مايجمع البلدين هو طريقٌ لعودة الأمن في باكستان وأفغانستان

أخذت التوترات الأخيرة بين باكستان وحكومة طالبان في أفغانستان طابعاً معقداً وغامضاً. وقبل شهر تم تداول أخبار في وسائل الإعلام حول جهود المبعوث الخاص للصين لتطبيع العلاقات بين كابول وإسلام آباد.

ينايِر 4, 2025 - 03:22
مايجمع البلدين هو طريقٌ لعودة الأمن في باكستان وأفغانستان
مايجمع البلدين هو طريقٌ لعودة الأمن في باكستان وأفغانستان

أخذت التوترات الأخيرة بين باكستان وحكومة طالبان في أفغانستان طابعاً معقداً وغامضاً. وقبل شهر تم تداول أخبار في وسائل الإعلام حول جهود المبعوث الخاص للصين لتطبيع العلاقات بين كابول وإسلام آباد. بعد وساطة الصين بدأ المخطط المعطل لنقل عناصر حركة طالبان باكستان (ت ت ب) من المناطق الحدودية في أفغانستان إلى مناطق نائية بما في ذلك كابول وغزني والولايات الشمالية في أفغانستان.

نظرًا لأن باكستان تمثل أهمية خاصة للصين بسبب موقعها الجيواستراتيجي، ترى الصين أنه إذا ظلت بيئة باكستان غير آمنة قد يمتد هذا الانعدام الأمني إلى دول أخرى في المنطقة، مما قد يؤثر على مشاريع الحزام والطريق والممرات الاقتصادية الصينية. لذا تسعى الصين من خلال الوساطة بين كابول وإسلام آباد وتحمل تكاليف نقل عناصر حركة طالبان باكستان بعيدًا عن المناطق الحدودية إلى تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة. لكن هذه الحلول لم تكن ناجحة كفاية ولم تقم أفغانستان بالتدابير اللازمة لنقلهم كما لم تتخذ استراتيجية واضحة تجاه طالبان باكستان مما أدى إلى تصاعد التوترات بين البلدين في الأيام الأخيرة.

الحقيقة أن حكومة طالبان من خلال استضافتها لحركة طالبان باكستان في أراضيها، قد اتبعت استراتيجية ردع تجاه إسلام آباد وتعتقد أن مسألة طالبان باكستان (ت ت ب) هي قضية ومشكلة داخلية لباكستان.
 
الحكومة السياسية في باكستان التي تعاني من أزمات سياسية واقتصادية كانت تأمل في تقديم حل مؤقت لنقل طالبان باكستان وتطبيع العلاقات مع كابول كإنجاز يحسب لها، لكن جهاز الاستخبارات الباكستاني الذي يتولى الملف الأفغاني نظر إلى مسألة حركة طالبان من زاوية مختلفة. لذا شهدنا في الأيام الأخيرة أكبر هجوم جوي باكستاني على أراضي أفغانستان.
 
من وجهة نظر جهاز الاستخبارات الباكستاني فإن المشكلة الرئيسية ليست وجود حركة طالبان باكستان في أراضي أفغانستان بل تعتبر وجود هذه الجماعة في أفغانستان التحدي الرئيسي. ولذلك فلن يرضي نقل عناصر هذه الجماعة إلى مناطق أخرى جهاز المخابرات الباكستاني. يدعي جهاز الاستخبارات الباكستاني أن الهند وكابول من خلال دعمهما لحركة طالبان باكستان يسعيان لتحقيق أهداف معادية لباكستان. (1)
 
لذا يمكن تقييم الإجراءات الأخيرة لإسلام آباد تجاه أفغانستان وحكومة طالبان على أنها تذكير من قبل الجيش الباكستاني لكابول بالخطوط الحمراء التي تشمل الحد من نشاط الهند في أفغانستان وإنهاء عمليات (ت ت ب) في أفغانستان. (2)
  
كانت إسلام آباد في الماضي تدعم طالبان أفغانستان بشكل كامل وكانت تُظهر نفسها كداعم لحكومة طالبان على المستوى الدولي، وتعمل كلوبي لهذه الحكومة، (3) لكنها الآن بسبب الانعدام الأمني والمشكلات التي تسبب بها الجماعات الإرهابية خاصة طالبان باكستان تُدين حكومة أفغانستان بدعمها للإرهاب.

في الواقع يبدو أن وراء قرارات باكستان الأخيرة لشن الهجمات واستئناف تصعيد التوتر مع أفغانستان، هي الحكومة الصينية. كما أنها تدخلت كوسيط للتشاور في هذا الشأن. يجب أن نذكر أن الأولوية الأولى للصين في منطقة جنوب آسيا هي خلق بيئة آمنة من أجل تحقيق خططها الكبرى. هذه البيئة الآمنة تحمل أهمية خاصة على طول ممر الصين-باكستان الاقتصادي (CPEC)، حيث استثمرت بكين حوالي 50 مليار دولار في هذا المشروع. 

ومن جهة أخرى تعتبر الصين إلى جانب باكستان، أفغانستان كمساحة جغرافية جيواقتصادية، وترسمها كجزء من خريطة طريقها المستقبلية. إن الجماعات الإرهابية التي تعمل بحرية في أفغانستان تشكل عائقًا أمام تحقيق بيئة آمنة للنشاط الاقتصادي والنقل.

في النهاية يجب القول إن تصاعد التوتر بين باكستان وأفغانستان ليس في صالح أي من البلدين. إن الاعتماد على القضايا المشتركة من القيم الاجتماعية والثقافية العميقة بين الشعبين المسلمين والأخوين في باكستان وأفغانستان يوفر لِ إسلام آباد وكابول القوة والإمكانات اللازمة. من خلال هذا التعاون يمكنهما استخدام آليات سلمية لحل نزاعاتهما والعمل معًا لمكافحة الجماعات الإرهابية وإقامة منطقة آمنة. كما أن دراسة تاريخ العلاقات بين البلدين يوضح أن الحرب لم تكن يومًا حلاً مناسبًا لإنهاء انعدام الأمن في البلدين.

حكيمة زعيم باشي

 1-  https://afgreview.com/?p=2120
 2-  https://afgreview.com/?p=2163
 3-  https://afgreview.com/?p=2167