النظرة التجارية لترامب تجاه غزة

كشف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب يوم الثلاثاء 4 فبراير عن خطة تقضي بالنزوح القسري للفلسطينيين من قطاع غزة وإعادة بناء هذه المنطقة بعد السيطرة الطويلة الأمد لواشنطن عليها. وقد أثارت هذه الخطة موجة واسعة من المعارضة والانتقادات على المستويين الدولي والإقليمي وبين العالم العربي.

فبرایر 10, 2025 - 14:07
النظرة التجارية لترامب تجاه غزة
النظرة التجارية لترامب تجاه غزة

كشف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب يوم الثلاثاء 4 فبراير عن خطة تقضي بالنزوح القسري للفلسطينيين من قطاع غزة وإعادة بناء هذه المنطقة بعد السيطرة الطويلة الأمد لواشنطن عليها. وقد أثارت هذه الخطة موجة واسعة من المعارضة والانتقادات على المستويين الدولي والإقليمي وبين العالم العربي. حتى أعلن ترامب يوم الجمعة 7 فبراير أنه ليس في عجلة من أمره لتنفيذ خطته للسيطرة على قطاع غزة وإعادة بنائه.(1) 

الحقيقة أنه يتم اعتبار الاقتراح الأخير لترامب بشأن نقل سكان غزة وإعادة بناء المنطقة مشروعًا اقتصاديًا يتجاوز كونه مجرد تصريح مثير للجدل. بدلاً من النظر إلى أزمة غزة من منظور إنساني أو أخلاقي، يرى ترامب أنها فرصة تجارية. تستند رؤيته هذه إلى أفكار جارد كوشنر صهره الذي قدّم رؤيته قبل عدة أشهر(2) لمستقبل غزة بعد الحرب حيث زعم في تصريحات له ضد الشعب الفلسطيني وغزة أن إنشاء منطقة آمنة في النقب ونقل المدنيين للخارج ومن ثم دخولهم غزة يعد خطوات صحيحة.(3) 

يرتبط جذور هذه الخطة بالتنافسات الجيوسياسية والصراع على الطاقة التي شكلت شكلًا جديدًا بعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا مما جعل العديد من الدول تواجه نقصًا في الطاقة. وبعد عملية 7 أكتوبر والاعتداء الوحشي الذي شنه الكيان الصهيوني على غزة أصبح موضوع موارد الطاقة في قطاع غزة الذي يقع بالقرب من حقول الغاز الغنية على سواحل البحر الأبيض المتوسط يدفع الكيان الصهيوني لتنفيذ خططه المسبقة للاستفادة من الموارد الضخمة للغاز في هذه المنطقة.

وفقًا للدراسات المنشورة في مؤتمر التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة توجد موارد هائلة من النفط والغاز في قطاع غزة والضفة الغربية. تُظهر هذه الدراسات أن هناك ثروة هائلة من الموارد النفطية والغازية في مناطق مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث يمنع الكيان الصهيوني الفلسطينيين من الاستفادة منها. وقد ضمنت اتفاقية أوسلو 2 التي وُقّعت عام 1995، الحقوق البحرية حتى 20 ميلاً من الساحل للفلسطينيين. بناءً على ذلك وقعت السلطة الوطنية الفلسطينية في عام 1999 عقدًا لمدة 25 عامًا للتنقيب عن الغاز مع شركة استخراج غاز بريطانية. كما اكتُشف في عام 2000 حقلان كبيران من الغاز على سواحل غزة باحتياطي قدره 1.4 تريليون متر مكعب، حيث كانت 60% من احتياطيات هذه الموارد تعود إلى السواحل الفلسطينية. وقد سمح رئيس وزراء الكيان الصهيوني ببدء عملية حفر البئر الأولى تحت إشراف السلطة الوطنية الفلسطينية. أما اليوم فقد تغير الوضع.

في الواقع يُعتبر اعتداء نتنياهو على غزة في أكتوبر 2023 استمرارًا للاعتداء على هذه المنطقة في عام 2014. ترتبط خطة الكيان الصهيوني لاحتلال غزة وترحيل 2.3 مليون من سكانها إلى مصر بمخططات الطاقة الخاصة به. وقد قال وزير دفاع الكيان الصهيوني: "سنخلي غزة من كل شيء"، وكشفت مؤخرًا عن خطة سرية لأحد الوزراء الإسرائيليين لنقل 2.3 مليون فلسطيني مقيم في غزة إلى صحراء سيناء في مصر. 

خلاصة الأمر أن الهدف الرئيسي لنتنياهو ليس فقط تدمير حركة المقاومة حماس وإخراج الفلسطينيين من غزة، بل أيضًا السيطرة على مليارات الدولارات من احتياطيات الغاز في قطاع غزة.

في 29 أكتوبر أي أقل من أسبوعين بعد اعتداء إسرائيل على غزة منح رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو ترخيصًا لست شركات أوروبية لبدء عمليات استكشاف الغاز من خزانات السواحل في البحر الأبيض المتوسط. قُدرت قيمة موارد هذه الخزانات بحوالي 524 مليار دولار حيث تقع جزء من هذه الموارد في الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية.
 
علاوة على ذلك في الهامش المخصص لاجتماع دول مجموعة العشرين في نيودلهي اتفقت كل من الولايات المتحدة وأوروبا والهند والسعودية والإمارات على إنشاء ممر اقتصادي جديد يمتد من الهند إلى الخليج العربي، ثم إلى الشرق الأوسط وصولاً إلى أوروبا. سيكون هذا المشروع منافسًا لمشروع "الحزام والطريق" أو ما يُعرف بطريق الحرير الصيني. وقد صرح نتنياهو قائلًا: "المشروع الاقتصادي للممر الجديد من الهند إلى أوروبا هو أكبر مشروع تعاون في تاريخنا، وستكون دولة إسرائيل البوابة الرئيسية للممر من الهند إلى أوروبا."(4)

بالنظر إلى هذه الحقائق يبدو أن مسألة السيادة على غزة قد كانت عاملًا مهمًا بالنسبة للإسرائيليين وقد تولى ترامب الآن هذه المسؤولية بعد فشل الكيان الصهيوني في الحرب على غزة. من الواضح أن ترامب من خلال التحكم في موارد الطاقة في هذه المنطقة يمكنه أن يمسك بزمام الأمور في أوروبا والممر الهندي إلى أوروبا مما يجعل الأوروبيين يعتمدون على الولايات المتحدة لتأمين احتياجاتهم من الطاقة. 

وبناءً على ذلك يبدو أن ترامب رغم أنه قال بشكل غير واضح إنه ليس في عجلة لتنفيذ هذا المشروع فإن تقدم هذا المشروع سيظل موضوعًا مهمًا بالنسبة له وللكيان الصهيوني، وسيتم متابعته من قبل كلا الجانبين في المستقبل. في مثل هذه الظروف يقع على عاتق المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية المسؤولية في العمل على تسريع إعادة بناء غزة بمشاركة الفلسطينيين ومنع النزوح القسري لسكان غزة لأنه سيسبب تحديات أمنية واقتصادية جديدة لمنطقة غرب آسيا.


حكيمة زعيم باشي

1. https://farsi.alarabiya.net/middle-east/2025/02/08
2. https://fararu.com/fa/news/830085
3. https://www.khabaronline.ir/news/1886168
4. http://www.irdiplomacy.ir/fa/news/2023325