نيجيريا على حافة الانهيار؟

لقد ظل شعب نيجيريا يعاني لسنوات طويلة من أزمات مختلفة. وعلى الرغم من أن هذا البلد استطاع أن يتخطى الإنقلابات في أفريقيا إلى حد كبير و كان له دائمًا دور متوازن ومهم في غرب إفريقيا وبقي يُعرف بالأخ الأكبر في هذه المنطقة. لكن يبدو أن نطاق الأزمات والتوترات الداخلية امتد ليجعل هذا البلد وشعبه يدفع الثمن غالياً.

ينايِر 16, 2024 - 07:03
نيجيريا على حافة الانهيار؟
نيجيريا على حافة الانهيار؟

لقد ظل شعب نيجيريا يعاني لسنوات طويلة من أزمات مختلفة. وعلى الرغم من أن هذا البلد استطاع أن يتخطى الإنقلابات في أفريقيا إلى حد كبير و كان له دائمًا دور متوازن ومهم في غرب إفريقيا وبقي يُعرف بالأخ الأكبر في هذه المنطقة. لكن يبدو أن نطاق الأزمات والتوترات الداخلية امتد ليجعل هذا البلد وشعبه يدفع الثمن غالياً.

الأزمات الكبيرة

واجهت نيجيريا أزمات مختلفة في العقد الماضي. من الحرب الأهلية والتوتر في القضايا البيئية إلى التحديات الاقتصادية المختلفة والصراعات العرقية التي لا تزال تلقي بظلالها على هذا البلد.[1]لكن في هذه الأثناء، يبدو أن الأزمة الأمنية التي سببتها جماعة بوكو حرام الإرهابية وأزمة شرعية الحكومة الجديدة أكثر أهمية من البقية. وتسعى جماعة بوكو حرام، المعروفة باسم داعش أفريقيا، إلى إقامة دولة إسلامية في غرب أفريقيا. ورغم أن هذه الجماعة قد ضعفت في السنوات الأخيرة ولم يعد لديها القوة القتالية كما كانت من قبل، إلا أنها لا تزال تشكل قضية مهمة في الأمن القومي لنيجيريا، وتقوم بأعمال إرهابية وتقتل الناس في المناطق القريبة من بحيرة تشاد. وقد بذل الجيش النيجيري جهودًا كبيرة للتعامل مع هذه المجموعة، لكنه لم يتمكن من حل هذه المشكلة بشكل كامل.

إلى جانب هذه الأزمة، هناك قضية كبيرة أخرى وهي الحكومة النيجيرية الجديدة. وفي نيجيريا، عادة ما تدار الحكومات بشكل دوري من قبل المسلمين ثم المسيحيين، إلى جانب ذلك، عادة ما يختار الرئيس النائب الأول للرئيس من أحزاب المعارضة من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية في هذا البلد الهش. لكن هذا الإجراء لم يتم اتباعه في انتخابات 2023 وتم تنصيب حكومة إسلامية مرة أخرى وحتى الرئيس تينوبو اختار نائبه الأول من حزبه. وأدت هذه الحادثة إلى حصوله على أضعف الأصوات في تشكيل الحكومة في نيجيريا وأصبح رئيسا بحصوله على أكثر من 30% فقط من الأصوات[2].

اللاعبون العالميون ينتظرون الإجراءات الحكومية

إن الحكومة النيجيرية تواجه اختباراً صعباً، وبالإضافة إلى اتخاذ المزيد من التدابير البناءة في مجالي الاقتصاد والسياسة الداخلية، يتعين عليها أيضاً أن تفكر في نوع من التعامل مع القوى الكبرى. إن دور القوى العظمى في تأمين مصالح الحكومات في أفريقيا لا يخفى على أي من سياسيي هذه القارة. وهم يعلمون أنه من أجل تعزيز أجندتهم وأهدافهم، يجب أن يكون لديهم تعاملات وثيقة وبناءة مع القوى العظمى مثل روسيا والصين والولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، تسعى الحكومة النيجيرية إلى تعظيم مصالحها فيما يتعلق بالقوى العظمى، وتحتاج حكومة هذا البلد إلى تعاون وثيق مع الصين لتعزيز برنامج السكك الحديدية، ويمكن للصين أن تكون شريكًا عسكريًا موثوقًا لنيجيريا. وفي الواقع، فإن الحكومة النيجيرية، إدراكاً منها لأهمية موقعها، تسعى إلى تعاون واسع النطاق مع القوى الكبرى، وهذا التعاون الوثيق مع الصين يمكن أن يكون مفيداً لها في مجال التعاون مع الولايات المتحدة.

وإلى جانب الصين، وهي مستثمر اقتصادي مهم لنيجيريا، تبحث الولايات المتحدة عن دور أقوى في نيجيريا، وربما لهذا السبب وعدت هذه الدولة نيجيريا بمساعدات نقدية إنسانية وبعض المعدات العسكرية منذ عام 2016 حیث وعدت أن تسلمها لحكومة نيجيريا الجديدة. ويبدو أن الولايات المتحدة تسعى إلى الهيمنة على الوضع الاقتصادي ومشاريع هذا البلد بالإضافة إلى التعاون العسكري مع نيجيريا، وهي مسألة يمكن أن تكون مصدر خلاف بين الحكومتين، وتسعى الولايات المتحدة فعلياً إلى القضاء على دور الصين في هذا البلد. لأن الوجود الصيني من الممكن أن يهدد مصالح أميركا على المدى الطويل في هذه المنطقة. [3]ولذلك، ليس من المستبعد أن تستخدم الولايات المتحدة أدوات حقوق الإنسان للضغط على حكومة نيجيريا إذا لم تنجح في التأثير عليها. إلى جانب ذلك، يمكن للولايات المتحدة أن تفعل أشياء مختلفة في توفير الأمن عن طريق دعم الجيش النيجيري. ويتعين علينا أن نرى ما إذا كانت الولايات المتحدة ونيجيريا قادرتان على التوصل إلى فهم مشترك للقضايا الثنائية أو ما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تتبنى نهجاً آخر غير الدبلوماسية.

وإلى جانب هاتين القوتين العظميين أمريكا والصين، تتطلع أوروبا أيضًا إلى تصرفات الحكومة النيجيرية للقضاء على الانقسامات القوية والصراعات الإقليمية في هذا البلد.كما تعد مسألة منع تسرب النفط الخام في دلتا النيجر من القضايا المهمة التي تناقشها الحكومة النيجيرية، وكيف تريد إدارتها، وتنتظر أوروبا حل هذه القضية كأولوية مهمة. وبحسب الرئيس فإن حكومة هذا البلد تسعى إلى تحسين البيئة وتحسين الوضع الاقتصادي والقضاء على الحروب الأهلية. إنها مسألة يجب النظر إليها بالنظر إلى كيفية تحولها من الأقوال إلى الأفعال، وكيف ستنتهي. وإذا فشلت حكومة هذا البلد في الوفاء بمعظم وعودها، فمن المرجح أن تنجر البلاد إلى حرب أهلية أصعب، مما قد يؤدي إلى انهيار الحكومة في أسوأ الأحوال.

امين مهدوي


[1] crisisgroup.org

[2] aljazeera.com

[3] nationalinterest.org