أهداف الصين في المحيط الهادي

الاستثمارات الواسعة في البنية التحتية للموانئ والمطارات ووسائل الاتصال في الدول الجزرية الصغيرة لتعزيز النفوذ الاقتصادي

ابريل 21, 2025 - 06:10
ابريل 21, 2025 - 06:13
 19
أهداف الصين في المحيط الهادي
أهداف الصين في المحيط الهادي

خلال السنوات الماضية كانت تسعى الصين نظرًا لقربها من المحيط الهادي إلى تعزيز وجودها في هذه المنطقة الجغرافية. وتعتبر هذه المنطقة ذات أهمية كبيرة بالنظر إلى موارد الطاقة والبوابات الجيوستراتيجية المتاحة للدول القوية في العالم (1). لقد كانت منطقة المحيط الهادي منذ زمن بعيد مسرحًا لتصادم المصالح المتعارضة وساحة تنافس القوى الكبرى. تعدد شبه الجزر فيها والطرق المائية والقنوات البحرية زاد من جاذبية هذه المنطقة. يضفي وجود اليابان والصين والولايات المتحدة وروسيا في هذه المنطقة معنىً على التنافس المذكور. مع تعزيز الصين لوجودها في هذه المنطقة وتطوير البنية التحتية للدول الصغيرة في المحيط الهادي، تزداد تبعية هذه الدول للصين مما يعزز من دور الصين في إدارة منطقة المحيط الهادي. يتمتع نطاق أهداف الصين في منطقة المحيط الهادي وكذلك مخاوف الدول الغربية بشأن هذا الأمر بأبعاد متعددة سنتناولها الآن في هذا المقال.

 

تسعى الصين إلى تعزيز وجودها البحري وتقليل اعتمادها على المضائق الاستراتيجية من خلال تطوير قواعد عسكرية وتجارية في جزر المحيط الهادي. في سياق هدفها بعيد المدى المتمثل في النفوذ الاقتصادي على دول العالم عبر إنتاج السلع والمنتجات الثقافية، تسعى الصين إلى الوصول المتنوع إلى طرق تجارية وكوريدورات هامة بحيث لا يحدث أي خلل في مسارات الوصول إلى الدول المستهدفة في التجارة الصينية في الظروف الحرجة. يتطلب هذا الهدف التزامات معينة. وفي خطتها، تعتبر الصين وجودها في المحيط الهادي كواحدة من أكبر المساحات المائية في العالم. يمكن أن يضمن الوجود في هذه المنطقة وصول الصين الدائم إلى الدول المستهدفة. إن تجهيز الجزر السكنية وغير السكنية في هذه المنطقة بقواعد عسكرية وتجارية يساعد الصين على تحقيق أهدافها الرئيسية في التجارة العالمية.(2)

على مدار السنوات الأخيرة كان الوصول إلى المضائق الاستراتيجية في العالم مثل مضيق مالاكا ومضيق باب المندب ومضيق هرمز يحمل مخاطر مالية وبشرية مستمرة. لقد أدت حالة الحرب وعدم اليقين التي شهدتها هذه المضائق الاستراتيجية في السنوات الخمس الماضية إلى إدراك الصين أهمية تطوير طرق تجارية آمنة في المناطق الآمنة من العالم.

 الاستثمارات الواسعة في البنية التحتية للموانئ والمطارات ووسائل الاتصال في الدول الجزرية الصغيرة لتعزيز النفوذ الاقتصادي، ويتطلب ذلك استخدام هذه المناطق في المحيط الهادي مما دفع الصين إلى التفكير في تصميم البنية التحتية ومتطلبات التجارة الدولية في بعض الجزر والدول الصغيرة في هذه المنطقة وإبرام عدة عقود مع حكوماتها (3). غالبًا ما تعاني الدول الصغيرة في هذه المنطقة من قيود مالية كبيرة. يعتقد بعض الخبراء الغربيين أن تعزيز دور الصين في هذه المنطقة يمكن أن يثير تساؤلات حول استقلالية دول هذه المنطقة، وأن الأمن الملاحي العالمي بالنظر إلى توازن القوة البحرية بين القوى الغربية والصين قد ينشئ عوائق تؤثر على التجارة الدولية. بالطبع يمكن أن يؤدي تجمع القوات العسكرية الشرقية والغربية إلى تحويل منطقة المحيط الهادي إلى مستودع بارود جديد وهذا الأمر يشكل خطرًا كبيراً على دول المنطقة.

إن استخدام الموانئ والمطارات في هذه الدول التي تم تجهيزها وتطويرها على يد الصين ولديها عمق عملياتي عالٍ يمكن أن يزيد من النمو التجاري في المحيط الهادي، وفي السنوات القادمة من المتوقع أن يتم نقل كميات كبيرة من السلع التجارية الصينية من هذه المنطقة إلى بقية دول العالم.

قلق القوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة وأستراليا من توسع حضور الصين في المناطق الاستراتيجية وتأثير ذلك على توازن القوى في المحيط الهادئ. تُعتبر الولايات المتحدة، بوصفها دولة عرفت نفسها كقوة عظمى بعد الحرب العالمية الثانية لاعبًا رئيسيًا وتسعى لتحقيق أهدافها في منطقة المحيط الهادي. إن إنشاء التحالفات العسكرية والتجارية المتعددة بما في ذلك الشراكة الأمنية الإقليمية (أكو)، التي اقترحتها أستراليا يعكس حضور المحور الغربي في هذه المنطقة بهدف تقييد المنافسة الصينية.

 

تتزايد قدرة الأساطيل العسكرية للدول الغربية المتمركزة في قواعد المحيط الهادئ كمًا ونوعًا سنويًا. وتدعم الوثائق العسكرية الاستراتيجية للدول المعنية هذا الادعاء. لدى الولايات المتحدة خطة شاملة لتصميم دور محدد لتقليل توسع الصين في المحيط الهادئ(4). يشمل ذلك تعزيز الحضور في الدول الغير مأهولة وتقوية الوجود العسكري ونشر قوات جديدة في الجزر غير المأهولة. تُعتبر أستراليا بوصفها الذراع الرئيسية للولايات المتحدة في هذه المنطقة هي المحرك الرئيسي للمخططات المضادة للصين في المحيط الهادئ.

بشكل عام، يمكن القول إن الصين بحاجة إلى تعزيز وجودها في منطقة المحيط الهادئ وإقامة توازن بحري مع الدول الغربية بالإضافة إلى توسيع تجارتها الدولية. كما أن الولايات المتحدة تفكر بمساعدة حلفائها في إنشاء خطط مناسبة لمنع الصين من السيطرة الكاملة على المحيط الهادئ. إن تجهيز القواعد العسكرية والتجارية في هذه المناطق بمساعدة البلدان المتحالفة يمثل أبرز إجراء تتخذه الدول الغربية. إن النفوذ الجيوسياسي للصين في المنطقة مرتفع جدًا وقد يكون هذا الأمر قد تسبب في قلق الخبراء الأمنيين الغربيين.

 

 

 أمير علي يگانه

 

 

1.       https://www.thepeninsula.org.in/2022/09/20/chinas-expanding-presence-in-the-pacific-islands/

2.     https://thediplomat.com/2025/04/pla-assertiveness-in-the-tasman-sea-is-a-wake-up-call-on-chinas-dual-use-infrastructure-in-the-pacific/

3.     https://www.csis.org/analysis/chinas-power-play-across-pacific   

4.     https://monthlyreview.org/2024/07/01/changes-in-u-s-grand-strategy-in-the-indo-pacific-and-chinas-countermeasures/