ترامب والعنصرية في أمريكا

 ساعات قليلة مضت على فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية تلقى بعدها الأمريكيون السود رسائل نصية تحمل طابعًا عنصريًا، حيث أُبلغوا أنهم قد اختيروا لجني القطن وعليهم التوجه إلى أقرب مزرعة، حيث ذكرهم هذا الحدث بأيام العبودية التي عاشها الأمريكيون من أصل أفريقي في ظروف مأساوية في حقول القطن وهم محرومين من حقوقهم الإنسانية.

نوفمبر 25, 2024 - 13:40
ترامب والعنصرية في أمريكا
ترامب والعنصرية في أمريكا

 ساعات قليلة مضت على فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية تلقى بعدها الأمريكيون السود رسائل نصية تحمل طابعًا عنصريًا، حيث أُبلغوا أنهم قد اختيروا لجني القطن وعليهم التوجه إلى أقرب مزرعة، حيث ذكرهم هذا الحدث بأيام العبودية التي عاشها الأمريكيون من أصل أفريقي في ظروف مأساوية في حقول القطن وهم محرومين من حقوقهم الإنسانية.


في نهاية بعض هذه الرسائل كان هناك اسم داعم لترامب، وكان بعض تلك الرسائل تشير إلى أسماء المستقبلين. وقد صرح المتحدث باسم ترامب بأن حملته الانتخابية لا علاقة لها بهذه الرسائل النصية  ولكن تصرفات ترامب وأقواله تؤكد عكس ذلك تمامًا.
ركزت حملة ترامب خلال الدعاية الانتخابية على قضية الهجرة كعنصر رئيسي في برنامجها حيث استخدم هو وأنصاره ألفاظًا عنصرية وعنيفة، وصوروا أمريكا كبلد تتعرض للهجوم من قبل مهاجرين متوحشين. وكان هذا الأمر خاصةً واضحاً عندما نشر ترامب وآخرون شائعات لا أساس لها من الصحة تفيد بأن المهاجرين الشرعيين من هايتي في مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو يقتلون الحيوانات الأليفة لجيرانهم لتناولها. هذه الأكاذيب أدت إلى أزمة عنصرية في المدنية و بدلاً من التهدئة قامت حملة ترامب بتوسيع هذه الشائعات.

 
اعتبر دونالد ترامب مرارًا المهاجرين الذين يدخلون الولايات المتحدة خطرًا عليها، وغالبًا ما يستخدم كلمات تحريضية للتعبير عن آرائه. في أوائل أكتوبر 2024 شكك ترامب في جينات المهاجرين قائلاً: «الكثير من المهاجرين قد ارتكبوا أكثر من جريمة قتل والآن يعيشون بحرية في الولايات المتحدة. أعتقد أن هذا في جيناتهم ونحن لدينا الآن الكثير من الجينات السيئة في بلادنا».


لم تكن هذه المرة الأولى التي يستند فيها ترامب إلى القضايا العرقية. فمثلاً في عام 1988 قال ترامب خلال مقابلة: «يجب أن تولد محظوظًا بمعنى أنك يجب أن تكون لديك الجينات المناسبة». وفي عام 2016 أيضًا أعلن ترامب أن أصوله الألمانية هي سبب نجاحه الكبير حيث قال: «دائمًا ما كنت أقول إن سبب التفوق قد يكون نوعًا ما وراثيًا و ربما يكون مجرد شيء تمتلكه. واذا كان لديك جينات الفائز، بصراحة و استطعت تطويره، سيكون ذلك رائعًا، لكنني لست متأكدًا من أنك تستطيع. كما تعلم أنا أفتخر بأن لي دمًا ألمانيًا».
في عام 2020 اعترف ترامب مرة أخرى بجذوره العنصرية قائلاً: "كان لدي عم يدرس في جامعة إم آي تي وكان أستاذاً متميزاً. الدكتور جون ترامب لقد كان عبقرياً وهذا في دمنا."


أدت التصريحات المتكررة والعديدة لترامب حول تفوق العرق الأبيض على الملونين السود إلى قيام البعض بمقارنته بالنازيين الألمان وإيديولوجيتهم الخاصة بتفوق ذالك العرق. فالنازيون هم فعلاً أشهر مؤيدي هذه الفكرة الخاطئة التي تفيد بأن الأشخاص ذوي البشرة البيضاء وذوي العيون الزرقاء والشعر الأشقر هم أفضل من الجميع، وأن التجمع البشري يجب أن يُدار بشكل انتقائي ليكون للبيض نمو سكاني أكبر.
لكن النقطة المثيرة للاهتمام والتي أقلّ ما تم التركيز عليها هي أن النازيين لم يخلقوا هذه الأفكار. في الواقع تأثر النازيون لدرجة كبيرة بالعديد من الأفكار المتعلقة بالإصلاح العرقي في أمريكا، لدرجة أنهم أدخلوها في قوانينهم العنصرية.
في أبريل 2024 صرح ترامب بوقاحة عن اعتقاده بأن المهاجرين لا يستحقون التعاطف قائلاً: "الديمقراطيون يقولون من فضلك لا تصفهم بالحيوانات إنهم بشر. فقلت: لا هم ليسوا بشر هم حيوانات." 


يعتقد الخبراء أن ترامب استخدم العنصرية الكائنة في المجتمع الأمريكي واستفاد من ضعف وفوضى الديمقراطيين للوصول إلى السلطة. لم يعد يتحدث فقط عن منع المهاجرين من دخول البلاد وبناء جدار ومنع دخول المسلمين إلى أمريكا. بل الآن يحذر ترامب من أن المهاجرين قد هجموا بالفعل ودمروا البلاد من داخل حدودها. وقد وعد ترامب بترحيل جماعي للمهاجرين الذين يعيشون في أمريكا بشكل غير قانوني، واحتجازهم بالقوة في المعسكرات وطرد مليون شخص سنوياً.
في أحد آخر خطاباته أدلى بتصريحات ضد الآلاف من المهاجرين الفنزويليين وأعلن أنه سيستخدم قانون الأعداء الأجانب الذي يسمح للرئيس بترحيل الأشخاص من الدول المعادية في أوقات الحرب على الولايات المتحدة. 


تؤدي هذه الظروف مجتمعة إلى أن يتعرض ليس فقط المهاجرون غير الشرعيين، بل أيضاً جماعات أخرى مثل المهاجرين الشرعيين والأقليات الملونة لمرحلة جديدة من الضغوط الرسمية وغير الرسمية، مما يجعل الولايات المتحدة في وضع قابل للاشتعال لأحداث مشابهة لوفاة جورج فلويد والنتائج المترتبة عليها.

   محمد صالح قرباني

 1- https://www.theguardian.com/us-news/2024/nov/08/racist-text-messages-trump-win
 2- https://www.theguardian.com/us-news/2024/nov/06/trump-key-moments-election
 3-https://theconversation.com/how-trumps-racist-talk-of-immigrant-bad-genes-echoes-some-of-the-last-centurys-darkest-ideas-about-eugenics-241548
 4- https://www.politico.com/news/2024/10/12/trump-racist-rhetoric-immigrants-00183537