العلاقة الجديدة بين طهران وموسكو في ظل العقوبات
العلاقة الجديدة بين طهران وموسكو في ظل العقوبات
قبل أن تبدأ الأزمة الأوكرانية بعام تقريباً، كثرت أخبارُ العقوبات الجديدة ضد روسيا من قبل الغرب في وسائل الإعلام العالمية كل يوم. على الرغم من أن العقوبات المناهضة لروسيا أثرت سلباً على اقتصاد موسكو بنسبة 2.1 بالمئة، إلا أن هذه النسبة تبتعدُ لحدٍ كبير عن توقعات الغرب البالغة 15 في المائة، والتي تكشف بوضوح عن فشل سياسة العقوبات ضد الكرملين.
قبل بداية الأزمة الأوكرانية، تم فرض 2500 عقوبة على موسكو ، ولكن بعد أن بدأت الأزمة، تم فرض 11000 عقوبة إضافة إلى العقوبات السابقة ضد موسكو في العام الماضي وحده، وذلك وفقا لموقع "تاجسشاو" (أحد المواقع التابع للتلفزيون الوطني الألماني). لذلك منذ بداية الحرب الأوكرانية، تحاول أكثر من 40 دولة حول العالم فرض عقوبات على موسكو بطرق متعددة.[1]
منذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أكد ناشطون اقتصاديون وتجاريون أنه بسبب تدني مستوى العلاقات بين روسيا و الدول الأوروبية بالإضافة إلى العقوبات المفروضة على موسكو ، فقد تم إيجاد فرصة مناسبة لطهران وموسكو لاستغلال سوق بعضهما البعض بشكل أكبر. بعد الحرب في أوكرانيا ترك عدد كبير من الشركات واصحاب العلامات التجارية روسيا، حيث غادرت بعض تلك الشركات البلاد بشكل مؤقت وبعضها الآخر بشكل دائم. لذلك فقد أوجدت كل تلك الأحداث المذكورة فرصة جادة ومناسبة لإيران ورجال الأعمال الإيرانيين للدخول في السوق الروسية، بحيث يمكن للفعاليات الاقتصادية إرسال منتجاتهم إلى السوق الروسية وزيادة الصادرات من خلال التجارة بالعملة الوطنية للبلدين.
نظرًا لموقعها الجيوسياسي والجيواستراتيجي، تمكنت إيران من مساعدة روسيا في الالتفاف على العقوبات. من بين تلك المساعي الرامية لكسر الحصار كان التعاون بين إيران وروسيا لتخفيف ضغط العقوبات على تجارة النفط وتشمل جهود إيران في تأمين نقل المواد النفطية من سفينة إلى سفينة أخرى أو ما يشار إليه بأسطول الأشباح في وسائل الإعلام الغربية، ثم يتم تحويل الأموال عبر شبكات نقدية معقدة بين الطرفين. [2]
وأيضاً نظرًا لأن أكثر البلدان شراء للحبوب الروسية هم الجزائر ومصر وإيران وإسرائيل وليبيا وباكستان والمملكة العربية السعودية والسودان وتركيا، ويجب أن تصل الحبوب إليهم عبر مضيق البوسفور – الذي يقع تحت سيطرة تركيا- يخضع هذا المضيق من الناحية الفنية لحدود الناتو، وموسكو قلقة من أن التحالف سيحد من وصولها لهذا المضيق. وقد قطعت تركيا بالفعل وصول السفن الحربية الروسية إلى هذا المضيق. وإذا تعرض الوصول إلى المضيق للخطر بشكل أكثر من ذلك، فقد تسمح إيران لروسيا بوصول منتجاتها إلى العديد من هذه الأسواق بشكل أكثر فعالية عبر خطوط السكك الحديدية. [3]
في غضون ذلك، من أهم الثغرات الموجودة في العلاقات التجارية والنقل والعبور بين البلدين هي عدم استكمال خط سكة حديد رشت - أستارا من قبل إيران، وهو الحلقة المفقودة في الممر لخط السكك الحديدية بين الشمال والجنوب (INSTC) التي تعتبر إيران وروسيا من أعضائها الرئيسيين. سيؤدي إكمال هذا المشروع إلى إحداث تغييرات هائلة في حجم تجارة إيران وعبورها ليس فقط مع روسيا ولكن أيضًا مع دول أوراسيا كلها.
يعتبر خط سكة حديد رشت أستارا أحد مشاريع السكك الحديدية ذات الأولوية في إيران. وتقدر تكلفة استكمال هذا الخط الحديدي بنحو 800 مليون يورو، وبناءًا على رغبة روسيا في المشاركة في استكمال مشروع السكة الحديد هذا ، فإن إيران تتابع بناء هذا الممر التجاري. وتهتم الحكومة الروسية بالمشاركة في استكمال خط سكة حديد رشت - أستارا للمساعدة في تمويل استكمال خط سكة الحديد على شكل قرض أو طرق أخرى. لهذا السبب أجريت في الأشهر الأخيرة مفاوضات مع الحكومة الروسية من أجل تطوير العبور والنقل بين البلدين.[4]
زار إيغور ليفيتين، المبعوث الخاص لبوتين ومستشاره، طهران مرتين في عام 2023 وقام بما مجموعه خمس زيارات في الأشهر الستة الماضية. وفي رحلته الأخيرة ، التقى ليفيتين بشخصيات إيرانية من بينها محمد مخبر ، النائب الأول للرئيس ورئيس فريق التنسيق الاقتصادي للحكومة ، وعلي شمخاني ، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي. ترتبط رحلات ليفيتين المتكررة بالمفاوضات بين طهران وموسكو لاستكمال ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب INSTC)).
وفقًا لمجلة فورين بوليسي، حاليًا هناك الكثير من الأمل في توسيع العلاقات الاقتصادية بين إيران وروسيا كهدف رئيسي للعقوبات الغربية. INSTC هو مشروع يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تغيير هندسة عبور البضائع في المنطقة.
تريد إيران أيضًا استخدام INSTC لتصدير سلعها الزراعية إلى السوق الروسية إلى الحد الذي يمكنها من منافسة السلع الزراعية التركية. ولهذا يمكنها أن تعتبر INSTC عرضًا مربحًا للجانبين.[5]
أخيرًا، يجب القول إن هناك العديد من العوامل التي تدخل في التعاون بين إيران وروسيا. بالإضافة إلى الوضع السياسي، هناك عوامل أخرى مثل الموارد الطبيعية الهائلة المتاحة في البلدين وخاصة النفط والغاز والقوى البشرية والقدرات العسكرية والتأثيرات الإقليمية والعوامل الدولية ، جعلت العلاقات بين موسكو وطهران تحظى بأهمية خاصة. على الرغم من أن العلاقات الاستراتيجية والمتوسعة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا، وفقًا لمسؤولين وكبار خبراء البلدين، هي علاقات جديدة لا تنفصم وأن العلاقات بين الجارتين لم تكن أبدًا على مستوى ونوعية العلاقات الحالية، ولكن تعزيز التعاون والتنسيق بين الطرفين ضروري ويتطلب إرادة متبادلة.[6]على الرغم من أن إيران وروسيا قد توصلتا إلى طريقة للحد من تأثير العقوبات، إلا أن الضغط على اقتصاد كلا البلدين مستمر وكبير وقد أصبح مطلبًا ملحاً لإنشاء آليات ومنظمات موازية وشبيه للبريكس.[7]
1. https://www.mashreghnews.ir/news/1497243/
2. https://www.imna.ir/news/675004
3. https://www.eghtesadnews.com/fa/tiny/news-571305
4. https://www.tahlilbazaar.com/news/202748
5. https://www.eghtesadnews.com/fa/tiny/news-571305
6. https://www.tahlilbazaar.com/news/202748
7. https://www.imna.ir/news/675004
