دولارات النفط عبر طريق سورية ؟

لقد أدى سقوط نظام الأسد إلى صدمة لدى الدول العربية في منطقة الخليج الفارسي، فعلى الرغم من معارضتهم له في بداية الاحتجاجات عام 2011 و طرد سورية من جامعة الدول العربية، لكن خلال السنوات الست الماضية بدأت دول الخليج في تطبيع علاقاتها مع نظام بشار الأسد في سورية. 

ينايِر 6, 2025 - 04:58
دولارات النفط عبر طريق سورية ؟
دولارات النفط عبر طريق سورية ؟

لقد أدى سقوط نظام الأسد إلى صدمة لدى الدول العربية في منطقة الخليج الفارسي، فعلى الرغم من معارضتهم له في بداية الاحتجاجات عام 2011 و طرد سورية من جامعة الدول العربية، لكن خلال السنوات الست الماضية بدأت دول الخليج في تطبيع علاقاتها مع نظام بشار الأسد في سورية. 

وقد أعادت بعض هذه الدول فتح سفاراتها في دمشق، والتي كانت قد أغلقت بعد اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011. جاء هذا القرار نتيجة للتكاليف الاستراتيجية والباهظة المرتبطة بالحفاظ على عزلة الأسد، خاصة في ظل استقرار سلطته من ناحية وازدياد النفوذ الإيراني في المنطقة من ناحية أخرى. وفي تطورات متتالية عاد بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية العام الماضي وشارك في اجتماع قمة القادة العرب في السعودية.
 
ومع السقوط السريع وغير المتوقع لنظام الأسد وهروبه إلى موسكو باتت الدول العربية في الخليج التي دعمت الأسد في وضع يمكّنها من الاستفادة من هذه المرحلة بحيث تتيح هذه التغيرات فرصة كبيرة لدول الخليج العربية للتعاون في تحقيق نفوذ سياسي ومالي ملحوظ في سورية المستقبلية، بينما تستعد لتطور نفسها بالتزامن مع الدور المتزايد لتركيا في هذا البلد.(1)
  
 تركيا تدعم المتمردين في سورية ولكن تركيزها على قمع الجماعات المسلحة الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال سورية قد جعلها غير قادرة على حل التحديات التي تواجهها بمفردها في سورية. تعاني الحكومة التركية من نقص السيولة، ولا تمتلك الميزانية اللازمة للمساعدة في إعادة بناء سورية، التي تقول الأمم المتحدة أن تكلفتها تصل إلى 400 مليار دولار. لذلك يبدو أن هذه فرصة قيمة للدول العربية لمشاركة فعالة في الشأن السوري. (2)
 
في الواقع يمكن أن يوفر التعاون بين تركيا ودول الخليج  كل من الشرعية والموارد المالية الضرورية لعملية إعادة بناء سورية، وفي الوقت نفسه يوفر إيرادات من القطع الأجنبي للدول العربية. 

تظهر الإجراءات الأخيرة لدول الخليج أن الشيوخ العرب في المنطقة استغلوا الفرصة المتاحة ويسعون إلى تمويل المشروع العثمانية الجديد لتركيا. مؤخرًا تم طرح مشاريع دولية مهمة في الحكومة السورية الجديدة بما في ذلك خطوط أنابيب الغاز القطرية ونفط العراق والهيدروجين السعودي والتي سيتم تصديرها عبر سورية إلى الأسواق العالمية. 

كما رأينا أشار الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في زيارته إلى دمشق إلى أن "هدف زيارتنا إلى دمشق هو نقل رسالة موحدة تؤكد أن دول مجلس التعاون الخليجي تقف إلى جانب سورية". وقد أكد عبدالله علي الیحیا وزير الخارجية الكويتي أن الهدف من هذه الزيارة هو التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي السورية لأن أمن سورية يشكل جزءًا لا يتجزأ من أمن الخليج واستقرار المنطقة.(3)
  
تناولت وسائل الإعلام السورية خلال الأيام الأخيرة أهمية مشاريع خطوط أنابيب النفط والغاز والهيدروجين في منطقة الخليج الفارسي والتي تمر عبر سورية إلى دول المنطقة والعالم. وقد أشارت هذه الوسائل الإعلامية إلى المكانة الجيوسياسية لسورية في مجالات التجارة الدولية وخطوط أنابيب الطاقة، والاتصال بين مناطق إنتاج الغاز والنفط في الخليج والعراق، وكذلك تركيا التي تعد بوابة للأسواق الأوروبية.(4) ستؤدي هذه القضايا إلى ربط أمن واستقرار سورية بالمشاريع والمصالح الدولية.

ومع ذلك تعتمد جميع هذه القضايا على إمكانية الوصول إلى الاستقرار في سورية في المستقبل القريب. فإذا لم يتحقق الاستقرار في سورية واستمرت الحروب الأهلية والصراعات، فلن تستطيع كل من تركيا ودول الخليج الفارسي توفير الموارد المالية اللازمة لتحقيق أهدافهم الاقتصادية.

فيما يبدو أن سورية تحت قيادة الحكومة الحالية برئاسة أحمد الشارع تسير في اتجاه مشابه لليبيا والسودان، حيث قد تشهد فصلًا من الحروب الأهلية التي لا تنتهي مما يجعل فكرة إعادة بناء بلدٍ يعاني من انعدام الاستقرار ويدخل في صراعات مستمرة غير ممكنة. وبالتالي سيبقى العرب في الخليج في حلمهم لتحقيق الفرصة التي تتيح لهم الوصول إلى دولارات النفط عبر سورية.

لذا ينبغي على دول الخليج أن تتعامل بحذر حتى تثبت الحكومة السورية الجديدة نواياها في تحقيق الوحدة والاستقرار والسلام في جميع أنحاء البلاد. وخلاف ذلك ستذهب جهودهم سدى، وستعم الفوضى وتنتشر التوترات في أنحاء سورية وربما تنتقل هذه التوترات إلى دول عربية أخرى في المنطقة.

حكيمة زعيم باشي

1- khabaronline.ir/xn2YG
2- https://donya-e-eqtesad.com/fa/tiny/news-4135408
3- https://fa.alalam.ir/news/712716
4-  https://www.jamaran.news/fa/tiny/news-165471