فخ أمريكا الكبير لطالبان، لعبة مزدوجة خاسرة
خلال الأسبوع الماضي، تم الإعلان زيارة مسؤول طالبان الكبير إلى الدوحة للقاء مسؤولين أمريكيين، وتم الكشف عن أن الاجتماع لم يكن فقط حول الوضع الداخلي في أفغانستان، ولكن تم أيضا مناقشة قضايا أخرى مثل الوضع الإقليمي وعلاقات طالبان مع الجيران الآخرين خلال الزيارة. ونقلت صحيفة طهران تايمز عن وسائل إعلام غربية قولها إن"الولايات المتحدة عرضت على طالبان الإفراج عن أموال أفغانية محظورة مقابل زعزعة الإستقرار في إيران".[1] لكن مصادر مقربة من طالبان قالت إن طالبان رفضت صراحة الاقتراح الأمريكي. ولكن ما يهم أكثر من أن نباء أن الولايات المتحدة تسعى لزعزعة الأمن في إيران، هو لماذا ترفض طالبان قبول هذا العرض الوقح من قبل الولايات المتحدة على طالبان؟
في البداية ، تجدر الإشارة إلى أن مصادر مقربة من فريق طالبان المفاوض في الدوحة أفادت أنه ليس فقط خلال هذا الاجتماع الأخير مع ممثلي طالبان والأمريكيين يُطلبُ منهم ذلك، ولكن أيضًا في الاجتماعات الماضية، كان ممثل الولايات المتحدة يصرح بوضوح أن بلاده مستعدة لتقديم أي دعم مقابل دور طالبان في إيجاد حالة الإنعدام الأمني في إيران، ومنح بعض التنازلات بما في ذلك الإفراج عن المبالغ المحجوزة، وهو الأمر الذي ردت عليه طالبان بشكل متكرر بالنفي القاطع.[2] الآن من أجل التحقيق في هذا الأمر عن كثب علينا العودة قليلاً إلى الوراء ومراجعة أحداث هذه العملية خلال العامين الماضيين.
اليوم اتخذت طالبان مثل هذا الموقف الحازم ضد الاقتراح الأمريكي، وهو يرتكز على نقطتين رئيسيتين. الأولة هي بالتأكيد التغيير في السياسات الأساسية والاستراتيجية لطالبان ونظرتهم الطويلة الأجل للتفاعل مع دول المنطقة والعالم، والثانية هي السياسات الجيدة والصبورة للجمهورية الإسلامية الإسلامية، وخاصة خلال إدارة الحكومة الثالثة عشر. في السنوات الأخيرة ، كانت الاستراتيجية الرئيسية والأساسية للغرب، بقيادة الولايات المتحدة وبدعم مباشر وغير مباشر من الصهاينة هي شن الحروب ونشر النزاعات والخلافات في منطقة الشرق الأوسط، وتم إنشاء ركائز مختلفة تحركها لإحداث عدم الاستقرار والأمن و نهب ثروات المنطقة. ولكن من ناحية أخرى، كانت نتيجة النظرة الحضارية والأمنية للجمهورية الإسلامية هي التعامل الصبور وإعطاء الفرصة لتعميق علاقات الأمم فيما بينهم في اتجاه التقدم والتآزر.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجيران لهم الحق في التعامل مع بعضهم البعض. لكن أفغانستان وإيران ليسا مجرد جيران. كانت أفغانستان جزءا من إيران لعدة قرون، وكانت ثقافتها وأعراقها متشابكة ومتشابهة. وقد عملت اليد الاستعمارية البريطانية على فصل إيران وأفغانستان عن بعضمهما البعض، كما فعلت بين العديد من دول المنطقة. كانت أفغانستان مستعمرة بريطانية لعقود، حتى وضع الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة اقدامهم في البلاد. وشاركت طالبان عدة مرات في العقدين الماضيين الحكومات الغربية، وعلى الرغم من كل هذه التطورات فإن الحكومة الوحيدة التي وقفت إلى جانب الأمة الأفغانية خلال الفترة الطويلة من المعاناة وانعدام الأمن ولم تكن قادرة على تخفيف معاناتها إلا بأقل قدر ممكن هي جمهورية إيران الإسلامية. إيران هي الدولة الوحيدة التي أثبتت أخوتها مع الشعب الأفغاني ودفعت الكثير من المال مقابل ذلك. الآن الحكام الحاليون لأفغانستان يدركون ذلك جيدا، وهناك شرفاء مستعدين لإثبات أخوتهم في مواجهة عوامل التفرقة التي تؤثر على الصداقة والأخوة بين أفغانستان وحكومة جمهورية إيران الإسلامية. ومن ناحية أخرى يدرك مسؤولو الطالبان جيدا أن جمهورية إيران الإسلامية سترد على أي محاولة من أي جانب يحاول زعزعة الأمن أو خلق التوتر ضد مصالحها برد حازم ومدمر لتقطع عليهم أية محاولة من جذورها، لذلك لن يدخلوا أبدا في المصائد والمكائد الغربية أو أي مخطط لها لبدء صراعات ونزاعات بالوكالة في المنطقة.
في الختام، وضع الأمريكيون فخاً للاتحاد السوفيتي على مدى العقود الماضية خلال الحرب والصراع بين الجيش السوفيتي وأفغانستان لدعم الحكومة الشيوعية لجمهورية أفغانستان الديمقراطية ضد قوات مجاهدي خلق الأفغانية ، لكن بعد عقدين من الزمن ، وقعوا هم أنفسهم في نفس الفخ. فشلوا في الوصول إلى الهدف النهائي على مدى 20 عاما من احتلال أفغانستان وهو تهديد الصين ومحاصرتها، والأهم من ذلك إيران أيضاً، وأجبروا على سحب قواتهم بعد إنفاق الكثير من المال، ومن ثم فإن الضرر الذي لحق بمصداقية الولايات المتحدة لا يوصف ولا يمكن تحسين صورتها بعد الفضيحة. قال جو بايدن: "الولايات المتحدة أصبحت بخلاف 20 عاما الماضية، عندما خاضت الحرب في أفغانستان، والآن تفتقر إلى هدف واضح. لقد كنا ننفق 300 مليون دولار يومياً في أفغانستان لمدة 20 عاما ، ولم نتمكن من الاستمرار في إهدار تلك الأموال. وتتمنى الصين وروسيا أن تظل الولايات المتحدة محاصرة في أفغانستان لمدة 10 سنوات أخرى".[3]
لذلك يمكننا هنا أن نرى بوضوح سبب الجهود الأمريكية لتحريض الوفد الأفغاني على بدء الصراع مع إيران وهدفهم النهائي هو غطاء يخفي خلفه الفضائح الأمريكية الأخيرة في المنطقة والعالم لنسيان ما حدث، وكذلك جهود الديمقراطيين الانتخابية لتزييف الإنجاز والنجاح وتسليم الورقة الفائزة في الانتخابات الأمريكية المقبلة، ويمكن التنبؤ بأن أفغانستان في ظل حكم الإمارة الإسلامية تعلم أن أمريكا فخًا كبيرًا لطالبان. ويمكن أن تكون لعبة خاسرة مزدوجة بالنسبة لهم، وفي نهاية تلك اللعبة لن يتوقف الأمر على عدم تحرير أموالهم المحظورة في أمريكا، بل من المحتمل أن تغرق في مستنقع الخراب.
[1] https://www.tehrantimes.com/news/487759/Evil-offer-to-Taliban
[2] http://fna.ir/3e5xv8
[3] https://kayhan.ir/fa/print/266001