طيران التنين
سافر وزير الخارجية في بلادنا إلى بكين عاصمة الصين حيث التقى هناك بمسؤولين صينيين وتحدث معهم. وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه منطقة جنوب غرب آسيا تحولات واسعة. ففي ظل قدوم ترامب إلى البيت الأبيض فإن العالم مهيأ لوقوع أحداث كبيرة مثل التهيء للحرب التجارية، وهذا ما يجعل لهذه الزيارة أهمية كبيرة وتأثير عميق على مستقبل البلدين ودورهما في إعداد وتشكيل البنية المستقبلية للنظام الدولي.
سافر وزير الخارجية في بلادنا إلى بكين عاصمة الصين حيث التقى هناك بمسؤولين صينيين وتحدث معهم. وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه منطقة جنوب غرب آسيا تحولات واسعة. ففي ظل قدوم ترامب إلى البيت الأبيض فإن العالم مهيأ لوقوع أحداث كبيرة مثل التهيء للحرب التجارية، وهذا ما يجعل لهذه الزيارة أهمية كبيرة وتأثير عميق على مستقبل البلدين ودورهما في إعداد وتشكيل البنية المستقبلية للنظام الدولي.
إن السيد عراقجي متفائل بشأن هذه الزيارة ويأمل في أن يتسنى للبلدين تطوير العلاقات إلى مستويات أعلى والوصول إلى شراكة استراتيجية. قد تقترب هذه النظرة من الواقع في ظل الظروف الحالية للنظام الدولي ولكن تشكيلها يتطلب تعريفًا للعقيدة الأمنية والاقتصادية للصين في إطار الجغرافيا السياسية.
فعلياً يجب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تقنع الصين بتغيير نهجها التقليدي في النظام الدولي. خصوصاً أن العلاقات بين الدول المختلفة تزداد تعقيداً، وقد لا تتمكن الصين بعد الآن من اللعب كطرف اقتصادي فقط. بالإضافة إلى ذلك أصبح من الواضح أن الصين لم تحقق أهدافها من خلال لعبة الممرات، وأن المشاريع التنموية مثل مبادرة "حزام واحد طريق واحد" فقدت جاذبيتها للدول في العالم خاصة مع وجود نظرة سلبية تجاه الصين وموضوعات مثل فخ الديون و التي تجعل الصين تدخل في عقود طويلة الأجل مع الدول مما يزيد من تكاليف التعاون مع بقية دول العالم.
بالإضافة إلى ذلك يُظهر مشروع ممر "آي-مك" (الهندي- العربي- الإسرائيلي- الأوروبي) بوضوح أن الغرب على دراية جيدة بنهج الصين الحذر ويسعى إلى استغلال هذا النهج السلمي من خلال منح بعض الامتيازات غير الاستراتيجية والتكتيكية من أجل استبعاد الصين تدريجياً من دور الفاعل الرئيسي في النظام الدولي. هذا الممر هو تماماً عكس مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" الصينية، بينما تؤكد أهميته ودوره الدول العربية الواقعة على الخليج الفارسي. وقد ساهم "آي-مك" حتى في تحسين العلاقات بين المملكة العربية السعودية والكيان الإسرائيلي.
يشير هذا الأمر إلى أهمية المصالح الاقتصادية طويلة الأجل للدول في العالم حيث تتفوق الفائدة الاقتصادية على الفائدة السياسية. وفي هذا السياق تجد الصين نفسها تلعب في مجال وضعه الغرب لها وأصبح من الممكن توقع معظم ردود فعلها. ويعني هذا أن الصين في مسار طويل الأمد قد لا تصبح قوة عظمى مرة أخرى وفي النهاية ستبقى مجرد قوة كبيرة في شرق آسيا.
والآن هو الوقت الذي ينبغي فيه على الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تُعرّف الصين بالاحتمالات التي قد تحدث في المستقبل وأن تُوسّع نطاق علاقاتها بشكل كبير من خلال تحديد نفسها كقوة إقليمية موثوقة مقارنةً بالمنافسين الإقليميين الآخرين. إن هذا الأمر يعتمد على نشاط وزارة الخارجية وفهم صحيح للنظرة الصينية إلى العلاقات الدولية والتفاعل مع دول العالم.
في الواقع إذا تمكنت إيران في البداية من إقناع الصين بضرورة اتخاذ نهج أكثر عدوانية في النظام الدولي مع تجنب الصراعات المباشرة والامتناع عن تحميل الدول المعادية تكاليف باهظة كما يفعل الغرب فقد يُمهّد ذلك الطريق لتغيير عقيدة السياسة الخارجية للصين.
علاوة على ذلك فإن سفر وزير الخارجية في الوقت الذي تتسارع فيه التحولات في المنطقة قد يُعتبر فرصة مناسبة لكلا البلدين لتعريف مصالحهما المشتركة في المنطقة، ودخول العلاقات بينهما في فصل جديد. تشمل هذه المصالح مجموعة واسعة من الجوانب الاقتصادية والسياسية. ينبغي على الصين أن تدرك أنه إذا فقدت قدرتها على التأثير في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا، فسوف يتأثر وضعها العالمي في المستقبل القريب نتيجة لذلك.
بالإضافة إلى المنافسة مع الولايات المتحدة، ستجد الصين نفسها أيضًا أمام منافس آخر يُدعى الهند، مما سيزيد من تكاليف المنافسة عليها. لذلك تُعَد الصين الآن في مرحلة حاسمة قد تؤدي إلى تغييرات عميقة في مستقبلها، وشركائها الاستراتيجيين والإقليميين، وكذلك مع الدول الصديقة فإن قرار قادة الصين اليوم هو أمر بالغ الأهمية، وإذا استطاعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تُعلم الصين بتطورات المنطقة والعالم من منظورها وتعمل مع هذا البلد في إطار الأهداف المشتركة فقد تتمكن من أن تصبح شريكًا استراتيجيًا للصين في العصر جديد.