العالم بانتظار الركود الاقتصادي؟

مع بداية العام الجديد، كثرت التكهنات المختلفة حول الأوضاع الاقتصادية لدول العالم، وتمنى الكثيرون ألا يكون العام الجديد عاما اقتصاديا صعبا مثل عام 2023. لكن يبدو أن هذا العام هو بداية فترة ركود للاقتصادات الكبرى في العالم. وتواجه دول مجموعة السبع مشاكل اقتصادية مهمة، كما تواجه اليابان وبريطانيا وألمانيا نموا اقتصاديا سلبياً، وهذا إنذار كبير وخطير للاقتصاد العالمي.

فبرایر 27, 2024 - 14:20
العالم بانتظار الركود الاقتصادي؟
العالم بانتظار الركود الاقتصادي؟

مع بداية العام الجديد، كثرت التكهنات المختلفة حول الأوضاع الاقتصادية لدول العالم، وتمنى الكثيرون ألا يكون العام الجديد عاما اقتصاديا صعبا مثل عام 2023. لكن يبدو أن هذا العام هو بداية فترة ركود للاقتصادات الكبرى في العالم. وتواجه دول مجموعة السبع مشاكل اقتصادية مهمة، كما تواجه اليابان وبريطانيا وألمانيا نموا اقتصاديا سلبياً، وهذا إنذار كبير وخطير للاقتصاد العالمي.

الركود الكبير؟

كانت بداية ظهور تراجع النمو الاقتصادي لدول العالم مع انتشار وباء كوفيد-19، الذي أدى إلى تغييرات واسعة النطاق في نمط حياة شعوب العالم. ويبدو أن هذا التغيير في نمط الحياة لا يزال مستدامًا في حقبة ما بعد  مرحلة كوفيد، وكان له آثار ملموسة على الاقتصادات الكبرى. وإلى جانب ذلك، تعتبر الحرب في أوكرانيا عاملاً مهمًا آخر في ظهور الركود الاقتصادي في العالم. وقد أدت هذه الحرب إلى زيادة تكاليف المعيشة والتضخم والتكاليف الأخرى في الدول الأوروبية، مما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية للناس، وزيادة في محاولى التوفير والإدخار. بالإضافة إلى هذا الموضوع، يمكننا أيضًا أن نذكر الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي أدت إلى زيادة تكلفة النقل العالمي، وهذا سبب آخر لانخفاض النمو الاقتصادي في معظم دول العالم.

ويبدو أن هذا الاتجاه الركودي قادر على اختراق اقتصاد الولايات المتحدة أيضاً باعتبارها أكبر اقتصاد في العالم، ولن ينجو هذا البلد من ويلات الركود. ووفقا للخبير الاقتصادي الأمريكي روزنبرغ، الذي عرف النموذج الاقتصادي الكامل، فإن الولايات المتحدة لديها فرصة بنسبة 85٪ للوقوع في ركود اقتصادي هذا العام، وهو ركود قد يكون أكبر من الأزمة الاقتصادية التي حدثت عام 1929 [1]. ورغم أن علامات الركود في الاقتصاد الأمريكي لم تظهر بعد وأن أمريكا حققت نمواً اقتصادياً إيجابياً إلى جانب دول مثل فرنسا وإيطاليا، إلا أن السيد روزنبرغ يرى أن عملية الركود قد تم تأجيلها وأن الولايات المتحدة ستقع في هذا الأمر لامحال. ولذلك يجب على الاقتصاد العالمي أن يجهز نفسه للأيام الصعبة حتى يتمكن من عبور هذه الحقبة [2]. ولكن هل ياتراها دول العالم والاقتصادات الكبرى قد أخذت هذه القضية على محمل الجد أم لا، فيمكننا أن نجد الإجابة من خلال التعاملات السياسية واستراتيجياتها الاقتصادية حول العالم.

الإقتصادات الإقليمية

يختلف نمط النمو الاقتصادي حاليا في مناطق مختلفة من العالم. ومن المتوقع أن يستمر النشاط في جنوب وشرق آسيا في الازدهار. لكن الصين تمثل حالة خاصة، وقد تغيرت توقعات نموها من مرتفع ومعتدل إلى معتدل في أغلبه في عام 2024.[3] إلى جانب ذلك، أصبح نموذج النمو الاقتصادي الإقليمي أكثر شعبية بسبب الظروف الفوضوية للنظام الدولي. وبالإضافة إلى مزاياه، يمكن لهذا النموذج أن يزيد الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة. ومن الممكن أن تؤدي هذه الفجوات إلى اختلافات واسعة في المجالات الاقتصادية والسياسية. وتعني هذه القضية إعادة تشكيل مشكلة الهجرة، ونمو الجماعات الراديكالية والمتطرفة، وربما زيادة التوترات الجيوسياسية بين مختلف البلدان، مما يعني زيادة انعدام الأمن في العالم، وهذه القضية تزيد من تكاليف استقرار البلدان التي ليس لديها استعداد كافي لمواجهة تلك الظروف الإضافية.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي القول أن احتمال الركود والفجوة الاقتصادية هو نتيجة للتوترات الجيوسياسية الحالية، والتي يعتقد العديد من الاقتصاديين أنه إذا تم حل هذه الخلافات، فيمكننا أن نمتلك نظرة إيجابية لمستقبل الاقتصاد  لكن وكما ذكرنا فإن أهم التحديات الجيوسياسية حالياً تقودها الولايات المتحدة، وهذه الدولة تسعى إلى الحفاظ على تفوقها. ورغم أن لهذا الإجراء عواقب إنسانية واقتصادية وسياسية واسعة النطاق على الناس في جميع أنحاء العالم، إلا أنه في رأيها فإن الولايات المتحدة مهتمة أكثر بمصالحها الخاصة، وبالتالي فهي على استعداد لقبول عواقبه الجانبية. ولكن ربما تؤدي ثقة أمريكا العالية بنفسها إلى الإضرار باقتصاد هذا البلد، أي أن أمريكا نفسها سوف تقع في فخها الخاص. بالإضافة إلى ذلك، فإن صورة هذا البلد كأحد المدافعين عن حقوق الإنسان أصبحت موضع شك ويجب أن تدفع ثمن ذلك. ولذلك تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على نفسها كقوة مهيمنة في النظام الدولي، حتى لو أدى هذا الأمر إلى ركود كبير تغذيه الولايات المتحدة نفسها. ومن وجهة نظر أميركا فإن العواقب السلبية أقل من الآثار الإيجابية على هذا البلد، وهذه العملية تستحق المخاطرة بالنسبة لهم، رغم أن العالم سيدفع العواقب.

امین مهدوی

[1] businessinsider.com

[2] euronews.com

[3] weforum.org