اتهامات متكررة بحججٍ عزعومة

خلال الأسبوع الماضي، وبينما أصدر النظام القضائي الفرنسي حكماً غريباً بحق الرئيس السوري بشار الأسد، وعدد من أقاربه، صدر التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية حول قضايا حقوق الإنسان في فرنسا، حيث تم الكشف عن حقائق مروعة تم إخفاؤها عن العالم في ظل ادعاءات فرنسا حول حقوق الإنسان.

نوفمبر 25, 2023 - 07:23
اتهامات متكررة بحججٍ عزعومة
اتهامات متكررة بحججٍ عزعومة

       خلال الأسبوع الماضي، وبينما أصدر النظام القضائي الفرنسي حكماً غريباً بحق الرئيس السوري بشار الأسد، وعدد من أقاربه، صدر التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية حول قضايا حقوق الإنسان في فرنسا، حيث تم الكشف عن حقائق مروعة تم إخفاؤها عن العالم في ظل ادعاءات فرنسا حول حقوق الإنسان.

بداية، تجدر الإشارة إلى أن النظام القضائي الفرنسي، واستمراراً لسياساته المناهضة لسورية، أصدر مذكرة اعتقال دولية بحق الرئيس السوري بشار الأسد بسبب تورطه المزعوم في جرائم ضد الإنسانية في صيف 2013 خلال الهجمات الكيميائية المزعومة في سورية.[1]وتزعم فرنسا أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا الحكم، الذي يشمل أربعة اعتقالات لماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، فضلاً عن جنرالين مهمين في الجيش السوري، غسان عباس وبسام الحسن، هي المعلومات الواردة من الولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك، فإن مصدر هذه المعلومات محل خلاف ولم يتم إجراء أي تحقق مفصل في هذا الأمر.

وبحسب هذا التقرير، فإن وحدة مستقلة في محكمة باريس مختصة بالجرائم ضد الإنسانية تحقق في الهجمات الكيميائية منذ عام 2021. وبحسب وكالة فرانس برس، بدأ التحقيق بشكوى قانونية قدمها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)، ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح (OSJI) والأرشيف السوري باعتبارها منظمات غير ربحية وغير حكومية.[2]لكن، وخلافاً لادعاءات الدوائر الغربية والمنظمات الدولية الخاضعة لقيادتها، نفت سورية دائماً استخدام الأسلحة الكيميائية. وذلك على الرغم من أن معارضي الأسد ارتكبوا جرائم كثيرة في السنوات الأخيرة، وحدثت أعمال شغب بدعم من الحكومات الغربية، وهو ما لا يمكن حصره بسهولة.

يشار إلى أنه للمرة الأولى، في 25 نيسان/أبريل 2013، اتهمت الولايات المتحدة في تقدير استخباراتي حكومة الرئيس بشار الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية، وخاصة غاز السارين [3]، الأمر الذي سرعان ما قوبل برد فعل سوري، ونفته  بشكل قاطع الحكومة المركزية السورية. ومع ذلك، في 29 أبريل 2013، تم الإبلاغ عن هجوم كيميائي آخر في سراقب، أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 13 آخرين، وتم نقل المصابين إلى تركيا لإجراء مزيد من الاختبارات.[4] . وفي 5 مايو/أيار 2013، أعلن الأطباء الأتراك عدم العثور على أي آثار لاستخدام السارين في دماء الضحايا. وفي الوقت نفسه، أعلنت كارلا ديل بونتي، مفتشة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وأحد أعضاء لجنة التحقيق، بشجاعة أن معارضة الحكومة السورية هي التي استخدمت المواد الكيميائية لمهاجمة الناس والجنود وكانت مسؤولة عن ذلك وقد استخدامت غاز السارين.[5]

وفي الوقت نفسه، أثيرت نقاشات عديدة حول عدم فعالية استخدام الأسلحة الكيميائية في المعركة العسكرية في سورية من قبل قوات الجيش في حكومة الرئيس بشار الأسد، وثبت أن الأسلحة الكيميائية لم تكن وليست مفيدة عسكرياً للأسد وقواته.[6]لأن أي استخدام من هذا النوع من السلاح لن يؤدي إلا إلى إلحاق أضرار جسيمة بين المدنيين، ولن يكون له أية مكاسب للقوات الحكومية من حيث التطورات على أرض المعركة، ولن يؤدي إلا إلى إلحاق أضرار جسيمة بنظام الرعاية الصحية السوري. بالإضافة إلى ذلك، كانت الحكومة السورية على يقين من أنه إذا تم استخدام الأسلحة الكيميائية، فسوف تتعرض لهجوم فوري من قبل الولايات المتحدة وحلفائها. وهذا يعني هجوم له شرعية دولية من جهة، و تأثير سريع من جهة أخرى. لذا بشكل عام، يمكن الاستنتاج أن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل قوات الحكومة السورية في تلك المرحلة لم يكن له أي فائدة عسكرية فحسب، بل إن التحضير لها في تلك الفترة لم يكن ممكناً على الإطلاق، ومن وجهة نظر سياسية وإستراتيجية كان من شأنه أن يؤدي إلى خسارة سريعة للحرب. ومع توضيح المزيد من المعلومات وعرض خطة نزع الأسلحة الكيميائية السورية، وضعت أمريكا التي كانت تخطط للهجوم على سورية دون إذن مجلس الأمن في موقف ضعيف وعدلت عن قرارها، وتم طوي هذا الملف وأرشفته  لفترة طويلة، والآن يتم إعادة إثارته من قبل فرنسا بنفس الوثائق والدلائل المزعومة والمرفوضة سابقًا ويتم طرحه في وسائل الإعلام.

ويشير إلى أن اتهامات الغرب التي لا أساس لها من الصحة ضد الأسد وحاشيته مسبوقة بغيرها ففي وقت سابق أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة ضد 6 أشخاص، بينهم اثنان من أقارب الرئيس السوري بشار الأسد، بحجة دورهم في إنتاج أو تصدير مادة "الكبتاغون" على أنها مادة أمفيتامين خطيرة.[7]وفي العام الماضي، ادعى معهد أبحاث أمريكي يدعى نيو لاينز، في تقرير دون مصدر معروف حيث اعتمد فقط على بعض الشكوك والشائعات، أن كبار المسؤولين في الحكومة السورية، بما في ذلك ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، متورطون في إنتاج والاتجار بمخدر الكبتاغون، والذي في نفس الوقت انتقدته الصحافة و وسائل الإعلام الغربية المستقلة لأنه بدون أدلة ولا يمكن توجيه الاتهامات بدون دليل مثبت وهذا النوع من الادعاءات سيكون مجرد استهزاء بوسائل الإعلام العالمية المستقلة.

في النهاية، تجدر الإشارة إلى أن الحرب السورية، التي بدأت عام 2011 بعد تدخلات وإجراءات مختلفة من قبل القوات الغربية ووكلائها، تحولت بعدها إلى حرب أهلية واسعة النطاق ضد الأسد والحكومة الشرعية في سورية، وتسببت في مقتل أكثر من نصف مليون شخص ونزوح نصف سكان هذا البلد، وحتى بعد السيطرة على جزء كبير منه، فقد تسبب في عواقب ومشكلات انسانية كبيرة على الشعب والحكومة الشرعية في سورية.

 نوید دانشور


[1] https://irna.ir/xjNYK7

[2] http://fna.ir/3fzbfu

[3] https://www.cnn.com/2013/04/25/world/meast/syria-civil-war/index.html

[4] https://news.sky.com/story/chemical-attacks-in-syria-a-deadly-history-11323747

[5] https://www.france24.com/en/20130506-syria-un-del-ponte-chemical-weapons-gas-rebels-assad

[6] https://www.aljazeera.com/news/2013/5/6/un-no-clear-proof-of-syria-chemical-arms-use

[7] https://irna.ir/xjM5rN