نتنياهو و دمار المعبد الثالث

أما الموضوع الآخر، فهو فشله في 7 أكتوبر وعدم القدرة على تحقيق أهداف حرب غزة، والذي أشار إليه الإعلاميون والمحللون الصهاينة مرارًا في العام والنصف الماضيين، وتمت مناقشة أبعاده في آلاف التقارير والمقالات

ابريل 16, 2025 - 09:42
ابريل 16, 2025 - 09:49
 23
نتنياهو و دمار المعبد الثالث
نتانياهو و دمار المعبد الثالث

يمرّ النظام الصهيوني بأزمة هي الأعمق منذ تأسيسه غير القانوني وغير المشروع. هذا النظام الذي يخوض الآن أكبر حرب في تاريخه الذي يمتد لأكثر من سبعين عامًا، يواجه في الوقت نفسه صراعات داخلية شديدة. وقد وصف الخبراء والمحللون هذه التوترات بأنها غير مسبوقة محذرين من عواقبها.

منذ بداية عام 2022 ومع عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة الذي شكل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ النظام الصهيوني، دخلت الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الأراضي المحتلة في مرحلة جديدة وأشد من الماضي. اعتبر المعارضون والمنتقدون نتنياهو عودته إلى السلطة كارثية وحذروا دائمًا من عواقب ذلك.

منذ اليوم الأول لبدء عمل حكومة نتنياهو، بدأت مظاهرات شاملة ضدّه وضدّ حكومته في الأراضي المحتلة، مما يدل على تصاعد التوترات الداخلية. وقد زادت حكومة نتنياهو التي تتكون من أفراد عنصريين ومتشددين وذوي خبرة محدودة ولديهم ملفات قضائية بشكل كبير من التوترات الداخلية في مجالات اجتماعية وسياسية واقتصادية وأمنية متنوعة. ولا تزال هذه الأوضاع تتفاقم ويصبح الوضع يومًا بعد يوم أكثر خطورة بالنسبة للصهاينة.

بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء المكروه

وفقًا لاستطلاع رأي أجراه التلفزيون الإسرائيلي 12، فإن غالبية المستوطنين والصهاينة المقيمين في الأراضي المحتلة فقدوا الثقة في حكومة نتنياهو. ويُظهر هذا الاستطلاع أن 70% من المستوطنين اليهود غير واثقين من حكومة بنيامين نتنياهو. بالإضافة إلى ذلك يعارض 50% من الصهاينة القوانين الأخيرة المتعلقة بالإصلاحات القضائية ويعتبر منتقدو نتنياهو أن هذه الإصلاحات هي عبارة عن انقلاب للسيطرة على جميع السلطات.

تنشأ معظم هذه السخطات من مسائل مثل قانون الإصلاحات القضائية والفشل المطلق في حرب غزة والانقسامات الداخلية الناتجة عن سياسات نتنياهو وحكومته.

بداية الأزمة

بدأت الشرارة الأولى للتوترات الداخلية بقضية قانون الإصلاحات القضائية. في هذا المشروع و حاولت حكومة نتنياهو من خلال الحد من رقابة السلطة القضائية على السلطة التشريعية والتنفيذية، توجيه تركيز السلطة نحو الحكومة وإزالة العقبة الوحيدة التي تقف أمام تنفيذ سياساتها المنتظرة. في هذا السياق حذر بني غانتس وزير الحرب السابق في النظام الصهيوني والمعارض الشرس لنتنياهو الأخير قائلاً: "إذا قمت بهذا الإجراء الخطير فإن المسؤولية وعواقب نشوب حرب أهلية في إسرائيل ستكون على عاتقك."

أشار غانتس في خطابه إلى نتنياهو: "المشروع الذي تقوده وتنفذه هو بمثابة تهديد خطير للأمن الوطني؛ سواء من حيث القدرة على تحمل جميع المواطنين من مختلف قطاعات المجتمع، أو من حيث قدرة المحكمة العليا ونظامنا القانوني الذي يصون قوانيننا في مواجهة العالم."

على الرغم من جميع التحذيرات بشأن العواقب الجادة لقانون الإصلاحات القضائية، بدأ نتنياهو وحكومته عملية التصديق على هذا القانون مما أدخل النظام الصهيوني في أزمة داخلية لا تزال مستمرة حتى اليوم. منذ بدء هذه العملية و شهدت الأراضي المحتلة موجة جديدة من التظاهرات على مستوى غير مسبوق.

فشله في 7 أكتوبر وعدم النجاح في حرب غزة

أما الموضوع الآخر، فهو فشله في 7 أكتوبر وعدم القدرة على تحقيق أهداف حرب غزة، والذي أشار إليه الإعلاميون والمحللون الصهاينة مرارًا في العام والنصف الماضيين، وتمت مناقشة أبعاده في آلاف التقارير والمقالات. في هذا السياق كتبت صحيفة معاريف في أحد  تقاريرها الكثيرة، بقلم حاييم رامون، وهو سياسي صهيوني حول نتنياهو وفشل 7 أكتوبر: " يعود الفشل الرهيب الذي تعرضت له إسرائيل في 7 أكتوبر للعديد من المسؤولين، لكن المسؤول الرئيسي هو نتنياهو. يجب عليه بسبب هذا الفشل إما الاستقالة من منصبه أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة."

يائير لابيد رئيس المعارضة لحكومة نتنياهو يشهد أمام لجنة تحقيق مدنية شكلتها عائلات الأسرى والقتلى ويشير إلى تقرير أمني تم تقديمه له في أغسطس من العام الماضي بحضور نتنياهو. وفقاً لما قاله لابيد تم تقديم هذا التقرير من قبل اللواء آفي غيل المستشار العسكري لرئيس الوزراء بحضور نتنياهو. وأضاف لابيد أن آفي غيل قد حذر من تفعيل جبهات العدو بما في ذلك إيران ولبنان ومنظمات المقاومة في غزة، مؤكدًا أن جميعهم يعتبرون ضعف إسرائيل والانقسامات الداخلية وانخفاض جاهزية الجيش بسبب الأزمة الداخلية فرصة مناسبة لمهاجمة إسرائيل.

الجدير بالذكر أن التقارير والمقالات التي تكشف النقاب عن دور نتنياهو في فشل 7 أكتوبر واسعة جدًا لدرجة أنه لا يتسع المجال هنا للإشارة إلى جميعها. لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. فعلى الرغم من ذلك، يعتقد العديد من الصهاينة أن نتنياهو وحكومته فشلا في تحقيق أهداف الحرب على غزة وأنه بسبب مصالحه الشخصية قد أدخل إسرائيل في حرب عبثية بلا أهداف.

في هذا السياق وصف اسحاق باريك الجنرال السابق في جيش النظام الصهيوني حالة المعارك التي يخوضها الجيش في مناطق غزة بأنها محبطة، معترفًا بعودة قوة المقاومة الفلسطينية بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي. وأكد في تقريره أنه من المستحيل حاليًا القضاء على حماس وأن القادة العسكريين والسياسيين في النظام لا يستمرون في هذه الحرب إلا من أجل بقائهم في السلطة. في جزء من تقريره كتب باريك: "نحن نفقد جنودنا كل يوم وأسرانا يموتون في الأنفاق. المسافة بيننا وبين انهيار حماس تعادل المسافة بين الشرق والغرب على الكرة الأرضية."

نتنياهو يقود إسرائيل نحو الهلاك

اليوم تُعتبر الأراضي المحتلة بأسرها ساحة للتظاهرات والصراعات من قبل معارضي حكومة نتنياهو، الذين يطالبون بإنهاء الحرب وإقالته من السلطة. وقد تحولت التظاهرات في النظام الصهيوني خلال الأشهر الأخيرة إلى ساحة للاشتباكات العنيفة مما يدل على تصاعد التوترات الداخلية.

ويعتقد معارضو نتنياهو أنه هو وحكومته يدركان أن استمرار الحرب لم يعد له مبرر، لكنهما مضطران للاستمرار في ذلك من أجل بقائهما في السلطة لأنه في حال انتهاء الحرب سيتعين عليهما تحمل مسؤولية أفعالهما والابتعاد عن المشهد السياسي إلى الأبد.

الآن، عادت الانقسامات الداخلية حول سياسات نتنياهو إلى ذروتها. وتسعى حكومته من خلال استغلال فرصة الحرب، إلى دفع قانون الإصلاحات القضائية وإقصاء المعارضين من مختلف المؤسسات بما في ذلك الجهات الأمنية وإشعال الحرب في غزة ومناطق أخرى. وقد أدى ذلك إلى تحذير الخبراء والمحللين الناطقين بالعبرية مراراً وتكراراً من أن نتنياهو وحكومته قد جروا إسرائيل إلى هذه الأزمة. ويؤكدون أن استمرار هذه الظروف سيدفع بوجود إسرائيل إلى حافة الهاوية التي لا مفر منها. لذلك، يرون أن العدو الرئيسي للنظام الصهيوني ليس إيران أو حزب الله أو المقاومة الفلسطينية، بل نتنياهو وحكومته. ولهذا السبب يُطلق على نتنياهو في التظاهرات الداخلية في الأراضي المحتلة لقب "مدمر المعبد الثالث.

محمدمهدي غلامي

https://www.mako.co.il/news-politics/2025_q1/Article-753fabdce8dd591027.htm

https://www.ynet.co.il/news/article/h1cdpdk9o

https://www.maariv.co.il/journalists/opinions/article-1132119

https://www.zman.co.il/516146

https://www.zman.co.il/454605