إغلاق الحدود الأيرانية مع أفغانستان وأثره على الأمن المستدام

خلال السنوات الأخيرة أصبح الوضع الفوضوي في أفغانستان يلقي بآثاره السلبية وغير المطمئنة على الوضع في إيران. ووصول الجماعات الإرهابية من أفغانستان إلى إيران وتفعيل أنشطتها التدميرية هو أحد هذه الآثار جراء هذه الأنشطة، ضف إلى ذلك ضعف قوات حرس الحدود والثغرات الموجودة على الجانب الأفغاني، مما دفع إيران إلى محاولة السيطرة بشكل أكبر على الوضع وإغلاق حدودها مع أفغانستان. 

وفي هذا السياق، أعلن أمير كيومارث حيدري قائد القوات البرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، على هامش زيارته للحدود المشتركة بين إيران وأفغانستان، أن خطة إغلاق الحدود الشمالية الشرقية للبلاد بطول بطول 74 كيلو متراً بدأت تنفذها الوحدات الهندسية. ويتم تنفيذ هذا المشروع الحدودي على أربع عمليات بناء، وتم الانتهاء من تسييجه حتى الآن، ومن ثم سيتم البدء في فرش وشق الطرقات وتجهيزها.

وبالإضافة إلى قوات الحرس والشرطة، سيتواجد عناصر الجيش والحرس الثوري الإيراني أيضًا في مناطق حساسة على الحدود مع أفغانستان لحماية الحدود الإيرانية.[1]

وتتم أنشطة الاتجار بالبشر في أجزاء مختلفة على طول الخطوط الحدودية بين أفغانستان وإيران، ويعتقد أن الجماعات الإرهابية تسافر من وإلى إيران عبر هذه الطرق الحدودية. وبالنظر إلى الأحداث الإرهابية الأخيرة في إيران، يمكن أيضًا اعتبار قرار إغلاق الحدود مع أفغانستان جزءًا من جهود إيران لمنع دخول الإرهابيين إلى أراضيها.

وبعد الإعلان عن خطة إغلاق حدود إيران مع أفغانستان، ردت حركة طالبان على هذا الإجراء، وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن الإجراءات الحدودية تنفذها كل دولة ويجب أن تتم بتفاهم بين كلا الطرفين. ثانياً لا ينبغي لأي دولة أن تخاف من أفغانستان، بما في ذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويجب أن تتأكد من أنها لن تتعرض للأذى من قبل أفغانستان.[2]

لكن الواقع الميداني يقول خلاف ذلك. ومع وصول حركة طالبان في أفغانستان للحكم، لا يزال فرع خراسان لتنظيم الدولة الإسلامية وجيش العدل يشكلان أخطر التهديدات الأمنية من أفغانستان إلى إيران. ويقال إن بعض إرهابيي جيش العدل قاتلوا جنباً إلى جنب مع طالبان من أجل انهيار الحكومة الأفغانية السابقة.

قال رحمة الله نبيل، الرئيس السابق للأمن القومي الأفغاني، ردا على هجوم جيش العدل في سيستان وبلوشستان في ديسمبر/كانون الأول، إن الأشخاص المنتسبين إلى هذه الجماعة قاتلوا مع القوات العسكرية الأفغانية في عدة مقاطعات في عام 2021 لدعم القوات الأفغانية. وتسببت حركة طالبان في سقوط ولاية نمروز الأفغانية. وعندما تزايدت هجمات طالبان في أغسطس 2021، ادعى أن وكالة المخابرات الباكستانية أرسلت حوالي 600 من مقاتلي جيش العدل إلى مقاطعات نمروز وهيرات وفراه لمساعدة قوات طالبان الأفغانية. [3]

وطلبت إيران من حركة طالبان عدم السماح للجماعات التي تهدد مصالح إيران بالعمل في أفغانستان ومواجهتها وقمعها. لكن بعد مرور عامين ونصف على وجود طالبان، لم يتم نشر أي تقارير موثقة عن تصرفات طالبان ضد جيش العدل في أفغانستان. كما أن طالبان لا تحاول التحدث عن هذه المجموعة.

ولم تتعامل طالبان مع المسلحين والإرهابيين في المنطقة الذين دعموا الحرب مع الحكومة الأفغانية السابقة وحلفائها الغربيين. ويقال إن حركة طالبان تخشى أن يؤدي الضغط على هذه الميليشيات بناء على طلب دول المنطقة إلى توحدها مع جماعات إرهابية أخرى مثل داعش؛ ولهذا السبب يتصرفون بحذر. هذا وعلى الرغم من أن الجماعات الإرهابية مثل داعش أنشأت بسهولة قواعد لتدريب وتربية الإرهابيين داخل أفغانستان، ولم تتخذ حركة طالبان، على الرغم من ادعائها بمحاربتها، أي إجراء جدي لمواجهتها. [4]

لدى إرهابيي داعش قاعدة في مقاطعة بدخشان الأفغانية ويتلقون التدريب هناك. وفي الهجوم الانتحاري الأخير، وفقًا لوزارة الاستخبارات الإيرانية، تم تدريب أحد الإرهابيين في الحادث الإرهابي في كرمان في هذه القاعدة. [5]

وخلال فترة حكم طالبان التي استمرت عامين في أفغانستان، نفذ تنظيم داعش العديد من الهجمات ضد كبار مسؤولي والقادة التابعين للدولة، فضلاً عن المدنيين، وخاصة الشيعة.

وقد دفع سيطرة طالبان على أفغانستان الجماعات الإرهابية إلى تعزيز وجودها في هذا البلد. وتشكل هذه الجماعات تهديدا خطيرا لأمن المنطقة والدول الأخرى.

بالإضافة إلى هذه الحالات، أدى الدخول غير القانوني لمواطنين من دول مختلفة من أفغانستان إلى إيران وتهريب المخدرات إلى اتخاذ إيران قرارًا بإغلاق حدودها مع أفغانستان. وفي حوادث كرمان وشيراز الإرهابية، دخل بعض مرتكبي هذه الجرائم الفظيعة إلى إيران عبر الحدود الأفغانية.[6]

إن توفير الأمن هو أحد المطالب الرئيسية لشعب أي بلد. وفي الوقت الذي لا تهتم فيه الدول المجاورة لإيران، مثل أفغانستان وباكستان، كثيراً بأمن حدودها، تحاول القوات المسلحة لجمهورية إيران الإسلامية، تماشياً مع رغبات شعبها، ضبط الحدود بهدف زيادة الوضع الأمني في البلاد.

محمد صالح قرباني

[1] https://www.irna.ir/news/85383075/%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D8%B1%D8%B2%DB%8C-%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%DB%8C%DA%A9-%D9%BE%D8%B1%D9%88%DA%98%D9%87-%D9%85%D9%84%DB%8C-%D8%A7%D8%B3%D8%AA

[2] https://www.avapress.com/fa/news/285759/%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%AA-%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%DB%8C-%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D9%85%D8%B1%D8%B2-%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%A7%DB%8C%D8%AF-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%85-%D8%AF%D9%88-%DA%A9%D8%B4%D9%88%D8%B1-%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%AA-%DA%AF%DB%8C%D8%B1%D8%AF

[3] https://www.avapress.com/fa/news/239531/%D8%A7%D9%85%D8%AA%D9%86%D8%A7%DB%8C-%D9%81%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%B3%D9%87-%D8%A7%D8%B2-%D8%A8%D9%87-%D8%B1%D8%B3%D9%85%DB%8C%D8%AA-%D8%B4%D9%86%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D9%86-%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86

[4]https://www.independentpersian.com/node/388006/%D8%AC%D9%87%D8%A7%D9%86/%D8%B7%D8%B1%D8%AD-%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D9%85%D8%B1%D8%B2%DB%8C-%D8%A8%D8%A7-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D8%9B-%D9%86%DA%AF%D8%B1%D8%A7%D9%86%DB%8C-%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%DB%8C-%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%DB%8C-%DA%86%DB%8C%D8%B3%D8%AA%D8%9F

[5]https://www.vaja.ir/news/314010/314108/426901/%D8%A7%D8%B7%D9%84%D8%A7%D8%B9%DB%8C%D9%87%DB%8C-%D8%AF%D9%88%D9%85-%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%AA-%D8%A7%D8%B7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D8%B1-%D8%AE%D8%B5%D9%88%D8%B5-%D9%81%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D9%87%DB%8C-%D8%AA%D8%B1%D9%88%D8%B1%DB%8C%D8%B3%D8%AA%DB%8C-%DA%A9%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86

[6] https://www.dw.com/fa-af/%DA%86%D8%B1%D8%A7-%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B5%D9%85%DB%8C%D9%85-%D8%A8%D9%87-%D9%85%D8%B3%D8%AF%D9%88%D8%AF%D8%B3%D8%A7%D8%B2%DB%8C-%D8%AE%D8%B7-%D9%85%D8%B1%D8%B2%DB%8C-%D8%A8%D8%A7-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%DA%AF%D8%B1%D9%81%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D8%B3%D8%AA/a-68235424