دبلوماسية الغرب في سورية وهيئة تحرير الشام
لم يمضِ شهر واحد على سقوط حكومة الأسد في سورية ولم تتشكل بعد حكومة جديدة في البلاد، أعلن المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون الذين كانوا يعتبرون سابقًا الجولاني وهيئة تحرير الشام إرهابيين عن استعدادهم للسفر إلى سورية ولقاء الجولاني. يأتي ذلك في وقت لا تزال فيه طبيعة حكومته المستقبلية غير واضحة للعديد من المراقبين على الرغم من تصرفات الجولاني العلمانية ورغباته في التقرب من دول الغرب. ويعتقد بعض المحللين أن طبيعة الحكومة الجديدة في سورية قد أصبحت واضحة للأمريكيين قبل عدة أشهر.
لم يمضِ شهر واحد على سقوط حكومة الأسد في سورية ولم تتشكل بعد حكومة جديدة في البلاد، أعلن المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون الذين كانوا يعتبرون سابقًا الجولاني وهيئة تحرير الشام إرهابيين عن استعدادهم للسفر إلى سورية ولقاء الجولاني. يأتي ذلك في وقت لا تزال فيه طبيعة حكومته المستقبلية غير واضحة للعديد من المراقبين على الرغم من تصرفات الجولاني العلمانية ورغباته في التقرب من دول الغرب. ويعتقد بعض المحللين أن طبيعة الحكومة الجديدة في سورية قد أصبحت واضحة للأمريكيين قبل عدة أشهر.
سرعان ما تحركت القوى العالمية بعد سقوط الأسد لإحياء المسار الدبلوماسي في سورية، فقد اجتمع غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمم المتحدة مع قادة هيئة تحرير الشام وعاد الدبلوماسيون الفرنسيون إلى سفارتهم في دمشق بعد سنوات من الغياب. في هذا السياق فإن موقف الولايات المتحدة تجاه القادة الجدد في سورية يلفت الانتباه بشكل خاص.
سافرت باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط على رأس وفد دبلوماسي إلى دمشق للاجتماع مع قادة هيئة تحرير الشام حيث التقت محمد الجولاني زعيم الهيئة. وقد تم استهداف هيئة تحرير الشام من قبل واشنطن في السابق بسبب تاريخها العنيف وعلاقاتها مع تنظيم القاعدة حيث تم الإعلان عن مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار مقابل القبض على الجولاني.(1)
لكن ما هو الهدف الحقيقي للمسؤولين الغربيين والأمريكيين من هذه اللقاءات المبكرة والمستعجلة مع الجولاني؟ واحدة من الأسباب التي تدفع الفرق السياسية والأمنية من الدول الغربية والأمريكية إلى زيارة سورية في الظروف الحالية هي سعيها للحصول على حصة في مستقبل البلاد. بمعنى آخر فإن هذه التحركات ليست مجرد استعداد للاعتراف بالحكومة الجديدة في سورية بل هي تنافس بين الفاعلين الموجودين في سورية لتعزيز مواقعهم في الأبعاد السياسية والأمنية لحكومة الجولاني.(2)
في هذا السياق تدعي الولايات المتحدة أن سياستها الحالية اتجاه هيئة تحرير الشام هي جزء من جهودها للحد من نفوذ إيران وروسيا في سورية لكن يبدو أن واشنطن تسعى فعلاً إلى استغلال هذه المجموعة لتحقيق توازن ضد الفاعلين الذين يعيقون زيادة النفوذ الأمريكي في المنطقة. يجب الإشارة إلى أن هذه الاستراتيجية تواجه ضغوطًا شديدة داخليًا ودوليًا من حيث أخلاقها واستراتيجياتها.(3)
يبدو أيضًا أن أمريكا قد أحدثت تغييرًا أساسيًا في سياستها من خلال التواصل المباشر مع هيئة تحرير الشام، التي كانت تعرف سابقًا كمنظمة إرهابية. وفي هذا الإطار صرح أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي مؤخرًا خلال زيارته لدول مجاورة لسورية أن واشنطن على اتصال مباشر مع هذه المجموعة ومع ذلك أكد بلينكن أن أي تغيير في سياسة العقوبات ضد هيئة تحرير الشام يعتمد على الأفعال العملية والتزام هذه المجموعة بتعهداتها.(4)
الخاتمة
أدى سقوط حكومة الأسد في سورية وصعود هيئة تحرير الشام إلى زيادة حركة الدبلوماسيين الغربيين إلى سورية. في هذا الإطار أظهرت أمريكا من خلال نهجها اتجاه هيئة تحرير الشام أن المصالح الاستراتيجية قصيرة الأجل يمكن أن تتغلب بسهولة على المبادئ الأخلاقية والقوانين الدولية. إن منح الشرعية للجماعات المتطرفة يرسل رسالة غير مباشرة بأن الجماعات الإرهابية يمكن أن تتحول إلى أدوات للفاعلين الدوليين الكبار من خلال تغيير سلوكها أو موقعها. بالإضافة إلى ذلك فإن اعتماد سياسة من هذا القبيل قد يؤدي إلى زيادة الأفكار المتطرفة وتوسع العنف في مناطق أخرى مما قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار للعالم في المستقبل.
إن السياسات المتناقضة لأمريكا تجاه الإرهاب بدءًا من الدعم غير المباشر لإنشاء داعش وصولاً إلى التعاون الواضح مع هيئة تحرير الشام قد خلقت تناقضًا عميقًا بين أقوال هذا البلد وأفعاله. بينما تعمل واشنطن على تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط من خلال هذه الجماعات، فإنه طالما أن المصالح الاستراتيجية المرحلية تتفوق على المبادئ الأخلاقية والقوانين الدولية، فلن تؤدي هذه السياسات فقط إلى تفكك شرعية أمريكا بل ستضعف أيضًا موقفها في الادعاء بمكافحة الإرهاب مما يزيد من عدم الثقة العالمية في نوايا واشنطن ويؤدي إلى تفاقم الأزمات الإقليمية.
1- https://www.mashreghnews.ir/news/1672460
2- https://www.jahannews.com/report/910090
3- https://nournews.ir/fa/news/204689
4- https://fararu.com/fa/news/811520