الدبلوماسية الإقليمية لإعادة تعزيز مكانة إيران

تشير زيارة وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية إلى الإمارات العربية المتحدة بعد زيارته إلى الصين إلى نشاط واسع لجهاز الدبلوماسية الإيرانية لإعادة تعريف مكانة إيران في المنطقة والتنسيق مع الشركاء الدوليين والإقليميين.

ينايِر 4, 2025 - 03:01
ينايِر 4, 2025 - 03:04
الدبلوماسية الإقليمية لإعادة تعزيز مكانة إيران
الدبلوماسية الإقليمية لإعادة تعزيز مكانة إيران

تشير زيارة وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية إلى الإمارات العربية المتحدة بعد زيارته إلى الصين إلى نشاط واسع لجهاز الدبلوماسية الإيرانية لإعادة تعريف مكانة إيران في المنطقة والتنسيق مع الشركاء الدوليين والإقليميين. 

في ظل السرعة العالية للتطورات في المنطقة تسعى الدول إلى تنسيق مواقفها مع الظروف الجديدة وتعريف مصالحها بما يمكنها من تحقيق أكبر فائدة. في هذه الظروف يمكن اعتبار زيارة عراقجي إلى الإمارات محاولة من البلدين لتقليل التوترات وإيجاد حلول للاختلافات. تعكس هذه الزيارة رغبة الطرفين في إيجاد حلول دبلوماسية للقضايا الخلافية وتجنب التصعيد أكثر.

يعتبر أحد الأهداف المحتملة لهذه الزيارة دراسة إمكانية التعاون الإقليمي بين إيران والإمارات لمواجهة النفوذ والدور الإقليمي لتركيا. بالنظر إلى المنافسات الشديدة بين الإمارات وتركيا في مناطق مختلفة، قد يُعتبر التقارب بين إيران والإمارات عاملاً لخلق توازن قوى في المنطقة وكبح نفوذ تركيا. في الواقع يمكن لإيران والإمارات الآن تعريف مصالح إقليمية مشتركة أكبر لهما وبناءً على ذلك يمكنهما توسيع مستوى التعاون.

في سورية تسعى كل من تركيا والإمارات لزيادة نفوذهما لكن لكل منهما أهدافًا مختلفة، حيث تسعى تركيا من خلال التأكيد على دورها التاريخي في الشرق الأوسط وسياساتها القائمة على الإسلاموية إلى تثبيت وجودها العسكري والسياسي في شمال سورية. من ناحية أخرى تسعى الإمارات من خلال دعم المجموعات المعارضة وتعزيز القوات الوطنية السورية إلى تقليص نفوذ تركيا.

وعلاوة على ذلك يمكن لإيران والإمارات أيضاً إجراء محادثات في المجالات الأمنية التي تواجه كل منهما ولتقليل هذه الاختلافات والتحديات بناءً على المصالح المشتركة. تُعد اليمن والسودان من المناطق التي يوجد فيها تعارض في مصالح إيران والإمارات. ومع ذلك فإن الإمارات تواجه أيضًا تحديات في السودان من قبل تركيا وربما تستطيع إيران الاستفادة من هذه الخلافات خدمة لمصالحها. أو أنها قد تستطيع من خلال دبلوماسيتها النشطة أن تلعب دورًا استراتيجيًا ومهيمنًا في هذه النزاعات وأن تعمل كوسيط بين تركيا والإمارات في السودان. قد يؤدي هذا إلى تعزيز مكانة إيران في حل النزاعات الإقليمية. بالطبع لكي تصل إيران إلى هذه النقطة ينبغي عليها التعرف على نقاط القوة الاستراتيجية المشتركة مع كل من تركيا والإمارات والعمل بناءً عليها.

 بالإضافة إلى ذلك يجب الإشارة إلى أن هذه الزيارة كانت للحديث عن مستقبل سورية واليمن أيضًا. حيث يتعين على إيران أن تتقدم بناءً على مصالحها الوطنية معتمدة على قوتها الداخلية والقدرات السياسية المتاحة لضمان تحقيق مصالحها القصوى. للوصول إلى هذا الهدف تمتلك إيران شريكين كبيرين هما الصين وروسيا اللذان يتمتعان بعلاقات جيدة مع حكومة الإمارات ولديهما نفوذ كافٍ في هذا البلد.

يمكن أيضًا دراسة هذه الزيارات التي أكملها وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية إلى الصين، في هذا السياق، حيث تسعى إيران للحصول على دعم الصين لمصالحها الإقليمية وتحاول الضغط على خصومها الإقليميين بمساعدة شركائها وحلفائها ليدفعوا إلى التراجع عن مواقفهم.

كما ينبغي التأكيد على أن إيران بحاجة الآن إلى إعادة تعريف أهدافها وعملياتها وآلياتها لتحقيق أهدافها وبرامجها في المنطقة. في الواقع تسعى الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى زيادة قدرتها الرادعة لمنع نشوب المعارك المباشرة. وهذا يتطلب توسيع التعاون مع الدول الإقليمية وتعريف المصالح المشتركة معها. إضافةً إلى ذلك تخلق المنافسة الإقليمية الجديدة التي نشأت فرصة لإيران للاستفادة من الصراعات والإشكاليات التي تتعرض لها القوى الأخرى في المنطقة مما يمكنها من تحقيق المكاسب اللازمة من هذه التوترات.

على سبيل المثال يمكن لإيران أن تتفاوض مع الأطراف الإماراتية والتركية في السودان لتحديد ورقة ضغط جيدة لنفسها وبالتالي تحقق أهدافها من خلال الحصول على مكاسب من كلا الطرفين.
 
بشكل عام يمكن أن تُظهر زيارة عراقجي إلى الإمارات جهود إيران لتعزيز علاقاتها مع دول الخليج الفارسي واستغلال الفرص المشتركة لكبح نفوذ تركيا. حيث أوجدت تركيا من خلال سياساتها العدوانية في الشرق الأوسط مخاوف مشتركة لكل من إيران والإمارات. يمكن لهذين البلدين الاستفادة من إمكاناتهما الدبلوماسية والاقتصادية لإنشاء تحالفات إقليمية. 

ويمكن أن يساهم تقارب إيران والإمارات في إدارة أفضل للأزمات الإقليمية، وتعزيز التعاون الاقتصادي وتقليل التوترات في مناطق النزاع. كما ستتاح هذه التعاون فرصة لإيران لتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال تحسين علاقاتها مع الدول العربية.


امين مهدوي