التنسيق الروسي السعودي.. النفط يعاقب واشنطن ويصيبها بخيبة!
على ما يبدو أن زمن الابتعاد السعودي عن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تدق عقارب ساعته فعلاً، فاستمرار نهج الرياض الذي اتبعته ضمن "أوبك+" مع روسيا وإلى جانبها في ما يخص أسعار النفط وإنتاجه وتصديره يشي بتحول كبير في السياسات والموازين الدولية، إذ تريد السعودية أن تلحق بركب العالم الدولي المتغير والبحث عن علاقات وشراكات جديدة بعيدة عن واشنطن هو ما يخدمها بالضبط، ثم أن الرهان على العلاقات السعودية- الأمريكية لم يعد مجدياً وتحولت الأمور إلى صفعات متتالية تتلقاها واشنطن من حليفها التقليدي في منطقتنا، والنفط الذي اعتمدت عليه واشنطن طويلاً في سياساتها الاستفزازية ضد دول أخرى يتحول اليوم إلى سلاح مشرع في وجهها.
على ما يبدو أن زمن الابتعاد السعودي عن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تدق عقارب ساعته فعلاً، فاستمرار نهج الرياض الذي اتبعته ضمن "أوبك+" مع روسيا وإلى جانبها في ما يخص أسعار النفط وإنتاجه وتصديره يشي بتحول كبير في السياسات والموازين الدولية، إذ تريد السعودية أن تلحق بركب العالم الدولي المتغير والبحث عن علاقات وشراكات جديدة بعيدة عن واشنطن هو ما يخدمها بالضبط، ثم أن الرهان على العلاقات السعودية- الأمريكية لم يعد مجدياً وتحولت الأمور إلى صفعات متتالية تتلقاها واشنطن من حليفها التقليدي في منطقتنا، والنفط الذي اعتمدت عليه واشنطن طويلاً في سياساتها الاستفزازية ضد دول أخرى يتحول اليوم إلى سلاح مشرع في وجهها.
بناء على ما سبق ذكره يمكن القول إن القرار الروسي السعودي الأخير بخفض إنتاج وتصدير النفط حتى نهاية ٢٠٢٣ بمثابة خيبة أمل جديدة لواشنطن، والتي ربما لا تعلم أن السعودية تعاقب رئيسها جو بايدن على وصفها "بالمنبوذة" ليتضح أن الثمن سيكون غالياً على هذا الوصف.
القرار السابق الذكر ليس جديداً بل هو استمرار لسياسة قائمة منذ السنة الماضية كإجراء احترازي لتحسين أسعار السوق وضمان استقرار ديناميكياته بعيداً عن تحكم واشنطن وحلفائها، حيث إن قرار تخفيض إنتاج النفط أحدث جهد يبذله اثنان من أكبر منتجي النفط في العالم لتعزيز الأسعار على الرغم من أن معظم دول العالم تعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة، كما أن التخفيضات ستؤدي إلى عجز كبير في موازين النفط العالمية وتهدف على ما يبدو، إلى إظهار وحدة السعودية وروسيا بشأن السياسة النفطية.
الخيبة التي أصيبت فيها واشنطن مردها لأسباب سياسية داخلية، إذ تحرص واشنطن على إبقاء أسعار محطات الوقود تحت السيطرة قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل، حيث أصبح التضخم وتكاليف الوقود هدفين رئيسيين لهجوم الحزب الجمهوري، أي أن ذاك القرار من شأنه أن يضع المستقبل السياسي لبايدن ولحزبه الديمقراطي على المحك الذي يواجه أساساً دعوات لعزله –أي بايدن.
وكما التخفيض السابق، فأن القرار الحالي سيعني كما أشارت التقارير ذات الصلة أنّ شركات الطاقة الأميركية ستدخل في صدام أكثر حدة مع إدارة بايدن، الذي يستمرّ في مطالبتها بمواصلة خفض أسعار الوقود والتقليل من أرباحها دعماً لسعر الوقود المستهلك من قبل الأميركيين.
وسيزيد هذا التخفيض بالتالي الضغط على النفط الأميركي الصخري، الذي وإن سترتفع أسعاره، ولكنّ واشنطن كانت تستفيد منه عبر شراء النفط بسعر منخفض وتخزين نفطها في احتياطها الاستراتيجي أو بيعه لاحقاً عند ارتفاع سعر النفط عالمياً، بسبب تكلفة استخراجه التي تفوق بأضعاف كلفة النفط السعودي أو الروسي.
ويأتي القرار ليكشف عن نفوذ محدود لواشنطن في سوق الطاقة العالمية، وعدم القدرة على التحكم في أسعار النفط وإنتاجه، في مقابل قدرة بعض الأطراف على توجيه الأمور باتجاه مغاير تماماً لإرادتها، وأبرز هذه الدول روسيا وفنزويلا، مضافة إليها السعودية التي لا تجمعها علاقات قوية بإدارة بايدن أقله بالمقارنة مع العلاقات التي كانت موجودة في فترة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتؤدي التخفيضات إلى توترات مع الدول المستهلكة الرئيسية، وفي طليعتها الولايات المتحدة، التي تحاول محاربة التضخم عن طريق زيادة تكاليف الاقتراض، والتي انتقدت تخفيضات سابقة بأنها إجراء غير مستحسن، وهو الانتقاد الذي يتكرر مع كل تخفيض، كما حاولت إصدار تشريع يُعرف باسم "نوبك" NOPEC، والذي من شأنه أن يسمح بمصادرة أصول "أوبك" على الأراضي الأميركية إذا ثبت وجود تواطؤ في السوق لكن دون أن تنجح في تمريره في الكونغرس، كما انتقد الغرب مرارا "أوبك" لما يعتبره "تلاعبها بالأسعار وانحيازها لروسيا" رغم الحرب في أوكرانيا. ويعاقب خفض إنتاج النفط بائعي النفط على المكشوف أو أولئك الذين يراهنون على انخفاض أسعار النفط.
وفي عام 2020، حذر وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان التجار من الرهان المكثف في سوق النفط، قائلا إنه سيحاول جعل السوق متقلبا واعدا بأن أولئك الذين يقامرون على سعر النفط سيكونون "في حالة من الجحيم".
والبائعون على المكشوف هم أولئك الذين يهيئون أنفسهم للربح إذا انخفضت الأسعار، مثل بيع الأصول المقترضة على أمل شرائها مرة أخرى بسعر أرخص. فإذا تسبب خفض غير متوقع في إنتاج "أوبك+" في ارتفاع النفط، فإنهم سيواجهون خسارة.
وبعد أزمة سيليكون فالي وانهيار عدة مصارف وبنوك في أعقابها، والتي أضرت بتوازن سوق النفط العالمية من حيث معادلة العرض والطلب، أدت المخاوف من حدوث أزمة مصرفية أخرى في الأشهر الأخيرة إلى قيام المستثمرين ببيع الأصول ذات المخاطر العالية مثل السلع مع انخفاض أسعار النفط إلى ما يقرب من 75 دولارا للبرميل من ذروة بلغت 139 دولارا في آذار 2022، فيما قد يؤدي الركود العالمي إلى انخفاض أسعار النفط.
كما تعرضت أسعار النفط لضغوط من المخاوف بشأن مفاوضات سقف الديون الأميركية قبل التوصل إلى اتفاق بشأنه، والمخاوف التي كانت سائدة من التخلف عن سداد ديون أكبر مستهلك للنفط في العالم.
الخيبة الأمريكية الأكبر راهناً تنطلق من الفشل مجدداَ في إلحاق الضرر في الاقتصاد الروسي، حيث تسعى إدارة بايدن مع الدول الغربية لتحديد سقف لسعر برميل النفط الروسي في السوق العالمية، دون أن تنجح في ذلك للآن.
يشار إلى أن السعودية وروسيا أعلنتا الاثنين الماضي، تمديد الخفض الطوعي لإنتاج وتصدير النفط يومياً حتى نهاية العام الجاري 2023.
ويعني الإعلان أن إنتاج السعودية من النفط من المرجح أن يظل عند 9 ملايين برميل يومياً حتى نهاية كانون أول، أي أقل بنسبة 25 في المائة من طاقتها القصوى البالغة 12 مليون برميل يومياً. وفي أعقاب القرار صعدت أسعار النفط، وبلغ "برنت" أعلى مستوى له منذ 18 تشرين الثاني 2022.
المصادر:
1-https://cutt.us/eXDVO
2-https://cutt.us/Jlhps
3- https://cutt.us/4wwzG
4- https://cutt.us/LxdYd