اليوم الوطني في سورية؛ ذكرى الجلاء
عيد الجلاء في سورية هو مناسبة وطنية تهم كل السوريين وله أهمية كبيرة لأنه يعيد إلى أذهان السوريين ذكرى الانتصار على المستعمر الفرنسي الذي احتل سورية قرابة الربع قرن، في هذا اليوم من كل عام يحتفل السوريون في الداخل والخارج لتخليد ذكرى التحرر وجلاء آخر جندي فرنسي عن أرض سورية، عندها تم إعلان استقلال سورية بشكل كامل من أية وصاية أو انتداب أو احتلال وذلك في تاريخ 17 نيسان عام 1946م. ويستمر السوريون بالاحتفال في هذا اليوم من كل عام لإحياء ذكرى الجلاء والاستقلال وأصبح يعتبر اليوم الوطني لسورية.
عيد الجلاء في سورية هو مناسبة وطنية تهم كل السوريين وله أهمية كبيرة لأنه يعيد إلى أذهان السوريين ذكرى الانتصار على المستعمر الفرنسي الذي احتل سورية قرابة الربع قرن، في هذا اليوم من كل عام يحتفل السوريون في الداخل والخارج لتخليد ذكرى التحرر وجلاء آخر جندي فرنسي عن أرض سورية، عندها تم إعلان استقلال سورية بشكل كامل من أية وصاية أو انتداب أو احتلال وذلك في تاريخ 17 نيسان عام 1946م. ويستمر السوريون بالاحتفال في هذا اليوم من كل عام لإحياء ذكرى الجلاء والاستقلال وأصبح يعتبر اليوم الوطني لسورية.
بدء انتفاضة الاستقلال
انتفاضة الاستقلال والتي تعرف أيضًا باسم الاحتجاجات السورية عام 1945و هي مظاهرات عمّت دمشق ومدنًا سوريّة أخرى كحمص وحماة واللاذقية، وامتدت لتشمل صدامات مع سلطة الانتداب الفرنسي على سورية. بدأت في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية وتطورت الأحداث بقصف القوات الفرنسية لدمشق بالمدفعية الثقيلة واحتلال مبنى البرلمان. تدخل رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل خشية تطور الأوضاع من قبل الثوار السوريين من باقي المحافظات وأدى ذلك إلى وقف قصف دمشق وأجبر القوات الفرنسية على العودة إلى الثكنات خارج المدن، وبداية المفاوضات الثلاثية التي أدت إلى جلاء القوات الفرنسية عن سورية وزوال الانتداب نهائيًا في 17 أبريل 1946.
وكان من بين تلك الاحتجاجات ثورة الشيخ صالح العلي عام 1921، والثورة السورية الكبرى عام 1925، وقد طالبت جميعها بخروج الفرنسيين من الأراض السورية وتوحيد البلاد.
بقي الاحتلال الفرنسي مسيطراً على سورية رغم كل تلك الاحتجاجات والثورات السورية الكبرى، حتى قامت الحرب العالمية الثانية؛ وهُزمت فرنسا بداية على يد ألمانيا النازية، مما أثار مخاوف بريطانيا من أن تنتزع ألمانيا الأراضي السورية من أيدي الفرنسيين، فقامت بريطانيا بإعلان وصايتها على سورية عام 1941 من خلال وعدها لهم بمساعدتهم على الاستقلال وأعلنتها دولة مستقلة اسمياً عام 1943، وانتُخب حينها شكري القوتلي رئيساً لسورية. [1] أما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء في الحرب، بدأت فرنسا تماطل بالخروج واستمرت المقاومة النضالية التي لم تتوقف، وتوّج هذا النضال الوطني المستمر باستقلال سورية وجلاء آخر مستعمر فرنسي عن أراضيها، في 17 نيسان/أبريل عام 1946، وإعلانها دولة مستقلة بشكل كامل، وهكذا مثّل تاريخ 17 نيسان يوماً وطنياً من كل سنة يحتفل به السوريون في كل المناطق.
مجريات خروج آخر جندي فرنسي
لم يكن خروج آخر جندي فرنسي نت سورية برغبة من فرنسا كما جاء على لسان ممثيلها ومندوبيها في سورية آنذاك، بل جاء تحت ضغط ومقاومة من كلا الحكومة والشعب. فبعد المجزرة التي ارتبكها قوات الدرك الفرنسي والقوات السنغالية المشاركة معها في مبنى البرلمان السوري وقتل جميع من كان فيه مساء يوم 29/5/1945م نتيجة لرفضهم إلقاء التحية للعلم الفرنسي، ظهرت نية فرنسا في التصعيد ضد الشعب السوري ضاربة كل الاتفاقيات المعاهدات والوعود التي قطعتها بعرض الحائط وذلك بعد أن خرجت دول التحالف منتصرة من الحرب العالمية الثانية، كانت تظن فرنسا وقادتها أنهم بهذا العمل الوحشي سيرهبون الشعب السوري وسيوقفون الثورات الوطنية التي بدأت تتوسع في مختلف المحافظات، لكنها بهذه المجزرة التي ارتكبتها حركت ضدها كل الجبهات الداخلية والخارجية في معظم الدول العربية. ونتيجة لهذا التصعيد والتوتر الذي بدأ يشكل ضغطاً كبيراً على برطانيا التي كانت مسؤولة عن حفظ الأمن في الشرق الأوسط، أبرق رئيس الوزراء البريطاني تشرشل في تاريخ 31/5/1945 إلى الجنرال ديغول يطلب منه إصدار الأوامر لقواته بوقف إطلاق النار، وأبرق في نفس الوقت إلى الجنرال باجيت القائد العام البريطاني يأمره باستلام القيادة العليا في الشرق، وإنذار الجنرال الفرنسي بينيه بأن كل عمل عسكري يجب أن يتوقف وأن على القوات الفرنسية الانسحاب فوراً إلى ثكناتها. بعد ذلك وصلت القوات البريطانية من البقاع في لبنان، واستلم الجنرال باجيت القيادة الفعلية وأبرق إلى لندن يقول: "لقد أبيحت المدن للنار والنهب وإن عمل القوات الفرنسية والسنغالية هو تخريب اعتباطي".[2] وكان الرئيس شكري القوتلي في حينها رئيساً لسورية حيث رفض عروضاً كثيرة قدمت له للهروب عبر الأردن وتسليم البلاد ولكنه رفض رفضاً قاطعاً وأرسل إلى جميع البعثات الدبلوماسية " أنه ورغم مرضه سيبقى مع شعبه حتى لو قتل وهو على النقالة".
بعد ذلك اليوم عمت المسيرات والتجمعات كافة أرجاء البلاد وتوحدت جميع التشكيلات المقاتلة ضد المستعمر الفرنسي تحت راية واحدة هي راية الجيش الوطني السوري وتم الاتفاق بين القيادتين في يوم 27 تموز 1945 على نقل مسؤولية الإشراف على القطاعات العسكرية الخاصة إلى الحكومة السورية منذ الساعة صفر من اليوم الأول من شهر آب 1945 الذي كان تاريخ ميلاد الجيش الوطني السوري، ولهذا أصبح اليوم المذكور عيداً للجيش يحتفل به كل عام!
وبعد ذلك عرضت قضية جلاء القوات الأجنبية عن سورية على الأمم المتحدة بتأييد من الاتحاد السوفييتي فاضطرت فرنسا وبريطانيا التعهد بسحب قواتهما بالتدريج، وقد تم ذلك في الساعة العاشرة من يوم الخامس عشر من نيسان عام 1946، واحتفلت سورية بهذه المناسبة السعيدة بتاريخ 17 نيسان عام 1946، واعتبر هذا اليوم – الذي سمي بعيد الجلاء – عيداً قومياً تحتفل فيه سورية بذكرى حريتها واستقلالها.
وهكذا حققت سورية الاستقلال التام دون أن ترتبط بأي معاهدة تنتقص من سيادتها، ولم ترتبط إلا بميثاق الجامعة العربية وميثاق الأمم المتحدة، فكان لها السبق على كل الدول العربية في نيل الاستقلال التام.
[1] سورية والانتداب الفرنسي، يوسف الحكيم، دار النهار، بيروت 1983، ص.322
[2] https://www.discover-syria.com/bank/6159