استمرار الحملات العسكرية التركية على شمال العراق
كانت العلاقات بين العراق وتركيا على مدى العقد الماضي دائمًا مصحوبة بتوترات بين الطرفين وذلك نتيجة العمليات العسكرية التركية ضد نشاطات أعضاء حزب العمال الكردستاني (PKK) على الأراضي العراقية.
كانت العلاقات بين العراق وتركيا على مدى العقد الماضي دائمًا مصحوبة بتوترات بين الطرفين وذلك نتيجة العمليات العسكرية التركية ضد نشاطات أعضاء حزب العمال الكردستاني PKK)) على الأراضي العراقية.
في السنوات الأخيرة، قامت تركيا عدة مرات تحت عناوين مختلفة، بتنفيذ عمليات عسكرية في الأراضي العراقية، مستخدمةً مسألة مكافحة قوات حزب العمال الكردستاني كذريعة لهذه الهجمات.
لماذا تسعى تركيا إلى القضاء على PKK؟
تجادل تركيا دوماً بذريعة أن حزب العمال الكردستاني يبدأ عمليات عسكرية عابرة للحدود ضد الجيش التركي والمدنيين داخل تركيا. كما تدعي الحكومة التركية أن الحكومة الفيدرالية العراقية وحكومة إقليم كردستان لم تتمكنا من طرد PKK من المنطقة الجبلية الواقعة بين الحدود الشرقية للعراق مع إيران وحتى الحدود الشمالية مع تركيا. نتيجة لذلك، قامت تركيا بإقامة مئات المواقع العسكرية والقواعد الدائمة داخل الأراضي العراقية، بتنسيق مع حزب الديمقراطي الكردستانيKDP) ) بزعامة مسعود بارزاني.
موجة جديدة من الهجمات التركية على الأراضي العراقية
أنشأت تركيا شبكة واسعة من القواعد العسكرية في إقليم كردستان العراق على حساب تضرر السكان المحليين والبيئة الطبيعية هناك، إذ أدت الهجمات التركية إلى إخلاء مئات القرى من السكان، مما أسفر عن مقتل وجرح العديد من المدنيين. لهذا السبب، وصفت بغداد مرارًا هجمات تركيا على شمال العراق بأنها احتلال، ومع ذلك، تصر أنقرة على تنفيذ العمليات العسكرية في شمال العراق، وقد بدأت موجة جديدة من الهجمات في الأيام القليلة الماضية.
في هذا السياق، نقلت صحيفة "العربي الجديد" عن مسؤولين عسكريين عراقيين أن الجيش التركي قد احتل العشرات من القرى في محافظة دهوك شمال العراق في إطار العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستانيPKK)) التي بدأت منذ يونيو 2021.
كما أفادت هذه الصحيفة، نقلًا عن مصادرها، بأن عشرات العائلات اضطرت للفرار إلى مناطق أخرى، خاصةً حول مدينة العمادية شمال محافظة دهوك، وأن الآلات الحربية للجيش التركي، بعد هجمات القذائف على مخابئ ومعسكرات عناصر PKK، دخلت منطقة ديمكا.[1]
ردود فعل الحكومة ووسائل الإعلام العراقية
لقد أثارت الزيادة الملحوظة للوجود العسكري التركي في شمال إقليم كردستان العراق في الأيام الماضية الكثير من الانتباه في الأوساط السياسية ووسائل الإعلام العراقية. و قد اعتبرت بعض وسائل الإعلام وجود الوحدات المدرعة الجوية والطيران المروحي التركي في هذه المناطق انتهاكًا للسيادة العراقية، بينما ذكرت وسائل إعلام أخرى أنه رغم إدانة مجلس الوزراء العراقي للعمليات العسكرية للجيش التركي في الأراضي العراقية وفي محافظة دهوك، إلا أن هذه التحركات تم اعتبارها بمثابة تنسيق بين تركيا والسلطات الحكومية المركزية في العراق من أجل تطهير هذه المناطق من وجود قوات حزب العمال الكردستاني (PKK) [2]
لماذا تتصرف الحكومة العراقية بردود فعل عادية؟
في هذا السياق، يُطرح سؤال حول سبب عدم وجود رد فعل صارم من بغداد تجاه هذه الهجمات. يمكن القول إن جزءًا من هذا الرد العراقي العادي يرتبط بالاتفاقيات الأمنية بين بغداد وأنقرة التي تتيح لتركيا تنفيذ عمليات ضد قوات PKK داخل الأراضي العراقية. في الواقع، هناك قلق مشترك بين تركيا والعراق وكذلك حكومة إقليم كردستان بشأن تحركات PKK، مما أوجد نوعًا من الاتفاق بينهما يُمكّن أنقرة من متابعة وتصفية عناصر هذا الحزب. بالطبع، فإن تحركات أردوغان أدت أيضًا إلى تطلعات إقليمية داخل الأراضي العراقية، مما وضع الحكومة العراقية في موقف ضعيف رغم التحديات العديدة. كما أن الاعتماد التجاري والمائي بين الطرفين يمنع أي إجراء حازم. من الجدير بالذكر أن حكومة الإقليم لا تعارض العمليات التركية نظرًا للعلاقات الحسنة مع أنقرة ووجود تضارب مع PKK، مما يؤدي بدوره إلى تخفيف رد الفعل من الحكومة المركزية تجاه الأعمال التركية.[3]
ما الهدف الذي تسعى تركيا لتحقيقه من الهجوم على شمال العراق؟
على الرغم من دعم الأكراد لمعارضي أردوغان، يشعر الأخير بالقوة بعد فوزه في الانتخابات العام الماضي. ومع ذلك، من أجل الحفاظ على الاستقرار في حكومته، يحتاج إلى توقيع اتفاق سلام جديد مع PKK، لكنه يريد أولاً إضعاف هذه الجماعة قدر الإمكان. وبالتالي، تزايدت وتيرة الهجمات التركية داخل العراق. من جهة أخرى، اعترفت أنقرة بأن هجماتها على شمال العراق تأتي في سياق مكافحة PKK، لكن الأدلة تشير إلى أن تركيا تسعى أيضًا من خلال فرض سلطتها في شمال العراق للوصول إلى أهدافها الاقتصادية والتجارية، خاصة في مجال الموارد المائية والطاقة وسوق هذا البلد والدول المجاورة. ومن هنا، تعتبر رؤية تركيا للتحديات الأمنية الخاصة بها في المنطقة ودول الجوار أمرًا مهمًا، تسعى أنقرة من خلال استراتيجيتها إلى حله.
[1] https://donya-e-eqtesad.com/fa/tiny/news-4085391
[2] https://www.eghtesadnews.com/fa/tiny/news-659016
[3] https://www.khabaronline.ir/news/1599267