عودة قطر إلى الملف اليمني

عودة قطر إلى الملف اليمني

Aug 15, 2023 - 10:39
Aug 15, 2023 - 10:40
عودة قطر إلى الملف اليمني
عودة قطر إلى الملف اليمني

     سعت قطر في السنوات الأخيرة إلى تحسين وضعها وتعزيز مكانتها في المنطقة والعالم. وإدراكًا من رجال الدولة فيها بمحدودية الجغرافية والديموغرافية القطرية، فقد وجد حكام هذا البلد أن الوساطة والحياد الإيجابي والتوسط هو النهج المناسب لأداء دور مهمٍ يعزيز موقفهم.

كما أن قضية اليمن تعتبر من القضايا الإقليمية التي تحاول قطر أن تلعب فيها دورًا فريدًا ومميزاً. حيث يمكن دراسة نهج قطر تجاه الأزمة اليمنية في ثلاثة أطر زمنية، لأن موقف الدوحة في كل من هذه المراحل الزمنية يختلف بشكل واضح عن الأوقات الأخرى. منذ بداية الأزمة اليمنية حتى عام 2017، دعمت قطر، على غرار جيرانها العرب، حكومة منصور هادي المستقيلة وعارضت صعود أنصار الله إلى السلطة في اليمن. في عام 2017، فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر عقوبات على قطر بسبب ما اعتبروه سياساتها التعسفية في المنطقة. وبعد المملكة العربية السعودية قطعت الحكومة اليمنية المستقيلة أيضاً العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة. دفع الحظر المفروض على قطر قادة هذا البلد إلى تبني نهج أكثر استقلالية في سياستهم الخارجية. قاد تحالف قطر مع تركيا الدوحة إلى دعم حزب الإصلاح وهو الفرع اليمني للإخوان المسلمين، وأدت المواجهة بين قطر والسعودية والإمارات إلى دعم قطر لأنصار الله ضد الحكومة المستقيلة. كما تم إنشاء مكتب الجزيرة في صنعاء، وكانت التغطية الإعلامية لأحداث اليمن من قبل قناة الجزيرة دعماً لأنصار الله بالكامل ، وبهذه الطريقة بالإضافة إلى تقديم الدعم المالي لأنصار الله، استخدمت قطر قوتها من خلال الحرب الناعمة من أجل مساعدتهم ودعمهم. في عام 2021 بعد "اتفاق العلا" استؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين قطر ودول الحظر (دول الخليج). بعد هذا الحدث، انخفض الدعم القطري المفتوح لأنصار الله، والذي كان يهدف إلى مواجهة السعودية والإمارات في الأساس.[1] 

مع إنجاز اتفاق العلا، أفسحت المنافسة السابقة الطريق لمنافسة جديدة؛ كانت الإمارات العربية المتحدة غير راضية بشكل واضح عن الضغط السعودي لرفع الحصار عن قطر، على الرغم من عدم تلبية قطر لأي مطلب من المطالب الرباعية المتفق عليها سابقاً، لا سيما فيما يتعلق بعلاقات قطر مع الإسلاميين. كما ظهرت بشكلٍ واضح أكثر من السابق خلافات السعوديون والإماراتيون بشأن حرب اليمن التي دخلوا فيها كائتلاف قبل ثماني سنوات. واستبعدت السعودية الإمارات من المفاوضات مع جماعة أنصار الله اليمنية، كما قاتلت القوات اليمنية التابعة للإمارات مع القوات التابعة للسعودية في عدة أجزاء من اليمن ، بما في ذلك حضرموت. يعتبر اليمن بكل ملفاته مجرد جزء من الخلافات بين السعوديين والإماراتيين.[2] بسبب هذه الظروف، سعت قطر تدريجياً إلى زيادة وجودها ونفوذها في اليمن من خلال الاقتراب من المملكة العربية السعودية بسبب المزيد من الخلافات مع الإمارات وكذلك القوة المتفوقة للمملكة العربية السعودية مقارنة بالإمارات العربية المتحدة.

وفي هذا الصدد ، أُعلِن في 29 يوليو / تموز 2023 بعد اجتماع استمر يومين في محافظة "مأرب" اليمنية ، عن وجود مجلس يتألف من عدة ممثلين من مختلف المحافظات ، وسمي باسم "المجلس الأعلى للمقاومة". ويرأس هذا المجلس "حمود سعيد المخلافي" الذي كان يعتبر في السابق ممثلا لقطر وتركيا في اليمن. "عبد الحميد محمد عامر" نائب الرئيس لشؤون المحافظات والمقاومة "محمد أحمد ورق" نائب الرئيس للشؤون الإنسانية والقانونية "عبد الرقيب الصبيحي" نائب الرئيس للشؤون الإعلامية "رمزي محروس" نائب الرئيس لشؤون الخدمات والإيرادات. و "شوقي محمد السنحاني" نائبا للعلاقات السياسية والعلاقات العامة للرئيس بالإضافة لأعضاء آخرين في هذا المجلس.

حمود سعيد قاسم المخلافي من مواليد عام 1964 من منطقة الرحبة بمحافظة تعز غربي اليمن. تخرج من كلية الشريعة في جامعة صنعاء وعاش في تعز لفترة طويلة وعمل ضابطا في قسم الأمن السياسي. في عام 2015، قامت جماعة الإخوان المسلمين بتسمية "حمود المخلافي" كشخصية بارزة وعينته تحت لقب "الشيخ حمود المخلافي" قائداً لجماعة تسمى "المقاومة الشعبية"، الذي أصبح فيما بعد حاكماً لمدينة تعز و مشرفاً على معسكرات الاخوان المسلمين فيها. كان معسكر "يفارس" في جبل حبسين ومنطقة الأربعين شمال تعز من أكبر معسكرات الإخوان المسلمين لحمود المخلافي، وأسس جيشا مدرباً قوامه 5000 شخص واسماه "جيش حمد" يسيطر بشكل كامل على تلك المناطق.[3]

وبحسب بعض التقارير فقد تلقى 80 مليون دولار من الحكومة اليمنية الهاربة لمحاربة أنصار الله، وبتلك الأموال تشكل جيش " الحمد"، وهو ذراع قطر وتركيا في اليمن. في عام 2017 بعد فرض الحصار والعقوبات من قبل العديد من دول الخليج العربي بقيادة السعودية، خرجت قطر من التحالف العربي المعتدي على اليمن وأوقفت أنشطتها التي كانت تحت إشراف المخلافي.

ولاقى الإعلان عن تشكيل "المجلس الأعلى للمقاومة" برئاسة المخلافي ترحيباً سعودياً ، ومن خلال متابعة الفضاء السيبراني وآراء الخبراء والمحللين المقربين من الحكومة السعودية يظهر ارتياحهم من ذلك، ويمكن لعودة قطر إلى الميدان أن تحمل الكثير من أعباء القتال عن أكتاف الرياض ضد الإمارات في اليمن لأن أبو ظبي كانت تأمل في السيطرة على مناطق أوسع من اليمن بعد انسحاب قطر.[4]

حاليًا تخوض السعودية والإمارات مواجهة شرسة في اليمن ، وتشعر الرياض أن أبو ظبي طعنتها في الظهر ، وبالتالي فإن عودة قطر يمكن أن تقوي الجبهة السعودية ضد الإمارات، وربما تمهد الطريق لموطىء قدمٍ لتركيا أيضًا في هذا البلد.

 محمدصالح قربانی

[1] mdeast.news

[2] crisisgroup.org

[3] syaaq.com

[4] Irna.ir