موقف ألمانيا في الحرب الأوكرانية
لقد مر ما يقرب من ثمانية عشر شهراً منذ بداية الحرب الأوكرانية، واليوم بات من الواضح جداً أن عواقب هذه الحرب لم تؤثر على روسيا وأوكرانيا فحسب، بل أثرت أيضا على العديد من دول العالم في جميع القارات بما في ذلك ألمانيا .
لقد مر ما يقرب من ثمانية عشر شهراً منذ بداية الحرب الأوكرانية، واليوم بات من الواضح جداً أن عواقب هذه الحرب لم تؤثر على روسيا وأوكرانيا فحسب، بل أثرت أيضا على العديد من دول العالم في جميع القارات بما في ذلك ألمانيا .
وفقاً لصندوق النقد الدولي كان اقتصاد ألمانيا البالغ 4,223 مليار دولار هو أكبر اقتصاد في أوروبا في عام 2011 ، مع القدرة على أن تصبح قوة مهيمنة في منطقة اليورو ثم قوة عظمى عالمية على مستوى دول مثل الولايات المتحدة والصين ، لذلك وضعت توسيع العلاقات مع روسيا على جدول أعمالها لأنها كانت تعلم أنها بحاجة إلى التعاون مع روسيا والشرق لتصبح قوة مؤثرة .
نمت علاقات ألمانيا مع روسيا بشكل كبير في السنوات الأخيرة ، وبلغت ذروتها في بناء مشروعي نوردستريم 1 و 2 لشراء الغاز من روسيا ، لكن الحرب في أوكرانيا حطمت معادلات هامة للبلاد لدرجة أن برلين تعرضت لأضرار اقتصادية جسيمة وبالغة. [1]
بعد الحرب الأوكرانية، وضعت العقوبات ضد روسيا على جدول أعمال الدول الغربية كرادع لروسيا، لكن ألمانيا قاومت فرض العقوبات على موسكو بسبب شراكتها الكبيرة مع روسيا، خاصة في مجال الطاقة . [2]
ألمانيا التي عارضت في البداية فرض عقوبات شاملة ضد روسيا لكنها حاولت بعد ذلك أن تظهر من خلال اتخاذ بعض الإجراءات أن مصير أوكرانيا والتطورات في البلاد لهما أهمية خاصة لبرلين، لذلك تم وضع برنامج دعم الأسلحة لكييف على جدول أعمال برلين حتى أصبحت ألمانيا أكبر مورد للأسلحة لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة . [3]
ألمانيا التي عملت مع دول غربية أخرى لفرض عقوبات واسعة النطاق على روسيا ودعم إرسال الأسلحة لأوكرانيا في محاولة لخلق العقبات اللازمة للتصدي لروسيا، تحاول الآن تقليل الدعم التسليحي لأوكرانيا حيث تزعم وسائل الإعلام الألمانية أن البلاد أصبحت تبطئ إمدادات الأسلحة الموعودة إلى أوكرانيا، وذلك نقلاً عن قائمة التحديث الأسبوعية لوزارة الدفاع الألمانية .[4]
في مقابلة مع صحيفة "دويتشلاند كوريير" الألمانية، قال كوتر من "حزب البديل من أجل ألمانيا " مؤخرا : "إرسال أسلحة إلى أوكرانيا خطأ". هذه ليست حربنا يجب أن نبتعد عنها وننشر مبادرات السلام. وأضاف:"إرسال الأسلحة خطأ كبير لأنه يشعل نار الحرب ويجعل الناس يقتلون بعضهم البعض". وهذا له عواقب مميتة .[5]
على الرغم من أن ألمانيا هي ثاني دولة تزود أوكرانيا بأكبر عدد من الأسلحة بعد الولايات المتحدة، وضغط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على ألمانيا لتزويد صواريخ تاروس بمدى 500 كيلومتر (311 ميلا) ، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز يوم الأحد أن حكومته ليست في عجلة من أمرها لتسليم صواريخ تاروس إلى أوكرانيا لأنها لا تريد جلب الناتو إلى الحرب مع روسيا . كان شولتز قد قال في وقت سابق ، "أنا أبذل قصارى جهدي لمنع حدوث ذلك". لهذا السبب لن يكون لدينا أي جنود في أوكرانيا لا حالياً ولا في المستقبل . [6]
يشير إعلان السلطات الألمانية بمثل هذه المواقف إلى أنها لا ترغب بأن تعبر الحرب الحالية حدود أوكرانيا ، كما أن الجهود المبذولة لتآكل الحرب وخلق عقبات أمام انضمام أوكرانيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) لها ما يبررها أيضا . وفقا لصحيفة التلغراف، تشعر ألمانيا بالقلق من أن عضوية كييف في الناتو ستفعل على الفور المادة 5 من معاهدة الناتو ، والتي يجب فيها اعتبار الهجوم على دولة عضو في الناتو هجوما على جميع دول الناتو، لذلك تفضل ألمانيا النظر في ترتيبات أمنية بديلة لكييف لمنع الصراع المباشر مع موسكو .[7]
إن موقف أوكرانيا التي خاضت الحرب مع روسيا بتحريض من الدول الغربية مع حلم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ليس فقط لم تحقيق أهدافها بسبب عرقلة أعضاء الناتو كألمانيا لذلك، بل انخرطت أيضا في حرب استنزاف طويلة من الصعب جداً الخروج منها، وفي هذه الأثناء فإن الرابح الوحيد من الحرب التي بدأتها الدول الأوروبية في أوكرانيا بالتعاون مع حلف شمال الأطلسي وأمريكا هم شركات الطاقة الكبرى ومصنعي الأسلحة. والخاسر الأكبر هم شعب أوكرانيا الذي فقد أرواحه وممتلكاته بسبب هذه الحرب المميتة والتي مازال يقدم الضحايا كل يوم. [8]
[1] https://www.mashreghnews.ir/news/1450150
[2] https://www.shana.ir/news/455188
[3] https://www.mashreghnews.ir/news/1485271/
[4] https://spnfa.ir/20230804/17155496
[5] https://donya-e-eqtesad.com/fa/tiny/news-3992237
[6] https://www.irna.ir/news/85205081
[7] https://www.irna.ir/news/85164058/
[8] https://www.mizanonline.ir/fa/news/4714373