من الفائض في الموازنة إلى العجز في رؤية 2030
من خلال رؤية 2030 التي بدأها الأمير محمد بن سلمان مع توليه ولياً للعهد تسعى المملكة إلى تغيير سياسة تمويلها الإقتصادي وتقليل الإعتماد على واردات المشتقات النفطية، وهذه أحد خطط بن سلمان لتطوير وتعزيز إقتصاد المملكة وتنوع ايراداته المالية من خلال الإستثمار في مشاريع إنمائية أخرى وتشجيع على الإستثمار الأجنبي.
من خلال رؤية 2030 التي بدأها الأمير محمد بن سلمان مع توليه ولياً للعهد تسعى المملكة إلى تغيير سياسة تمويلها الإقتصادي وتقليل الإعتماد على واردات المشتقات النفطية، وهذه أحد خطط بن سلمان لتطوير وتعزيز إقتصاد المملكة وتنوع ايراداته المالية من خلال الإستثمار في مشاريع إنمائية أخرى وتشجيع على الإستثمار الأجنبي. في تقرير عن ميزانيتها السنوية في بداية أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة المالية السعودية أنها عدّلت التوقعات الخاصة بموازنتها باتجاه سالب، متوقعة تسجيل عجز للعام الجاري 2023وحتى العام 2026، وهذا يعكس ارتفاع الإنفاق الحكومي وانخفاض عائدات النفط بسبب انخفاض إنتاجه وأسعاره.
وأظهرت أرقام الموازنة الصادرة عن وزارة المالية السعودية الأسبوع الماضي أن العجز في الربع الثالث من العام الحالي بلغ 35.8 مليار ريال (9.54 مليار دولار). وجاء هبوط الإيرادات في الموازنة السعودية نتيجة تراجع الإيرادات النفطية بنسبة 36 في المئة خلال الربع الثالث من عام 2023 على أساس سنوي، إلى نحو 147 مليار ريال (39.2 مليار دولار) في الربع الثالث من 2023، مقابل نحو 229 مليار ريال (61 مليار دولار) في الربع المماثل من 2022. وفي المقابل، قفزت الإيرادات غير النفطية بنسبة 53 في المئة إلى 111.5 مليار ريال (29.75 مليار دولار) لتخفف من عجز الموازنة، مقابل 72.85 مليار ريال (19.5 مليار دولار) في الربع المماثل من العام الماضي.[1]
وكانت المملكة السعودية الثرية، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، قد خططت لتحقيق فائض قدره 16 مليار ريال سعودي (4.27 مليارات دولار) في عام 2023، حسب بيان الوزارة السابق للموازنها، ولكن الآن تستقرض من مجموعة بنوك قرضاً لسد العجز في موازنتها حيث جمعت 11 مليار دولار عبر قرض مشترك "في إطــــــــار سعيها لتمويل عجز الميزانية في ظل ضعف إيرادات النفط، وتم تمويل القرض لأجل 10 سنوات من قبل مجموعة من البنوك وهي "البنك الصناعي والتجاري الصيني"، و"سيتي غروب"، و"بنك أبوظبي الأول"، و"إتش إس بي سي هولدينغز"، وفقاً لاشخاص مطلعين على الأمر. وأضافوا أن هامش فائدة القرض بلغ 100 نقطة أساس فوق معيار سعر التمويل المضمون لليلة واحدة القياسي، المعروف باسم "SOFR". [2]
الجدير بالذكر أن ما انفقته المملكة من مئات المليارات من الدولارات على حــفــــلات الترفية وشراء اللاعبين العالميين ولتحسين ســمــعــتــهــا في مجال حقوق الإنسان كان على حساب الموازنة و دون عائد مادي حقيقي وهذا ما وصفه البعض بالفشل الكبير لرؤية محمد بن سلمان 2030 حيث بلغت الديون الحكومية 256 مليار دولار في نهاية الربع الثالث .
ولكن بحسب رئيس الأبحاث في شركة "الراجحي المالية" مازن السديري أن زيادة الإنفاق بمقدار 112 مليار ريال لعبت الدور الأساسي في انتقال الميزانية السعودية من الفائض إلى العجز هذا العام، وليس خفض إنتاج النفط، وهو يرى أن اتجاه الحكومة من التشديد في الإنفاق خلال السنوات الماضية إلى زيادة الإنفاق هو خطوة ستزيد من تسريع نمو الناتج المحلي السعودي وخاصة لإنه يصب في استثمار مشاريع انمائية ضخمة ستدخل في تمويل الناتج المحلي غير النفطي في المستقبل وفي خطة متسارعة سيتم تعويض الدين العام من وارداتها الذاتية بحيث سيبقى ضمن حدوده الطبيعية العليا.
وبالنسبة لخفض توقعات نمو اقتصاد المملكة هذا العام إلى 0.03% فقط، اعتبر السديري أن نمو القطاع غير النفطي السعودي يمثل النقطة الأهم بنظره؛ "إذ يقترب من تحقيق معدل نمو يناهز 6% هذا العام، أي ضعف معدل زيادة سكان المملكة سنوياً". موضحاً أن الأنشطة غير النفطية أضافت للناتج المحلي نحو 20 مليار ريال بالنصف الأول من العام الحالي، وهذه الإيرادات مرشحة للنمو بنسبة 8% إلى 9% سنوياً خلال الأعوام المقبلة .[3]
وبحسب رأي الخبير الاقتصادي بندر الجعيد، أستاذ الإعلام الاقتصادي في جامعة الملك عبد العزيز، في مقابلة مع "الشرق"، أن نمو الإيرادات غير النفطية جاء متماشياً مع توقعات المؤسسات الحكومية، مُرجعاً النمو الذي شهدته القطاعات غير النفطية إلى المشاريع التي تمّ إطلاقها ضمن رؤية السعودية 2030، خاصة تلك المتعلقة بجودة الحياة، وذلك في ضوء تركيز الحكومة على تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط عبر تعزيز القطاعات الجديدة كالسياحة والترفيه والرياضة. [4]
في الواقع لقد تفاوتت الأراء بين الخبراء والمحليين الإقتصاديين حول العجز غير المتوقع والسياسة الإقتصادية للمملكة السعودية وكيف تنظر الحكومة لخطة 2030 التي تضعها ضمن أولوياتها وضمن استراتيجية عامة تقود الإقتصاد السعودي من خلالها لتحقيق النمو الإقتصادي بتقيل الإعتماد على الواردات النفطية وبالإستفادة منها في نفس الوقت، حيث توقع البنك الدولي نفسه أن تستطيع المملكة تعويض العجز الحاصل من خلال زيادة أسعار النفط إذا وصل سعره ل 85 دولاراً للبرميل مع نهاية العام الجاري في ظل التضخم المتوقع، ومن الواضح أن محمد بن سلمان ومن خلال مشروعه الإنمائي "نيوم" ورؤية 2030 للمملكة يطمح لجلب استثمارات العالم الضخمة لهذه المدينة الخيالية ولابأس من المغامرة المؤقتة في اللعبة الإقتصادية في سبيل الهدف الأكبر وهو انجاز هذا المشروع الفريد من نوعه على مستوى العالم في وقته المحدد .
[1] www.independentarabia.com/node/513391/اقتصاد/أخبار-وتقارير-اقتصادية/69-مليار-دولار-إيرادات-السعودية-في-الربع-الثالث-2023
[2] www.asharqbusiness.com/article/57361/بلومبرغ-السعودية-تقترض-11-مليار-دولار-لتمويل-عجز-الموازنة
[3] https://2h.ae/KzFQ
[4] www.asharqbusiness.com/article/56379/قفزة-الإيرادات-غير-النفطية-تخفف-عجز-الميزانية-السعودية