الأرباح الضخمة للولايات المتحدة من الحرب في أوكرانيا

دخلت حرب أوكرانيا عامها الثالث مع تولي ترامب منصبه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً، وقد أثبتت السياسة التي انتهجها كرئيس جديد لأمريكا تجاه أوكرانيا أن هدف بدء النزاع بين روسيا وأوكرانيا كان في المقام الأول بسبب مصالح الولايات المتحدة وهو ما لم يكن بعيدًا عن الذهن بالنظر إلى التطورات والأحداث المحيطة بالحرب خلال السنوات الثلاث الماضية.

قبل ستة وثلاثين شهرًا دخلت أوكرانيا الحرب ضد روسيا متحمسةً بوعود دعم البيت الأبيض وتكبدت خسائر كبيرة دون أن تحقق أيًا من أهدافها. على الرغم من أن الولايات المتحدة حاولت بطريقة ما إظهار دعمها من خلال تقديم حزم مساعدات لكييف إلا أن الهدف الحقيقي كان تحقيق أرباح ضخمة من هذه الحرب، إذ أن "اقتصاد الحرب" الجشع للولايات المتحدة قد جلب دائمًا منافع هائلة للمجمع العسكري الأمريكي، في حين أدى في الوقت ذاته إلى دمار ومعاناة العديد من البلدان، وهكذا تدور عجلة الشر بين "الحرب وأرباحها" ولم تكن الحرب الأوكرانيا استثناءً من هذه القاعدة.(1)

مع بداية حرب أوكرانيا ازدهر أحد أهم القطاعات في الولايات المتحدة وهو صناعة الأسلحة. وفقًا للتقارير الصادرة منذ بداية الحرب حققت شركات السلاح الأمريكية أرباحًا كبيرة وارتفعت القيمة السوقية للمنتجين الرئيسيين للمعدات العسكرية في الولايات المتحدة بشكل مذهل.

ووفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة الاستشارات المالية والاستراتيجية "Accuracy"، فإن أداء سبع شركات رئيسية أمريكية في هذه الصناعة منذ بدء حرب أوكرانيا في فبراير 2022 قد أظهر زيادة تقارب 60%، حيث تبرز شركات أمريكية مثل "هانيول إنترناشيونال"، و"أل 3 هاريس"، و"جنرال دايناميكس"، و"نورثروپ غرومان"، و"لوكهيد مارتن"، و"آر تي إكس كوربوريشن"، و"هنتنغتون إنغالس" في طليعة هذا القطاع.(2) 

علاوةً على الأرباح الضخمة التي حققتها الولايات المتحدة من ازدهار صناعة الأسلحة سعت أيضًا إلى استخدام ظروف حرب أوكرانيا للسيطرة على سوق الطاقة عالميًا. في الواقع بعد أن تحولت الولايات المتحدة من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة للنفط والطاقة كانت تسعى للسيطرة على أكبر دول إنتاج النفط في العالم أو لطرد المنتجين المتمردين من السوق. ومن هذا المنطلق عملت الولايات المتحدة على إزاحة موسكو كقوة عظمى من السوق وفي الوقت نفسه سعت إلى جعل أوروبا تعتمد على أمريكا في مجال الطاقة بدلاً من الاعتماد على روسيا ليكون جميع الدول تحت إجماع عالمي يقوده هذا البلد.(3)
 
في هذا السياق أظهرت البيانات الأولية لشركة LSEG المالية أن نحو 9 شحنات من كل 10 شحنات تم تصديرها من الولايات المتحدة توجهت إلى أوروبا في حين بلغت إجمالي الصادرات إلى جميع الدول في الشهر الميلادي الماضي 8.46 مليون طن.(4)
 
في صناعات أخرى أيضًا سعت الولايات المتحدة إلى استخدام الظروف التي خلقتها الحرب الأوكرانية للإطاحة بأوروبا وكان أهم إجراء لذلك هو تخصيص صندوق من الأموال لصالح الشركات الأجنبية، و الحقيقة هي لنقل تلك الشركات الناشطة في مجال الطاقة المتجددة وإنتاج السيارات الكهربائية إلى هذه البلاد في أمريكا الشمالية. وقد أدى ذلك إلى تضرر الاقتصاد الأوروبي بشكل كبير.(5)

وبناءً على ما تم الإشارة إليه يمكن القول باختصار حول الحرب الأوكرانية وآثارها إن هذه الحرب قد أسفرت عن عدة خسائر. أولاً، الشعب الأوكراني الذي أصبح ضحية للسياسات الاستفزازية للولايات المتحدة على مدى السنوات الثلاث الماضية والآن يطلب الرئيس الأمريكي الجديد موارد أوكرانية ثمينة ونادرة من أجل إنهاء هذه الأزمة ويُهين الرئيس الأوكراني لتحقيق أهدافه. وفي هذه الأثناء تعرضت الدول الأوروبية نتيجة اعتمادها الشديد على الطاقة الروسية أكثر من سواها للضرر من الحرب الأوكرانية. 

إن العقوبات الواسعة التي فرضتها أوروبا جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة على قطاع النفط والغاز الروسي خلال هذه الفترة لم تؤدي فقط إلى وقف آلة الحرب الروسية بل أدت أيضًا إلى ارتفاع أسعار مصادر الطاقة مما جعل الدول الأوروبية تتكبد ضررًا أكبر من روسيا بسبب هذه العقوبات. وقد شملت النتائج الاقتصادية للحرب الأوكرانية على أوروبا انخفاض النمو الاقتصادي وزيادة شديدة في التضخم بحيث أصبحت غير مسبوقة خلال 40 عامًا وأزمة طاقة وزيادة قيمة فواتير الكهرباء والغاز وإفلاس عشرات الآلاف من الشركات، بالإضافة إلى اندلاع إضرابات وتظاهرات واسعة النطاق وهذه فقط بعض من النتائج الاقتصادية للحرب الأوكرانية على أوروبا.

مرضية شريفي

1-  https://persian.cri.cn/2024/09/14/ARTI3Ewy0I7Jb7auU6w7ybP9240914.shtml
2- /https://parsi.euronews.com/2024/08/27
3-  /https://www.irna.ir/news/84955921
4-  https://www.isna.ir/news/1403111612097
5-  https://www.irna.ir/news/85037670