الأزمة الاقتصادية مستمرة في تركيا

شهدت نسبة التضخم في تركيا تزايداً في السنوات القليلة الماضية، حيث مضت سنة 2022 بمتوسط ​​معدل تضخم بلغ 64.27% للعام، وفي شتاء العام الماضي وصل إلى أكثر من 85%. ومع نهاية العام الجاري، لم يكن وضع معدل التضخم ومؤشر الأسعار منخفضًا كما كان في السنوات السابقة، وبحسب إعلان هيئة الإحصاء التركية في الأسابيع الأخيرة، فإن نسبة التضخم السنوي الحالي في هذا البلد تعتمد على على المعدل القياسي للقيم المستهلكة وهي 47.83 بالمئة.

ديسامبر 17, 2023 - 05:56
الأزمة الاقتصادية مستمرة في تركيا
الأزمة الاقتصادية مستمرة في تركيا

شهدت نسبة التضخم في تركيا تزايداً في السنوات القليلة الماضية، حيث مضت سنة 2022 بمتوسط ​​معدل تضخم بلغ 64.27% للعام، وفي شتاء العام الماضي وصل إلى أكثر من 85%. ومع نهاية العام الجاري، لم يكن وضع معدل التضخم ومؤشر الأسعار منخفضًا كما كان في السنوات السابقة، وبحسب إعلان هيئة الإحصاء التركية في الأسابيع الأخيرة، فإن نسبة التضخم السنوي الحالي في هذا البلد تعتمد على على المعدل القياسي للقيم المستهلكة وهي 47.83 بالمئة.[1]

وفي ظل هذا الوضع وحدوث تضخمات متتالية وتضخم مفرط في هذا الاقتصاد، تحدث "جودت يلماز"، النائب الأول لرئيس تركيا في سبتمبر الماضي، خلال كلمة مفصلة، ​​أوضح فيها الخطة الاقتصادية متوسطة المدى لهذا البلد، خلال تقييم متفائل، وتوقع معدل التضخم لبلاده بداية العام يصل 65% وفي نهاية العام المقبل33% ، وبحدود  15.2% لعام 2025، و8.5% لعام 2026.[2] في الوقت نفسه، ومع ازدياد معدلات التضخم وتأثيراته على اقتصاد البلاد، أعلن "محمد شيمشك"، وزير الخزانة والمالية التركي، عن نمو اقتصاد البلاد في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 3.8%، وأفاد أنه بسبب أوضاع تركيا المالية الصعبة والتحدي الذي تواجهه التجارة العالمية، تراجع النمو الاقتصادي في تركيا بنسبة 1.8 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي لكن تنفيذ الخطط والبرامج سيستمر بكل تأكيد.[3]

وهنا لا بد من أن نذكر الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذا الوضع في السنوات الأخيرة. ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين والسياسيين، أن عوامل مثل حدوث الزلزال وخسائره المالية الفادحة بقيمة 104 مليارات دولار، فضلاً عن تنفيذ بعض السياسات النقدية من قبل حكومة أردوغان ونوع سياسته الخارجية في المنطقة ومواجهتها لبعض التحديات و القضايا الدولية وأحياناً تنفيذ سياسات غير صحيحة في مجال السياسة الخارجية والدولية في السنوات الماضية من عوامل تراجع المؤشرات الاقتصادية لتركيا، وبالنظر إلى انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لتركيا هذا العام، فإن زيادة معدل التضخم وعجز الميزان التجاري من الأسباب الرئيسية لاستمرار الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا خلال السنوات المقبلة.

ولابد من الإشارة إلى أنه إلى جانب التضخم المنخفض وغير المسبوق في تركيا، وصلت قيمة الليرة أيضًا إلى أدنى قيمة لها في السنوات الأخيرة. وبحسب التقارير، فقد انخفضت قيمة الليرة التركية إلى النصف تقريبًا في ظل قرارات البنك المركزي. منذ بداية العام الجاري، ركزت الحكومة التركية كافة جهودها لخفض معدل التضخم إلى أقل من 50%، لكن على الرغم من الجهود التي تبذلها سلطات البلاد، لا يزال الشعب التركي يعاني من ارتفاع التضخم وانخفاض القدرة الشرائية. وبحسب توقعات انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لتركيا هذا العام بنسبة 3.5% وتراجعه إلى 4.4% وعجز الميزان التجاري بأكثر من 109 مليارات دولار، يرى خبراء اقتصاديون أن أزمة تركيا الاقتصادية ستستمر، حيث خسرت الليرة التركية 28% من قيمتها منذ إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان رئيساً لتركيا في ربيع هذا العام وتنفيذ بعض السياسات النقدية. وقد استمرت جهود السلطات التركية لتلبية الطلب على العملة في السوق وتحقيق استقرار قيمة الليرة في الأشهر الأخيرة، لكن احتياطيات البنك المركزي انخفضت بمقدار 5.7 مليار دولار في بداية يونيو/حزيران. وهذا يعني أن هذه الاحتياطيات عند أدنى مستوى لها منذ عام 2002. وفي هذا السياق، قامت صحيفة الغارديان البريطانية بتحليل الأحداث الاقتصادية في تركيا في تحليلها الإخباري وقالت: "هناك عمل ولكن بدون مال، والأزمة الاقتصادية في تركيا أظهرت آثارها بأسوأ صورة ممكنة".[4]

وفي النهاية لا بد من الإشارة إلى أنه في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية وضبابية علاقاته مع الغرب، ومن أجل إنقاذ اقتصاد بلاده، بعد المحاولات والأخطاء المتكررة في تطبيق مختلف أساليب إدارة السوق، يعول الآن على تعزيز العلاقات مع الإمارات وقطر وجذب الاستثمارات السعودية. ومن ناحية أخرى، ومع تحسن العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية ودول الخليج الفارسي في ظل سياسات حسن الجوار التي تنتهجها الحكومة الإيرانية، سيصبح من الصعب على تركيا جذب شركاء أقوياء تعتمد عليهم للهروب من الأزمات الاقتصادية المستمرة على المدى الطويل.

نوید دانشور


[1] https://www.yenisafak.com/ekonomi/kasim-enflasyonu-yuzde-328-oldu-4579281

[2] https://irna.ir/xjNpDg

[3] https://www.cnnturk.com/ekonomi/bakan-simsek-s-pnin-not-gorunumu-yukseltmesini-degerlendirdi

[4] https://www.gazeteduvar.com.tr/the-guardiandan-turkiye-analizi-kriz-etkisini-gostermeye-basladi-dovizi-veya-altini-olmayan-zorlaniyor-haber-1546128