المملكة العربية السعودية في مسار التحول الاقتصادي

في السنوات الأخيرة اتخذت المملكة العربية السعودية قرارات استراتيجية في سعيها للتحول إلى دولة تنموية ومتقدمة. لقد جعلت المملكة من التنمية الاقتصادية محور استراتيجيتها للتحول إلى مركز عالمي للتجارة والاستثمار واعتبرت ذلك كأهم أداة لمنح الشرعية لنظامها السياسي. تهدف رؤية 2030 بالمملكة إلى تقليل الاعتماد على النفط، والتركيز على تنويع الاقتصاد وإنشاء بنى تحتية جديدة.

مارس 12, 2025 - 10:50
المملكة العربية السعودية في مسار التحول الاقتصادي
المملكة العربية السعودية في مسار التحول الاقتصادي

في السنوات الأخيرة اتخذت المملكة العربية السعودية قرارات استراتيجية في سعيها للتحول إلى دولة تنموية ومتقدمة. لقد جعلت المملكة من التنمية الاقتصادية محور استراتيجيتها للتحول إلى مركز عالمي للتجارة والاستثمار واعتبرت ذلك كأهم أداة لمنح الشرعية لنظامها السياسي. تهدف رؤية 2030 بالمملكة إلى تقليل الاعتماد على النفط، والتركيز على تنويع الاقتصاد وإنشاء بنى تحتية جديدة.

في عام 2022 حققت المملكة العربية السعودية صادرات بلغت 362 مليار دولار واستوردت 169 مليار دولار مما جعلها تحتل المرتبتين 23 و32 عالميًا على التوالي. وقد أدى مستوى التجارة هذا إلى وضع المملكة في المرتبة السابعة عشرة عالميًا من حيث الناتج المحلي الإجمالي والمرتبة السابعة والثلاثين من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. تُظهر هذه الإحصاءات أن السعودية اتخذت خطوات فعالة نحو تحقيق أهدافها الاقتصادية.

أحد الأهداف الرئيسية لرؤية 2030 هو جذب الاستثمارات الأجنبية. وقد سعت المملكة في السنوات الأخيرة لزيادة حصة الاستثمار الأجنبي في الناتج المحلي الإجمالي من 3.8% إلى 5.7%. ولجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة أجرت المملكة تغييرات رئيسية في قوانينها وإجراءاتها. على سبيل المثال تم تسريع عملية إصدار تراخيص الاستثمار وأصبحت التراخيص الضرورية تُصدر في فترات زمنية أقصر مقارنة بالماضي.

علاوة على ذلك تسعى السعودية من خلال إطلاق منصة "استثمر في السعودية" وإنشاء لجنة حكومية "تيسير" إلى تسهيل بيئة الأعمال للمستثمرين الأجانب وتسريع عملية الاستثمارات. وقد وفرت هذه الإجراءات بيئة مناسبة للمستثمرين بالإضافة إلى توقيع 25 اتفاقية استثمار ثنائية و51 اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي مع دول مختلفة. 
 
محور رئيسي آخر في رؤية 2030 هو تطوير البنية التحتية وتعزيز قطاع اللوجستيات في المملكة. وقد استثمرت السعودية حتى الآن أكثر من 106 مليارات دولار لتطوير بنيتها التحتية اللوجستية. يهدف هذا الاستثمار إلى زيادة القدرة على النقل البري والجوي والبحري، بالإضافة إلى تسهيل عمليات الاستيراد والتصدير. نظرًا لموقع المملكة الاستراتيجي في منطقة غرب آسيا تخطط السعودية لزيادة سعة الشحن الجوي إلى 6 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2030.
  
بالإضافة إلى ذلك تسعى السعودية لتصبح واحدة من المراكز المهمة للنقل واللوجستيات العالمية التي تربط آسيا وأوروبا وأفريقيا. لتحقيق هذا الهدف تم تصميم خطط جديدة للبنية التحتية تشمل إنشاء مناطق اقتصادية خاصة ومدن اقتصادية.
يعتبر صندوق الاستثمارات العامة في السعودية واحدًا من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم. وقد بلغت الأصول التي يديرها هذا الصندوق في عام 2022 نحو 620 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل هذه القيمة إلى 1950 مليار دولار بحلول عام 2030. يهدف هذا الصندوق إلى نقل المملكة من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع قائم على الاستثمارات.

في هذا السياق تولي المملكة العربية السعودية اهتماماً خاص بقطاع التعدين خاصة المواد المعدنية الحيوية. تمتلك المملكة موارد معدنية محتملة بقيمة 2.5 تريليون دولار وتسعى لتطوير هذه الاحتياطيات لاسيما في مجال المواد المعدنية الانتقالية التي تعد ضرورية لإنتاج الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية. من أجل تعزيز قدراتها في هذا القطاع، وقد بدأت السعودية تعاوناً مع عدة دول بما في ذلك المملكة المتحدة. 

في الشهر الماضي أعلنت المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة عن توقيع اتفاقية مهمة في قطاع المواد المعدنية الحيوية. تم التوقيع على هذه الاتفاقية خلال مؤتمر "المعادن المستقبلية" في الرياض وتهدف إلى تعزيز سلاسل التوريد وجذب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص جديدة للأعمال التجارية البريطانية.

هذا التعاون في مجال المعادن مثل النحاس والليثيوم والنيكل يتماشى تمامًا مع استراتيجية المملكة العربية السعودية لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن مصادر الهيدروكربونات. وتقدم هذه الاتفاقية المملكة كنوع من المراكز العالمية في تجارة المواد المعدنية الحيوية مما يضعها في مركز الجهود لتلبية الطلب العالمي المتزايد.

ترتكز السعودية في إطار رؤية 2030 على تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية. وتسعى المملكة من خلال توقيع اتفاقيات مختلفة في مجال المعادن وبخاصة النحاس والليثيوم والنيكل إلى تعزيز سلاسل التوريد العالمية وجذب الاستثمارات الأجنبية. وتلعب التعاونات الدولية وبخاصة في مجال تبادل المعرفة وتعزيز البنى التحتية دوراً مهماً في نجاح المملكة في تحقيق أهدافها الاقتصادية. 

من خلال تنفيذ برامج طموحة في إطار رؤية 2030 تسعى المملكة العربية السعودية إلى أن تصبح واحدة من القوى الاقتصادية والتجارية في العالم. وبالنظر إلى الجهود التي تبذلها المملكة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير البنى التحتية وتوسيع التعاونات الدولية يبدو أن السعودية قد اتخذت خطوات فعالة في الطريق نحو تحقيق أهدافها. وتعد هذه التحولات دليلاً على العزم الراسخ للمملكة لتقليل الاعتماد على النفط والانتقال نحو اقتصاد متنوع ومستدام.

محمد صالح قرباني  


1-  https://donya-e-eqtesad.com/fa/tiny/news-4086649
2-  https://hammihanonline.ir/fa/tiny/news-17347
3-https://www.ipis.ir/portal/bookview1/723386/%DA%86%D8%B4%D9%85-%D8%A7%D9%86%D8%AF%D8%A7%D8%B2-%D8%B7%D8%B1%D8%AD-%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B9%D9%87-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%DB%8C-2030-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%DB%8C
4-  https://amwaj.media/article/saudi-arabia-uk-gird-to-forge-strategic-minerals-alliance