موت نافالني لصالح الغرب أم روسيا؟

تحدثت وسائل إعلام غربية، في الأيام الماضية، عن وفاة أليكسي نافالني، الناقد المعروف والمعارض لبوتين، في السجون الروسية.

فبرایر 27, 2024 - 14:15
موت نافالني لصالح الغرب أم روسيا؟
موت نافالني لصالح الغرب أم روسيا؟

تحدثت وسائل إعلام غربية، في الأيام الماضية، عن وفاة أليكسي نافالني، الناقد المعروف والمعارض لبوتين، في السجون الروسية.

بدأ هذا السياسي الروسي نشاطه عام 2009، وفي السنوات التالية، كأحد القادة الرئيسيين المنتقدين لبوتين في روسيا، وشارك في العديد من الأعمال الاحتجاجية، إلى أن تم اعتقاله أخيرًا، بعد 5 سنوات من النشاط السياسي عام 2014 ووجهت إليه تهمة اختلاس من شركة أدوية واستجواب المحكمة، وقد تم فرض العقوبة عليه بالسجن لمدة 11.5 سنة.(1)

وبسبب انشغال وسائل الإعلام الغربية بشأن هذا الشخص والشهرة التي انجذبت إليه منذ عدة سنوات بسبب هذه الدعاية، فإن انتحار نافالني – أو "موته" يزيد من غموض هذا الحدث.

وفي نفس الوقت الذي تم فيه الإعلان عن خبر وفاة نافالني، تم الإعلان رسميًا أيضًا عن خبر الاستيلاء على مدينة أوديوك الاستراتيجية في منطقة دونباس، والتي كانت من أهم مناطق أوكرانيا، وبخسارة هذه المنطقة تعرضت أوكرانيا لواحدة من أكثر الضربات العسكرية تدميراً في الأشهر الأخيرة. ومن خلال تعزيز البنية التحتية العسكرية لهذه المدينة، كان الجيش الأوكراني قد قام باستثمار ضخم في هذه المنطقة، الأمر الذي يمكن أن يسد طريق أمام توغل الجيش الروسي إلى غرب أوكرانيا. إن الاستيلاء على هذه المنطقة من قبل الروس يمكن أن ينقذ المدن الروسية من نيران المدفعية الأوكرانية ويسهل الطريق أمام الروس للتسلل إلى غرب أوكرانيا. (2)

وبالنظر إلى هذه الأخبار، فإن تركيز وسائل الإعلام الغربية على وفاة نافالني يشير إلى أن هناك أبعاداً مهمة وراء هذه الحادثة؛

لقد انخفضت المساعدات المالية التي تقدمها الدول الغربية لأوكرانيا بشكل حاد في الأشهر الماضية، وفي الولايات المتحدة، يعكف الكونجرس على الموافقة على خطة مساعدات بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا، وإسرائيل، وتايوان(3). وفي هذا الوضع، فإن إجماع وسائل الإعلام وتعبئة الرأي العام على مستوى عقول الشعوب الغربية ضد روسيا من الممكن أن تشجع الدول الغربية على تقديم المساعدات المالية لأوكرانيا. ومع هذا الضغط من الرأي العام، يمكن للدول الأوروبية توفير المزيد من الموارد المالية والمعدات العسكرية لأوكرانيا.

كما أن التستر على هزيمة أوكرانيا الكبيرة في الحرب مع روسيا هو أحد الأمور التي تركز عليها وسائل الإعلام الغربية في أخبار وفاة نافالني. إن الوضع الحربي بين روسيا وأوكرانيا ليس لصالح الجبهة الغربية بأي حال من الأحوال، وأوكرانيا تراقب تغير أوضاعها العسكرية وهي في هذا الصدد تريد تغطية هذا الضعف بتغيير قادة الحرب، ولهذا، من الضروري صرف انتباه الروس في الميدان، فهي تمتلك عذراً عسكرياً، وأي عذر أفضل من إشراك روسيا في القضايا الداخلية. وفي الأيام الأخيرة، نشطت مشاة الحركة الغربية داخل روسيا بشكل كبير لتنظيم مسيرة ضد بوتين، لكن جهاز المخابرات الروسي أوقف هذه الخطة. إن خلق التوترات والإنشغالات داخل روسيا يمكن أن يؤدي إلى فقدان طعم الانتصارات الأخيرة للجيش الروسي في أوكرانيا.

وبشكل عام لا بد من الإشارة إلى ما إذا كان مقتل هذ المعارض الروسي على يد بوتين قد جلب فوائد لهذا البلد أم أن هذه لعبة صممتها الدول الغربية التي تريد تعبئة الرأي العام للدول الغربية مرة أخرى من خلال إعداد صورة شريرة لبوتين لتنفيذ خططهم. والأمر الواضح هو أنه في السنوات الأخيرة، كان بإمكان لبوتين التضحية بخصمه متى أراد، ولماذا يفعل ذلك الآن، خاصة وأن روسيا لها اليد العليا في الحرب مع أوكرانيا، وفي العلاقات الدولية هناك الكثير من البلدان التي تتعامل مع روسيا في الوقت الذي باتت العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الدول الغربية آخذة في الانخفاض. وقوع هذه الحادثة من قبل الروس يبدو غير معقول بعض الشيء، وربما تكون يد أجهزة المخابرات الغربية وراء هذا العمل، ومثل ذلك يذكرنا بحادثة انفجار خط أنابيب الغاز نورد ستريم 4، فهو خطة لمهاجمة القوة الناعمة لروسيا. وأظهرت هذه الحادثة أن الجبهة الشرقية لم تتمكن من منافسة الإعلام الغربي في المعركة الإعلامية الدولية، وهذا الضعف جعلها منتصرة في الحرب على الأرض، ومهزومة أمام دعاية الإعلام الغربي.

امیرعلی یگانه

 

1. https://www.theguardian.com/world/2023/aug/04/russian-court-extends-alexei-navalny-sentence-in-penal-colony   

2. https://www.nytimes.com/2024/02/17/world/europe/avdiivka-russia-ukraine-war.html

3. https://www.reuters.com/world/us/us-senate-heads-toward-final-passage-ukraine-aid-bill-2024-02-13/

4. https://www.nytimes.com/2023/03/07/us/politics/nord-stream-pipeline-sabotage-ukraine.html