الهند تصطاد في الماء العكر!

اتخذت زيارة رئيس وزراء الهند للولايات المتحدة في الأيام القليلة الماضية بعداً مهماً. وخلال الزيارة التي أعقبت زيارة وزير الدفاع الأمريكي للبلاد، تم التوصل إلى اتفاقيات مهمة تظهر الأهمية الدبلوماسية للزيارة. يتوجه مودي إلى الولايات المتحدة حيث تطورت العلاقات الاقتصادية بين الهند والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. بلغ إجمالي التجارة بين البلدين 191 مليار في عام 2022.ومن المقرر أن يلتقي مودي بالرئيس جو بايدن في البيت الأبيض بعد أن يلقي خطاباً في الكونجرس الأمريكي. يأتي الاجتماع في الوقت الذي ذكرت فيه الهند مرارا وتكرارا أنها محايدة في الحرب الروسية الأوكرانية وتحاول التحدث إلى قادة البلدين لإحلال السلام 1

هذه الرحلة لها بعد اقتصادي وسياسي مهم

في البعد الاقتصادي للهند ومن خلال عملها المستقل في الأشهر الأخيرة تمكنت من كسب ثقة روسيا ومساعدة البلاد على الإلتفاف على العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب وحتى على العقوبات المفروضة على تصدير النفط والغاز الروسي إلى مختلف البلدان وخاصة أوروبا 2، وفي غضون ذلك استطاعت جلب رأس مال مادي قوي إلى إقتصادها. من ناحية أخرى ومع الدبلوماسية القوية التي يظهرها صناع السياسة الهنود، فإنهم يأخذون تنازلات من الغرب لإبطاء دعم البلاد لروسيا. هذه اللعبة الذكية والمعقدة، بالنظر إلى موقع الهند الجيوسياسي ووصولها الجغرافي، وبذكاء الهند الخاص ستجعل البلاد تتقدم قدر الإمكان وتزود البلاد بأداة قيمة في منافستها مع الصين من أجل التنمية. خلال زيارة رئيس الوزراء مودي الأخيرة للولايات المتحدة كان من بين العقود الموقعة عقود عسكرية مختلفة بما في ذلك شراء طائرات بدون طيار ونقل تكنولوجيا محركات الطائرات الحربية. والاستثمارات في صناعة المعادن المتقدمة وصناعات أشباه الموصلات هي أيضا من بين العقود الهامة المبرمة في الهند.3

البعد السياسي الذي تحاول الدول الغربية إيجاده هو تقريب الهند من الجبهة الغربية، حيث أفشلت الهند بذكائها هذا المخطط خلال المؤتمر الصحفي بين رئيسي الدولتين. حيث لخص مستقبل العلاقات الدولية في عالم متعدد الأقطاب 4 وحدد دور الدول الأخرى بما في ذلك الصين والهند نفسها و روسيا وبقية الدول التي تحاول لعب دور جديد في العالم.

لم يعد التغيير في النظام الدولي يعتبر شعارًا أيديولوجيًا ، وتستخدم دول العالم المختلفة هذا المنهج لتغيير اتجاهها واختيار مسارها المستقبلي.

المنطلق التاريخي الذي لديهم فيما يخص إعطاء الأهمية من قبل الجبهة الغربية لدولة الهند، هو النمط الكلاسيكي للولايات المتحدة حيث تحاول إضعاف قوى الطرف المقابل كلما واجهوا مشكلة معه. في الماضي استطاعت الولايات المتحدة ولمرة واحدة عن طريق مخططها المعقد أن تفصل الصين الشيوعية عن حليفها الإستراتيجي الاتحاد السوفيتي (استراتيجية كيسنجر)، ومع هذا البرنامج أصبحت الاختلافات بين البلدين الصين والاتحاد السوفيتي خطيرة وكبيرة. أدت هذه الخطة إلى إضعاف الاتحاد السوفيتي وتهميش الدعم الذي حظي به البلدين في السنوات الأولى، ويعتقد العديد من المحللين أن أحد أسباب سقوط الإمبراطورية السوفيتية كان ضعف العلاقات مع الصين وعدم وجود دعم لموسكو . 5

لكن من ناحية أخرى جعلت هذه الخطة الصين قوية، والتي استطاعت التغلب على الولايات المتحدة على مدى عقدين متتاليين، و ربما جعلت صانعي السياسة الغربيين يندمون. يبقى أن نرى أن الهند مثل الصين ستستخدم منافستها للعالم الغربي باتجاه الشرق مثل الصين الشيوعية، وفي السنوات القادمة سنرى الهند تختار جبهتنا ؛ حتى لو لم تتصرف الهند مثل الصين في مسارها المستقبلي، على الأقل بما يتماشى مع تقدمها وتطورها، فقد استخدمت في نفس الوقت مزايا و أوراق الفوز على الجبهتين الشرقية والغربية لتنميتها وتقدمها 6، وهذا انتصار لبلد كان له تاريخيا حضارة قديمة. تتماشى عودة الهند إلى قوتها مع جهود الولايات المتحدة لوضع قوة الصين تحت نفوذها، و هذه القضية تولي الصين دراستها بعناية فائقة. وبهذه الطريقة يمكن لإيران أن يكون لها دور في هذا المخطط وقد يجلب منافع لابأس بها لطهران. 7

 امیرعلی یگانه

1. https://www.rand.org/blog/2023/03/india-can-bridge-the-us-russia-divide-over-ukraine.html

2. https://www.politico.eu/article/eu-india-summit-russia-oil-sanctions-subrahmanyam-jaishankar/

3. https://www.nytimes.com/2023/06/22/us/politics/biden-modi-state-visit.html

4. https://www.aljazeera.com/news/2023/6/22/biden-welcomes-modi-to-white-house-in-closely-watched-visit

5. https://www.ipis.ir/portal/subjectview/630801/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D8%B1%D8%A7%D9%87%D8%A8%D8%B1%D8%AF%DB%8C-%D8%A2%D9%85%D8%B1%DB%8C%DA%A9%D8%A7-%D9%88-%DA%86%DB%8C%D9%86

6.https://farhangemelal.icro.ir/news/9158/%D8%AF%DB%8C%D9%BE%D9%84%D9%85%D8%A7%%B3%DB%8C-%D8%B9%D9%85%D9%88%D9%85%DB%8C-%D8%AC%D8%AF%DB%8C%D8%AF-%D9%87%D9%86%D8%AF-%D9%82%D8%AF%D8%B1%D8%AA-%D9%86%D8%B1%D9%85-%D9%88-%D9%85%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%DB%8C%D8%AA-%D9%87%D8%A7%DB%8C-%D8%B9%D9%85%D9%84%DA%A9%D8%B1%D8%AF%DB%8C-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%AA

7. https://www.csis.org/analysis/india-iran-cooperation-chabahar-port-choppy-waters