أسباب تعميق الفجوة بين روسيا وأرمينيا

في الأيام الأخيرة، فاجأت أرمينيا منطقة القوقاز بإعلان التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية. ويعني الإعلان عن هذا الخبر أن أرمينيا تقترب من أحد الأنظمة القانونية للجبهة الغربية، وهو أمر مهم بالنسبة لروسيا، كما أثار هذا الخبر موجة من ردود الفعل لأن المحكمة الجنائية كانت قد صنفت بوتين مجرم حرب العام الماضي وقد حذرت من أنه إذا سافر رئيس روسيا إلى الدول الأعضاء في هذه المحكمة فيجب القبض عليه. وهذه الحقيقة تظهر تزايد الخلافات بين أرمينيا وروسيا.

فبرایر 12, 2024 - 14:09
أسباب تعميق الفجوة بين روسيا وأرمينيا
أسباب تعميق الفجوة بين روسيا وأرمينيا

في الأيام الأخيرة، فاجأت أرمينيا منطقة القوقاز بإعلان التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية(1). ويعني الإعلان عن هذا الخبر أن أرمينيا تقترب من أحد الأنظمة القانونية للجبهة الغربية، وهو أمر مهم بالنسبة لروسيا، كما أثار هذا الخبر موجة من ردود الفعل لأن المحكمة الجنائية كانت قد صنفت بوتين مجرم حرب العام الماضي وقد حذرت من أنه إذا سافر رئيس روسيا إلى الدول الأعضاء في هذه المحكمة فيجب القبض عليه. وهذه الحقيقة تظهر تزايد الخلافات بين أرمينيا وروسيا.

ولأسباب اتساع الفجوة بين البلدين أبعاد مختلفة:

الحرب بين أرمينيا وأذربيجان؛ من أهم ما توقعته أرمينيا من روسيا؛ أن تقوم موسكو بدعم يريفان بشكل كامل ضد باكو، وهو ما لم يتحقق في حرب العام الماضي، وانتهت هذه الحرب بتفوق أذربيجان والحصول على العديد من الامتيازات من يريفان. ومن خلال هذه الحجة، ستحاول حكومة باشينيان ذات التوجه الغربي الحصول على مؤيدين جدد لنفسها من خلال الاقتراب من الغرب(2) من أجل اكتساب المزيد من القوة فيما يتعلق بأذربيجان. رئيس الوزراء الأرمني باشينيان، الذي لم يفلح في كسب يريفان ثقة روسيا، يريد بديلاً لجارته الشمالية، التي اعتمد عليها كأخ أكبر له في هذه السنوات. كما أن هذه القضية حساسة للغاية بالنسبة لروسيا لأن أرمينيا، باعتبارها إحدى الدول المجاورة لروسيا، يجب أن تظل تحت سيطرة موسكو، والنفوذ الغربي في هذه المنطقة هو خط أحمر لروسيا، وتوجه أرمينيا إلى الناتو وبقية الأنظمة التي أنشأها الغرب إنهاء لموسكو، وهي بمثابة إنذار تحذيري.

موازنة علاقات أرمينيا مع الشرق والغرب؛ يبدو أن دولة أرمينيا قد توصلت إلى فهم جديد لسياستها الخارجية وتريد استخدام قدرات الولايات المتحدة ومؤيديها في نفس الوقت والحفاظ على العلاقات مع روسيا عند مستوى معقول. وهذا الاتجاه الجديد لأرمينيا يمكن أن يسبب سوء فهم خطير لروسيا لأنه حتى سنوات قليلة مضت، كانت يريفان تتصرف بشكل كامل على الجبهة الروسية، وهذا التغيير في قيادة السياسة الخارجية يعد مسألة خطيرة وحساسة بالنسبة ليريفان. وبطبيعة الحال، سيرحب الغرب بهذا الاتجاه الجديد في أرمينيا، لأن أحد الأهداف الرئيسية للغرب في منطقة القوقاز هو كسب النفوذ في هذه المنطقة للسيطرة على منافسته روسيا(3)، ونفوذ الغرب في هذه المنطقة يعني السيطرة على روسيا. في الوضع الحالي، حيث تخوض روسيا حربًا في أوكرانيا، وتركز بشكل كامل على الفوز في هذه المعركة، يمكن للولايات المتحدة ترسيخ وجودها في منطقة القوقاز والضغط على روسيا من الجنوب. كما إن روسيا بأدوات الضغط التي تمارسها في منطقة القوقاز، لن تقبل بسهولة وجود الولايات المتحدة.

الممرات، هناك نقطة أخرى أساسية في تطورات منطقة غرب آسيا والقوقاز وهي مسألة إنشاء ممرات اتصال للجبهتين الشرقية والغربية(4). لقد حققت مبادرة الحزام والطريق والممر الشمالي الجنوبي للجبهة الشرقية نجاحا في السنوات الأخيرة وهي تحاول تنفيذ أهدافها في النظام العالمي المستقبلي من خلال استكمال هذين الطريقين واستغلالهما في أسرع وقت ممكن. وأرمينيا وإيران قطعتان مهمتان في هذا الهدف، وفقدانهما يضر بالجبهة الشرقية. وعلى الجانب المقابل، صممت الجبهة الغربية بدائل لممر الجبهة الشرقية، وهو ممر توراني الذي يعتبر خريطة تركيا لدول القوقاز وآسيا الوسطى، وهو أحد بدائل الممر الشمالي الجنوبي الذي تقترحه الولايات المتحدة وتحاول إنشاءه من خلال تركيا. وبطبيعة الحال، مع إنشاء ممر توراني، الذي يحظى أيضاً بدعم الغرب، فإن خطة الممر بين الشمال والجنوب، التي تحظى بدعم روسيا، ستكون موضع شك وتهميش. إن دعم أرمينيا المحتمل للمشاريع البديلة للممر بين الشمال والجنوب يمكن أن يزيد من إضعاف العلاقات الثنائية للبلاد مع روسيا. إن مسألة الممرات هذه مهمة جداً بالنسبة للجبهتين الشرقية والغربية، وليس من المستبعد أن تندلع حرب في المنطقة لقيام أي من هذه المخططات.

في النتيجة، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الأرمنية تحاول في السنوات الأخيرة أن تنأى بنفسها عن جارتها الشمالية بنهج غربي وتوافق عن غير قصد على خطة الغربيين للتأثير على يريفان، قضية الحرب بين أذربيجان وأرمينيا من أهمها، إن الأحداث التي شهدتها منطقة القوقاز في السنوات الأخيرة هي أن دول خارج الإقليم بمخططاتها الكبرى تحاول إشعال النار في منطقة القوقاز لتحقيق أهدافها المشؤومة، ودول المنطقة بما في ذلك أرمينيا وأذربيجان يتعين عليها أن تنظر إلى ما هو أبعد من مشاكلها وأن تنظر إلى منظور شامل لمنطقة القوقاز ولا تلعب بسهولة في المخططات التي ترسمها القوى اللاعبة من خارج المنطقة.

 امير علي يكانه

1. https://www.france24.com/en/asia-pacific/20240201-armenia-joins-international-criminal-court-moscow-decries-unfriendly-step

2. https://eurasianet.org/armenian-pm-sees-no-advantage-in-russian-troop-presence-as-ties-with-moscow-deteriorate-further

3. https://www.cacianalyst.org/publications/analytical-articles/item/13762-is-it-america%E2%80%99s-hour-in-the-caucasus?.html

4. https://foreignpolicy.com/2023/11/02/azerbaijan-armenia-zangezur-corridor/