هل الناتو في فوضى كبيرة؟

Aug 21, 2023 - 15:40
هل الناتو في فوضى كبيرة؟
هل الناتو في فوضى كبيرة؟

بعد عام 1949، نجحت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى حد كبير في مهمتها في حماية أوروبا الديمقراطية، تحت شعار "بدون الاتحاد السوفيتي، ومشاركة أمريكا وألمانيا الخاسرة" على حد تعبير أمينها العام الأول، لم تهاجم روسيا أبدا عضواً في الناتو ، وقد ضمنت الولايات المتحدة أمن أعضائها لما يقرب من 75 عاما، وتم قمع ألمانيا بنجاح لدرجة أن جيلها الحالي من القادة يتطلعون فقط إلى تعزيز قاعدتهم العسكرية بعد سنوات وبعد الحرب الأوكرانية.

ومع ذلك في العصر الجديد ، واجه الناتو تحديات جديدة ، من توسيع تعامل الصين مع روسيا إلى إيجاد حرب مختلطة ومركبة، والتي كشفت جيدًا عن نقاط ضعف الناتو في مختلف المجالات ويجب على هذا التحالف التفكير في حل وإيجاد طريقة للتخلص من تلك التحديات. لكن المعضلة الرئيسية التي يواجهها حلف الناتو هذه الأيام هي عدم وجود نهج متسق ومتطابق بين أعضائه. القضية التي كانت واضحة في اجتماعهم الأخير، وهو عدم وجود اليقين الاستراتيجي والمهم، وينبغي على أعضائها الإجابة على السؤال المهم؛ ما هو هدف حلف شمال الاطلسي وما ينبغي عليه القيام به لتحقيق ذلك الهدف؟[1]

يجب أن تكون أهم مهمة لحلف الناتو هي دعم وحماية أعضائه وضمان أمنهم، إلى جانب تغيير أجندة الدفاع والعقيدة العسكرية من أجل الحفاظ على كفاءته. إلى جانب ذلك يتطلع الناتو إلى زيادة التعاون مع شركائه ويحاول زيادة أعضائه، في الواقع قد يكون نهج العولمة حدثاً جيداً ومعززاً جداً لحلف الناتو هذه الأيام حتى يتمكن من الحفاظ على موقعه كأداة فاعلة و مؤثرة.

من خلال فتح أبواب الناتو أمام باقي الدول للانضمام إليه، لا يقوي التحالف قاعدته الدفاعية فحسب، بل يظهر أيضا أن أعضاء الناتو يقدمون أموالهم وجيشهم لبعضهم البعض ويشيدون بالدعاية التي تُظهرُ التحالف كأداة لعدوان ما بعد الإستعمار. حيث يعتبر الكثير من الناس في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، الناتو مجموعة احتكارية غربية ويشككون في دوافعها وأهدافها. كما إن الهزائم في ليبيا وأفغانستان وكذلك الحرب الأمريكية البريطانية في العراق قد زادت على وجه التحديد من هذا الشعور وعدم الثقة-وهذا يستمر في إعطاء روسيا والصين الأدوات التي يحتاجونها للقول بأن الناتو ليس أفضل منهم، وأن الناتو في بعض الحالات هو أداة استعمارية. هذا التوسع في أعضاء حلف شمال الاطلسي يدل على أنه في القرن ال21 يدرك الحلف أن أمنه يرتبط بديمقراطيات البلدان التي هي أبعد من حدوده الأصلية.[2] وإذا كان للتحالف منظور عالمي وبمقدوره اختيار أعضائه بغض النظر عن الخيارات السياسية، فيمكنه أن يكون بمثابة أداة ومحرك للسلام وربما يمكنه أيضاً التغلب على نقاط الضعف الموجودة في مجلس الأمن الدولي، على الرغم من أنه لن يكون بهذه البساطة كذلك، لأنه لابد من مراجعة جدية في العديد من أنظمته والبنى التحتية لديه، بل ربما يجب تشكيل ائتلاف جديد باسم جديد.

لقد حدد الناتو جيداً بعض التحديات التي يواجهها، مثل التصويت بالإجماع على العضو الجديد، وكانت هذه  قضية خطيرة أظهرت أن الانتخابات في إحدى الدول الأعضاء يمكن أن تؤثر على العملية الكاملة للأعضاء وقراراتهم، لذلك يجب معالجة هذه المسألة، وإذا كان السبب وراء دعوة أعضاء جدد هو الحفاظ على سلطته، فيجب السعي إلى ذلك عن طريق مجالات أساسية أخرى. في الواقع يمكن أن يصبح الناتو تحالفا عالميا جديدا من شأنه أن يفيد أعضائه ويحمي مصالحهم أثناء تحول وتغيير النظام الدولي. لكن الشيء المهم هو أن نرى ما إذا كان الناتو يمكن أن ينجح في تحدي خلافات أعضائه والعمل كقوة مؤثرة في هيكل النظام الدولي الواحد، أو ما إذا كانت التوترات بين الأعضاء ستمنعه من ذلك، وهل يمكن أن يصل إلى أجندة واحدة بشأن الحروب، خاصة أوكرانيا؟ والأهم من كل ذلك، هل سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة لديه نفس التفكير والإهتمام بالاتحاد والناتو، أم أنه سيتصرف أيضاً كما تصرف السيد ترامب ويجعل الأولوية الرئيسية لجل إهتماماته هي الولايات المتحدة فقط، بغض النظر عن حلفائه؟

 أمين مهدوي

[1] realclearworld.com

[2] cairn.info