التحدي العسكري للولايات المتحدة؛ القدرات الصاروخية فوق الصوتية للصين
تعتبر القدرة الصاروخية فوق الصوتية للصين إحدى المشاريع العسكرية الأكثر استثمارًا فيها خلال السنوات الماضية وتنتمي إلى صناعة الصواريخ في هذا البلد

بعد الحرب العالمية الثانية وتقسيم غنائم تلك الحرب اعتمدت الولايات المتحدة استراتيجية أساسية للحفاظ على موقعها المتفوق على الساحة الدولية. وقد تم تعريف هذه الاستراتيجية للسيطرة على النقاط الجيوسياسية في العالم ومدعومة بانتشار القوات المسلحة الأمريكية وتأسيس قواعد عسكرية مجهزة. وركيزة هذه القواعد العسكرية هي التركيز على القوة العسكرية البحرية للولايات المتحدة. وازدادت أهمية هذا التركيز بعد عام 2000 بالنسبة لبقية دول العالم.
كما أن الصين بوصفها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، قد وضعت في السنوات الأخيرة برنامجًا منتظمًا ودقيقًا لتوسيع صناعتها العسكرية(1). وتشعر الولايات المتحدة التي تدعي أنها القوة العظمى على الساحة الدولية بقلق شديد من تقدم الصين في المجال العسكري تمامًا كما حدث في القضية الاقتصادية حيث تمكّنت بكين، وفقًا لوجهة نظر الدول الغربية، من استغلال غفلة الولايات المتحدة لتصبح قوة اقتصادية عظمى. وفي المجال العسكري تسير الصين على نفس المسار. وتمثل هذه القضية تحديًا جديًا للولايات المتحدة وقد تم الإشارة إليها في الوثائق الرسمية لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون). سنستعرض في ما يلي أبعاد تحديات الولايات المتحدة وبرنامج الصين في إطار هذه المنافسة العسكرية.
تعتبر القدرة الصاروخية فوق الصوتية للصين إحدى المشاريع العسكرية الأكثر استثمارًا فيها خلال السنوات الماضية وتنتمي إلى صناعة الصواريخ في هذا البلد. حيث تعتبر الصواريخ فوق الصوتية من أحدث المنتجات العسكرية للصين كما إنها تمتلك سرعة فائقة تجعل من المستحيل على أنظمة الدفاع الجوي للعدو رصدها(2). الهدف من تصميم مثل هذه الصواريخ هو الهجوم الدقيق والآمن على الأهداف المحتملة التي لا تستطيع أنظمة العدو التصدي لها. وتعد الأسلحة المتطورة في الصين مثل الصواريخ فوق الصوتية جزءًا من البرنامج الدقيق لبكين لإنشاء ردع وهجوم دقيق ضد القوة البحرية للعدو. وتتمثل استراتيجية الصين في استخدام هذه الأسلحة الحديثة لتقليص الهيمنة البحرية للولايات المتحدة حيث لا تستطيع أنظمة السفن الحربية في أي دولة صد أو تدمير الصواريخ فوق الصوتية.
تعتمد الاستراتيجية البحرية للولايات المتحدة على قدراتها العسكرية الخاصة بالصناعات البحرية، حيث خصصت أكبر جزء من ميزانيتها العسكرية لتوسيع المنشآت العسكرية البحرية. وتعتبر السفن وحاملات الطائرات الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية رمزًا للقوة العسكرية للولايات المتحدة، حيث يعتمد الجيش الأمريكي بشكل كبير على قوته البحرية مما انتقده العديد من الخبراء العسكريين بسبب الاعتماد المفرط على القوة البحرية. وقد أدت هذه الاستراتيجية العسكرية للولايات المتحدة إلى تصميم الصين لبرامج متعددة لاحتواء هذه الميزة العسكرية. تشمل تطوير صناعة الصواريخ فوق الصوتية واستخدام الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي جزءًا من برنامج بكين في هذا السياق. كما أن الجيش الصيني قد بادر بمبادرات خاصة في مجال القوة البحرية في العام الميلادي الحالي و أطلقت بكين أحدث حاملة طائرات لها(3) ويمتلك اليوم الصينيون أكبر قوة بحرية في العالم.
الحرب في عصر الذكاء الصناعي
حسب زعم خبراء الدفاع الدوليين لقد قامت الصين في العقد الأخير بتطوير استثماراتها في صناعة الذكاء الصناعي مما أدى إلى انتقال هذه الميزة الخاصة بالعصر الجديد إلى مجالها العسكري، وأحرزت تقدمًا كميًا ونوعيًا في هذا القطاع. إن استخدام الذكاء الصناعي في الطائرات المسيرة (الدرونز) الجديدة وكذلك في القوات البحرية والجوية لهذا البلد، يمكن أن يخلق تحديات خطيرة للجيش الأمريكي في السنوات المقبلة. وللذكاء الصناعي تطبيقات عديدة في تصميم الصواريخ فوق الصوتية التي أصبحت مؤخرًا محور اهتمام إدارة ترامب.
إن النزاع بين الصين وتايوان في بحر الصين الجنوبي وإجراء الصين لمناورات عسكرية متعددة التي استخدمت فيها أدوات جديدة يمكن أن يوضح أهمية استخدام الذكاء الصناعي في الحروب المقبلة.
بشكل عام، يجب أن نقول إن الصناعة العسكرية الصينية وخصوصًا تطوير الاستثمارات في القطاع الصاروخي (فوق الصوتي)، تعد واحدة من أدوات قوة الحكومة تحت قيادة شي جين بينغ. إن التقدم الكمي والنوعي للأسلحة المتطورة الصينية يشكل جدول أعمال واضحًا للسنوات القليلة القادمة من جيش الصين. إن اعتماد الولايات المتحدة على القوة البحرية وتطوير صواريخها فوق الصوتية لمواجهة هذه الميزة العسكرية الصينية قد جعل الصين ضمن قائمة الأعداء الأوائل لترامب ومن المتوقع أن نترقب نتائج هذا الصراع في المستقبل.
1. https://chinapower.csis.org/arms-companies/
2. https://geopoliticsunplugged.substack.com/p/breakdown-of-china-military-power
3. https://www.csis.org/analysis/unpacking-chinas-naval-buildup