الدعم الروسي للحملات العسكرية في سورية
الدعم الروسي للحملات العسكرية في سورية
مرت الحرب السورية خلال 12سنة منذ اندلاع الأحداث فيها إلى يومنا هذا بمراحل كثيرة ومتنوعة تختلف حسب الظروف السياسية التي ترافق كل مرحلة، بالإضافة إلى الوقائع الميدانية والمكاسب العسكرية على الأرض التي كان لها الدور الأكبر في تغير مسار الأزمة خلال سنواتها الطويلة، وهذا ما سيقودنا للحديث عن آخر التطورات العسكرية والسياسية في مرحلة جديدة خاصة بعد التطورات الأخيرة والتحركات الإستفزازية في الشمال السوري.
من جديد تعود الحرب السورية لتتصدر المشهد، فقد تناقلت في الآونة الأخيرة عدةُ مصادر إعلامية ومواقع رسمية أنباءً عن بدأ حملة عسكرية في الشمال السوري، الذي شهد في الأسابيع الماضية توترات وُصِفت بالعنيفة راح ضحيتها عدد من المقاتلين لدى الجيش السوري نتيجة قصف من قبل المجموعات المسلحة الموالية لتركيا وخاصة ألوية جبهة النصرة المتمركزة على طول الحدود الشمالية لريف حلب وادلب واللاذقية. كما استهدفت طائرات مسيرة مناطق في ريف حماه واللاذقية راح ضحيتها مدنيين وضحايا أبرياء.
ونشرت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" بيان وزارة الدفاع السورية التي قالت فيه : "ردّاً على الاعتداءات التي نفذتها المجموعات الإرهابية المسلحة خلال الأيام الماضية على ريفي حماة واللاذقية والتي راح ضحيتها عدد من المدنيين وأدت إلى إحداث أضرار مادية كبيرة في ممتلكات الأهالي نفذت قواتنا المسلحة الباسلة بالتعاون مع القوات الجوية الروسية عدة عمليات نوعية استهدفت مقار الإرهابيين ومستودعاتهم في ريف إدلب ومواقع إطلاق الطائرات المسيّرة وأدت إلى تدمير تلك المقار بما فيها من أسلحة وذخائر وطيران مسيّر ومقتل عشرات الإرهابيين وإصابة آخرين"..[1]
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق إزاء تصعيد الأعمال العدائية في شمال غرب سورية بعد مقتل 11 شخصا على الأقل في ضربات جوية روسية على محافظة إدلب التي يسيطر عليها المتمردون[2]، حيث تسيطر «هيئة تحرير الشام» على نحو نصف مساحة إدلب ومناطق محدودة محاذية من محافظات حماة وحلب واللاذقية. الجدير بالذكر أنه منذ مارس (آذار) 2020، يسري وقف لإطلاق النار الذي أعلنته موسكو وتركيا الداعمة للفصائل المقاتلة، بعد هجوم واسع لقوات الجيش السوري وحلفائه تمكنت خلاله الدولة السورية من السيطرة على نصف مساحة إدلب.
تطورات جديدة في المنطقة تثير تساؤلات كثيرة حول ماهية المرحلة القادمة في ظل استقدام تعزيزات عسكرية من قبل جميع الأطراف المتواجدة على الجغرافيا السورية، فالقوات الأمريكية وحسب بعض المصادر المحلية في شرق الفرات بدأت بتعزيز تواجدها العسكري بمزيد من الآليات العسكرية وأنظمة الدفاع الصاروخي المتطورة [3]دعماً لقوات سورية الديمقراطية(قسد) التي تعتبرها تركيا مجموعات إرهابية وتهدد أمنها القومي، بالإضافة إلى زيادة انتشار قواتها في منطقة التنف التي إحتلتها منعاً لوصول الدعم من إيران لقوات الجيش السوري وحزب الله، وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا التصعيد الحاصل مؤخراً يعود إلى العناد الأمركي الذي يواجه أي تقدم في مسار الحل للأزمة السورية، بعد أن سادت أجواء من التفاهمات على المستوى العربي والأقليمي للتقارب والتطبيع مع دمشق وإعادة العلاقات كسابق عهدها، وهذا بات معروفاً لدى دمشق و حلفائها وخاصة روسيا وإيران، أن المُعطِّل الوحيد لحل الأزمة السورية هو التواجد الأمريكي وتدخلاته من خلال أدواته وأجهزة مخابراته التي تسعى جاهدة لإبقاء حالة الصراع موجودة في سورية.
الجلي والواضح للجميع أنه منذ بداية الصراع ضد الجماعات المسلحة، وخاصة جبهة النصرة وداعش وبعد أن دخلت الأزمة السورية مرحلة خطيرة وباتت نسبة كبيرة من الجغرافيا السورية بيد المجموعات المسلحة، دخلت روسيا على خط المعارك وشاركت في العديد من العمليات المشتركة مع الجيش السوري في جميع أنحاء البلاد. وفي 30سبتمبر 2015، أطلقت روسيا حملة عسكرية واسعة النطاق في سوريا بناءً على طلب من حكومة الرئيس السوري بشار الأسد. وكان الهدف الرئيسي من هذه الحملة محاربة الجماعات المسلحة ودعم الجيش السوري في جهوده لاستعادة السيطرة على الأراضي التي سيطرت عليها تلك الجماعات المسلحة.
منذ بداية الحملة الروسية في سورية، شن الجيش السوري وروسيا العديد من العمليات المشتركة ضد جبهة النصرة وداعش، وتمكنوا من تحرير العديد من المناطق التي كانت تحت سيطرة هذه الجماعات، بما في ذلك مدينة حلب وريفها. ومنذ ذلك الحين، واصلت روسيا والجيش السوري العمل معًا في محاربة الجماعات المسلحة واستعادة السيطرة على المناطق التي خسروها. وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إلى روسيا بسبب استخدامها للقوة العسكرية في سورية، فإن العمليات المشتركة بين روسيا والجيش السوري قد أسفرت عن نتائج إيجابية فيما يتعلق بالأمن والاستقرار في سورية.
وحسب تقارير وزارة الدفاع الروسية عندما بدأت الحملات الجوية والقصف الصاروخي المكثف من البحر والجو بصورايخ متطورة على مواقع ومقرات المجموعات المسلحة وعلى تجمعات الإرهابيين، تم تسجيل أكثر من 9000 طلعة قتالية وجهت ضربات جسيمة ضد تجارة المسلحين بالنفط. كما أفاد الوزير بأن من نتائج العملية تصفية أكثر من ألفي مسلح تسللوا إلى سورية من الأراضي الروسية، بمن فيهم 17 قائدا ميدانياً، وتحرير 400 بلدة ومدينة سورية وأكثر من 10000 كلم مربع من أراضي البلاد.[4]
وقالَ المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية في الأول من أكتوبر لعام 2015م إن روسيا قد نشرت أكثر من 50 طائرة (بما في ذلك مُقاتِلات سوخوي سو-34) في سورية وَأضاف: تم نشر المجموعة الجوية في مهلة قصيرة جدًا. حيث أن معظم العتاد والذخيرة كانت موجودة بالفعل في مستودعاتنا في طرطوس. كان علينا فقط نقل طائراتنا وتقديم بعض المعدات.[5]
بالنظر إلى مستوى العلاقات بين البلدين نجد أن المصالح الروسية في سورية كثيرة ومتعددة ولها أبعاد استراتيجية على مستوى السياسة الخارجية بين دول العالم، فقد كان لسورية الدور الأكبر لإمتلاك روسيا موطئ قدم في المياه الدافئة وعلى طريق الحرير، و صمود الشعب السوري هو الَّذي دفع روسيا لتكون قطباً عالمياً يستطيع أن يتصدى للهيمنة الأميركية والغربية ومكّنها من حماية مصالحها الجيوسياسية على مستوى العالم، فالقضية السورية أخذت بعداً عالمياً كان لها ثقلها في صنع توازنات جديدة في المعادلات الدولية. وهذا بالطبع أحد الأسباب ومن أهمها الذي يجعل روسيا تستخدم سياسة الدعم العسكري والسياسي في الحرب السورية. بالإضافة إلى أختبار أسلحتها في ساحات المعارك السورية ضد الإرهابيين ومدى فعاليتها ضد العدو وهذا يعزز الثقة لدى الدول المتعاقدة مع روسيا من أجل عقد صفقات شراء الأسلحة المتنوعة والمتطورة.
[1] https://sana.sy/?p=1922397
[2] https://www.bbc.com/arabic/articles/cv2rzmev17xo
[3] https://2h.ae/KzFQ
[4] arabic.rt.com/news/814842-نبذة-الحملة-الروسية-سوريا/#
[5] https://www.rt.com/news/317179-russian-airforce-syria-aircraft/