أبواب جديدة بين طهران والرياض وانعكاسها إقليمياً
إن دول المنطقة أحوج ما تكون إلى التكاتف والتعاون وأحوج لأن تكون لبعضها ومع بعضها، ولا سيما أن ما يجمعها من عوامل أكثر مما يفرقها وبالتالي لا بد من اقتناص أي فرصة للتفاهم والتلاقي.
إن دول المنطقة أحوج ما تكون إلى التكاتف والتعاون وأحوج لأن تكون لبعضها ومع بعضها، ولا سيما أن ما يجمعها من عوامل أكثر مما يفرقها وبالتالي لا بد من اقتناص أي فرصة للتفاهم والتلاقي.
في هذه المرحلة الخطيرة والدقيقة التي تمر بها المنطقة على وقع العدوان الإسرائيلي على غزة وما يتعلق به والترتيبات التي تُحضر لما يسمى "اليوم التالي" للعدوان والتي تشي بأن الأخطر لم يأتِ بعد، فإن دول المنطقة أحوج ما تكون إلى التكاتف والتعاون وأحوج لأن تكون لبعضها ومع بعضها، ولا سيما أن ما يجمعها من عوامل أكثر مما يفرقها وبالتالي لا بد من اقتناص أي فرصة للتفاهم والتلاقي بما يشكل حاجز صد وردع بوجه المخططات الأمريكية - الصهيونية التي تعتاش على عوامل التفرقة والانقسام.
من هنا فإن دعوة الرئيس الإيراني المؤقت محمد مخبر لولي العهد السعودي محمد بن سلمان لزيارة إيران وقبول الأخير الزيارة، من شأنها أن تفتح الباب واسعاً لتعميق العلاقات وترسيخها وتكريس المصالحة بين الجانبين برعاية صينية في آذار من العام الماضي.
وحتى تترسخ المصالحة بشكل فعلي بين طهران والرياض على أرض الواقع فإنه لا بد من البلدين من عقد اتفاقيات استراتيجية وحيوية مشتركة تعمق العلاقات بين البلدين، وهو ما قد يتم الإعلان عنه قريباً خلال زيارة محمد بن سلمان لطهران.
كما من شأن الزيارة أن تفتح الباب أمام إعادة الدفء إلى العلاقات الخليجية الإيرانية وتعزيزها على أساس التعاون وكان لافتاً إعلان نائب رئيس البرلمان البحريني، عبد النبي سلمان، أن علاقات بلاده مع إيران ستُستأنف قريبا.
ويبدو الحفاظ على مسار المصالحة السعودية -الإيرانية مصلحة مشتركة لكل من الجانبين على الرغم من ضآلة نتائجه العملية على الأرض وخصوصا قلّة تأثيره في صراعات المنطقة.
وبصرف النظر عن التباينات بين الجانبين في ملفات عدة، فإن الأهم في تطورات العلاقات وربطاً بتطورات العدوان على غزة والنيّات الخبيثة المبيتة للمنطقة انطلاقا من غزة، فإن الانفتاح بين طهران والرياض وعموم دول الخليج الفارسي والمنطقة على بعضها لابد أن ينعكس إيجاباً على الأوضاع في المنطقة ويقلص فجوة التباينات ويوحد الرؤى والتوجهات وإن احتاج هذه لوقت،
إذ بالضرورة أن تسعى الدول مجتمعة لبحث عوامل الأمن والاستقرار وتوفيرها من خلال تكوين جبهة موحدة ضد التوجهات الأمريكية وخططها لدول المنطقة بما فيها الدول الحليفة، وربما أكبر ضربة تتلقيها واشنطن تعميق العلاقات السعودية الإيرانية بما يضع حد لموضوع الخلاف السني -الشيعي شماعة واشنطن وطريقتها للتغلغل بين دول المنطقة بلعبها على الوتر الطائفي وترسيخه في الوعي الشعبي.
إذاً وبناء عليه قد تؤدي التحركات الراهنة إلى التوصل إلى وفاق سياسي بين السعودية وإيران، يؤدي دوراً في إخراج الأمير محمد بن سلمان من أكثر القضايا الإقليمية الشائكة التي يواجهها في اليمن إلى جانب الآثار الإيجابية على منطقة الشرق الأوسط الأوسع وعلى خطط بن سلمان الشاملة لإعادة تشكيل اقتصاد المملكة بعيدا عن النفط ووفقا لتصوره.
مواصلة دول الخليج الفارسي تعزيز علاقاتها مع إيران، يشي برغبة حقيقة بالبحث عن عوامل الاستقرار ليس لخدمة السياسة والعلاقة السياسية فقط بل لخدمة اقتصاد المنطقة والاستفادة من مواردها بما يحقق التنمية المستدامة لشعوبها.
أي فيما معناه إن أمن المنطقة الذي يهم بالدرجة الأولى دولها، فضلاً عن رغبة عالمية باستقرارها لارتباط الاقتصاد العالمي بمواردها من الوقود ومياهها الإقليمية، يشير إلى أن القادم هي علاقات أكثر قرباً مما مضى بين إيران ودول الخليج الفارسي.
ولا بد من التنويه أيضاً أنه من المبادئ شديدة الضرورة التي يجب الالتزام بها؛ لتصل علاقات الجانبين إلى درجة تسهم في استتباب الأمن بالمنطقة هي "مراعاة الخصوصية الفكرية والعقائدية للبلدان ودساتيرها، وإنهاء ظاهرة بث الفكر الديني، والطائفي منه على وجه الخصوص، كما يرى مراقبون.
يضاف لتلك المبادئ أن تستطيع هذه البلدان "تشخيص العدو المشترك والحقيقي لها ولشعوبها، الذي يغتصب فلسطين ويهجر شعبها ويدير المجازر اليومية بوحشية فائقة؛ ألا وهو الكيان الصهيوني الذي تضم استراتيجياته عناوين تدميرية وتخريبية للمنطقة كلها.
بالنتيجة دول المنطقة أولى ببعضها لذلك من الضروري إعادة بناء علاقات سياسية مستقرة وراسخة فيما بينها وإعادة بناء الجسور.
ستكون الأنظار في المرحلة المقبلة كلها متجهة إلى اللقاء الإيراني السعودي ومترقبة لما سينتج عنه وما إن كانت تلك الزيارة ستكون شكلية فقط أم إنها خطوة حقيقية وجدية في تمهيد الطريق لعلاقات استراتيجية تحقق مصالح البلدين في آن معا وتخدم مصالح دول المنطقة وفي مقدمتها فلسطين،
بعيدا عن المبالغة فإن لهذا اللقاء أهمية كبيرة في رسم مستقبل المنطقة إما ولادة جديدة لاتحاد أهم قوتين في المنطقة والتخلص من الهيمنة الأمريكية ورسم حدود للوجود الامريكي في المنطقة وإما العودة إلى التحكم الامريكي الداعم الأول للكيان ما يعني مزيدا من الصراعات والحروب في المنطقة.
لذلك فإن تلك العلاقات ستبقى تحت المجهر الأمريكي -الإسرائيلي مع محاولات تخريبها وإثارة المخاوف حولها ودق إسفين بين جميع الأطراف التي تسعى إلى التشبيك مع طهران، لذلك فيمكن اعتبار أن العلاقات راهنا أمام اختبار وتساؤلات هل تصمد في وجه العواصف الأمريكية المرتقبة وبالتالي تنجح في الاختبار؟ أم تتعثر وتعود إلى المربع الأول؟ على العموم متابعة التطورات وترقبها كفيلة بالإجابة على التساؤلات وتوضيحها.
المصادر:
1- https://cuts.top/EV3l
2- https://cuts.top/GURa
3-https://cuts.top/EV4n