لقاء طهران - الرياض والنظام الجديد

مكن أن يؤدي تقليل التوترات بين طهران والرياض إلى تمهيد الطريق لدخول السعودية في مشاريع اقتصادية مشتركة مع إيران، من الاستثمار في المناطق الحرة إلى التعاون في قطاع الطاقة والنقل الإقليمي. وهذا الأمر يكتسب أهمية خاصة نظرًا للضغوط الاقتصادية الحالية على كلا البلدين.

ابريل 22, 2025 - 05:43
 22
لقاء طهران - الرياض والنظام الجديد
لقاء طهران - الرياض والنظام الجديد

    يُعتبر كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية اللاعبين الرئيسيين في منطقة غرب آسيا، حيث تلعبان دورًا هامًا في الظروف والعمليات المتعلقة بالاستقرار والأمن في جميع الأبعاد الإقليمية والعالمية نظرًا للموقع الجيوسياسي والاقتصادي وامتلاكهما لموارد الطاقة.

في السنوات الأخيرة تحسنت العلاقات بين البلدين بشكل تدريجي. ومع ذلك تحاول بعض القوى الإقليمية والدولية التي تستفيد من الصراع والتوتر في غرب آسيا تعطيل عملية التقارب بين القوتين الكبيرتين في المنطقة.

في الأيام الأخيرة قام وزير الدفاع السعودي بزيارة إلى إيران وهو ابن سلمان بن عبد العزيز الملك الحالي للمملكة. وقد مرت عقود منذ الزيارة الأخيرة التي قام بها أحد أعضاء العائلة الملكية السعودية إلى إيران حيث زار الملك عبدالله بن عبدالعزيز إيران في عام 1997.

تكتسب زيارة الأمير خالد بن سلمان إلى إيران دلالات في ظل القلق الذي يساور الدول العربية [1]بشأن خطر تجدد المواجهات في المنطقة، وأيضًا في سياق المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة وكذلك الاتفاق النووي بين أمريكا والسعودية. وقد أثارت هذه الزيارة قلق المعارضين لعلاقات إيران والسعودية وخاصة الكيان الصهيوني.

دائمًا ما تسعى إسرائيل إلى منع أي تقارب بين أمريكا وإيران والاحتفاظ بمكانتها كالصديق الحقيقي الوحيد لأمريكا في منطقة غرب آسيا؛ بالإضافة إلى إضعاف وعزل إيران كخصم في النفوذ الإقليمي[2]؛ وتحويل الانتباه الدولي عن احتلال الأراضي الفلسطينية وتطبيع العلاقات مع الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية وهي قلقة بشدة من تحسين وتوسيع علاقات إيران والسعودية في الظروف الحالية. إذ أن التعاون المشترك بين طهران والرياض في مجال غرب آسيا والخليج الفارسي يمكن أن يسهل الوصول إلى أهداف فلسطين وحرية القدس الشريف وتدمير الكيان الصهيوني.[3]

بعيدًا عن هذه القضايا والقلق يمكن تحليل زيارة وزير الدفاع السعودي إلى إيران من وجهتين:

1. إعادة تعريف المصالح الوطنية في إطار التفاعل والحوار.

2. إعادة ترتيب المكانة الإقليمية (في فضاء لم تعد فيه الاعتماد الكامل على القوى العالمية مجديًا).

يمكن أن يؤدي تقليل التوترات بين طهران والرياض إلى تمهيد الطريق لدخول السعودية في مشاريع اقتصادية مشتركة مع إيران، من الاستثمار في المناطق الحرة إلى التعاون في قطاع الطاقة والنقل الإقليمي. وهذا الأمر يكتسب أهمية خاصة نظرًا للضغوط الاقتصادية الحالية على كلا البلدين. تسعى المملكة العربية السعودية إلى تنفيذ رؤية 2030 وتطوير اقتصادها المعتمد على النفط؛ من جهة أخرى تواجه إيران تحديات العقوبات وتحتاج إلى جذب الاستثمارات الخارجية ويمكن أن تكون نقطة التقاء هذه الاحتياجات أساسًا للتعاون الاقتصادي على المدى الطويل.

وفي الوقت نفسه فإن القضية تتعلق بتنظيم النفط والطاقة. ورغم أن التعاون بين إيران والمملكة العربية السعودية في قطاع النفط محدود حالياً، إلا أنه يتمتع بإمكانات استراتيجية عالية. وفي حال حدوث تقدم محتمل في القضية النووية الإيرانية، فمن المتوقع أن تتوصل الدولتان إلى تفاعل أوسع لتنسيق السياسات النفطية وإدارة سوق الطاقة العالمية. ومن شأن هذا التفاعل أن يعود بالنفع ليس فقط على المنتجين، بل أيضاً على الاستقرار الطويل الأمد في سوق الطاقة العالمية.

ومن ناحية أخرى تحتاج بلدان مثل سورية والعراق واليمن إلى استثمارات ضخمة في جهود إعادة الإعمار. ويمكن أن يوفر التعاون بين إيران والمملكة العربية السعودية أساساً لتقسيم الأدوار في هذه العملية وتقليص المنافسة المكلفة بالوكالة في هذه البلدان. ويمكن أن يفتح التقارب في المجال الأمني ​​أيضاً الباب أمام تحديد مشاريع اقتصادية مشتركة في المناطق التي مزقتها الحروب. [4]

وأخيرا، لا بد من القول إن السعوديين أظهروا عبر التاريخ أنهم حذرون للغاية في علاقاتهم مع الدول الأخرى. والآن، ونظراً للظروف التي تعيشها الجمهورية الإسلامية، فقد أصبحت محط اهتمام الغرب وحتى أوروبا، كما أصبحت أيضاً الضامن لنظام عالمي وإقليمي جديد. ومن الطبيعي أن تولي الرياض اهتماماً أكبر لطهران كشريك استراتيجي وقوة إقليمية، وأن تواصل سياستها الخارجية على أساس النظام الجديد. وفي النظام العالمي الجديد، تتفاوض إيران مع الولايات المتحدة كطرف ند، وسيكون لوجودها دور حاسم في العديد من القضايا الجيوسياسية والجيواقتصادية في المنطقة والعالم. ولذلك، إذا استمرت عملية التعاون بين الرياض وطهران، فإن منطقة غرب آسيا يمكن أن تنتقل من منطقة متوترة إلى بناء نظام محلي واقعي وذو توجه اقتصادي؛ نظام يحل فيه الحوار محل المواجهة، وتحل فيه المصالح المشتركة محل التحالفات التقليدية.

حكيمة زعيم باشي



[1] https://www.rouydad24.ir/fa/news/408486

[2] https://www.tahlilbazaar.com/news/84460

[3] https://www.imna.ir/news/669394

[4] Diplomacyplus.ir/?p=11617