تولى الفريق عبد الفتاح السيسي السلطة في مصر، وأجريت انتخابات رئاسية جديدة في عام 2014، فاز بها السيسي بأغلبية ساحقة من الأصوات. ومنذ ذلك الحين، استمرت مصر تحت حكم السيسي حتى تاريخه.[5]

ماهي أسباب سقوط الرئيس محمد مرسى

      أن عدم تقبل الشعب المصري لتعصب جماعة الإخوان المسلمين وسعيهم لفرض رؤيتهم الدينية والسياسية على المجتمع المصري كان أحد أهم الأسباب الرئيسية التي أدت إلى سقوط حكمهم.

      فقد كان هناك تسلط واضح للإخوان المسلمين على المؤسسات الحكومية والقضائية في فترة حكمهم، مما أثار انتقادات واسعة من قبل المعارضين لهذا النمط الحاكم. كما أن جماعة الإخوان المسلمين سعت بشكل واضح إلى تغيير هوية مصر وجعلها دولة دينية بحتة، وهذا الأمر لم يجد استحسانًا كبيرًا لدى الكثير من المصريين الذين يرون أن مصر هي دولة متعددة الثقافات والديانات. كما أن سياسات حكم الإخوان المسلمين، خلال فترة ولايتهم، لم تحقق التنمية المطلوبة في البلاد، ولم تلبِّ رغبات المصريين الذين كانوا يطالبون بتوفير فرص عمل أفضل وزيادة الإنتاجية. وكان ذلك سببًا مهمًا في انتشار حملات المعارضة ضد حكم الإخوان المسلمين وتصاعد التوترات السياسية في البلاد.

     وفي نهاية المطاف، أدت هذه العوامل إلى انتشار حملات المعارضة ضد حكم مرسي، وتزايد الاحتجاجات والمظاهرات التي دفعت الجيش المصري لإطاحة مرسي بالقوة في 3 يوليو 2013.

اللافت في الأمر أنه عقب سقوط الرئيس محمد مرسي في يوليو 2013، كانت هناك مجموعة من التصريحات التي صدرت عن الصحف العالمية:

1- صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية: "إن الانقلاب المصري قد يكون أكثر تدميرًا من الثورة التي أدت إلى إطاحة حسني مبارك".

2- صحيفة "غارديان" البريطانية: "يجب أن يكون العالم مهتمًا بالمصير المؤسف للديمقراطية المصرية، فقد خسرت مصر فرصة ثمينة للنمو الديمقراطي".

3- صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: "يجب على العالم أن يتخذ إجراءات لتحفيز التغيير في مصر، وتوفير الدعم اللازم للدول التي تسعى للديمقراطية".

4- صحيفة "لوموند" الفرنسية: "الانقلاب العسكري في مصر يشكل انتهاكًا خطيرًا للشرعية الديمقراطية، وينذر بانزلاق البلاد إلى الفوضى والاستقرار المتأرجح".

وهذا الضخ الإعلامي إن دلّ على شيء يدلُّ على أن هناك تدخل خارجي يؤثر على تغير الحكومات في الدول التي فُرضَ عليها الربيع العربي بحجة نشر الديمقراطية، وإنهم قادرين على تحريك الشعوب في أي دولة من خلال الثغرات الموجودة فيها واستغلال للمطالب المحقة لركوب موجة المظاهرات وإحداث زلزال سياسي بين أي شعب وحكومته.

حسام السلامة


[1] https://arabic.cnn.com/2011/middle_east/1/25/egypt.brace/

[2] https://www.bbc.com/news/world-middle-east-12433045

[3] https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2011/04/110408_cairo_demonstrations

[4] https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2014/6/24/%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9

[5] https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2013/07/130703_egypt_futuremap_new