تداعيات الانتخابات الأمريكية على الصين

استضافت بكين في الأيام الأخيرة أحد أهم الفعاليات السياسية في الصين، والذي يقام كل عام في هذه المدينة. ومن بين القضايا التي تمت مناقشتها في هذا الحدث دور الصين كواحدة من الدول الآسيوية في النمو والتنمية في الجزء الشرقي من العالم(1). وتم بيان التقدم الفائق المُحرز في مشروع الحزام والطريق وعرض نتائج الاستثمار فيه للضيوف في هذا الاجتماع. لكن القضية المهمة التي تم بحثها في هذا الحدث كانت قضية انتخابات هذا العام في الولايات المتحدة، والتي تعد من أهم الأحداث العالمية وتلعب دورا هاما في تحديد السياسة الخارجية للعديد من دول العالم. وتقوم الصين بدورها بالتخطيط  لاختيار أفضل نوع من السياسة الخارجية لهذا الحدث. وفي الأيام الأخيرة، تم اختيار بايدن وترامب كمرشحين رئيسيين للحزبين في الولايات المتحدة، وبدأ عملهما رسميًا كمرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة. ومع أربع سنوات من الخبرة في العمل مع كلا المرشحين للانتخابات الأمريكية، تتمتع الصين بخبرة جيدة في تحديد الإستراتيجية الأفضل لكل من هذين المرشحين. يعتقد بعض الناس أن انتخاب ترامب أكثر ملاءمة للحكومة الصينية بشكل عام، ويعتقد البعض أن استمرار رئاسة بايدن يصب في مصلحة الصين. إن مسألة أيهما أكثر ملاءمة للصين لها أبعاد مختلفة سنتناولها في هذا المقال؛

يمكن أن يخلق انتخاب ترامب العديد من العقبات أمام الصين، ففي الفترة السابقة لرئاسته، أدى فرض التعريفات التجارية الثقيلة على المنتجات المستوردة من الصين إلى خلق العديد من المشاكل لبكين وواجه النمو الاقتصادي لهذا البلد العديد من التحديات، أيضًا في السياسة كان نهج ترامب عدوانياً في هذا المجال، وجعل الصين تكون أكثر حذراً في التعاملات السياسية. وتمكن نهج ترامب تجاه كوريا الشمالية، التي تعد أحد حلفاء الصين الرئيسيين من إسكات هذا اللاعب المتمرد على الساحة الدولية لفترة من الوقت، ومع ضغوط ترامب السياسية تم إضعاف أيضا نهج الصين تجاه إيران ووصل تبادل الطاقة بين البلدين إلى أدنى مستوى منخفض. التأثيرات السلبية التي أحدثها ترامب على الصين خلال فترة ولايته جعلت المراقبين الدوليين ينصحون الصينيين بتجنب الرهان على انتخاب ترامب في هذه الانتخابات. بالمقابل ربما يكون لانتخاب ترامب آثار إيجابية على الصين، بما في ذلك نهج الصين تجاه أوروبا مرة أخرى، فبسبب مواقف ترامب الأحادية، نأت العديد من الدول الأوروبية بنفسها عن الولايات المتحدة في عهده، وظهرت فجوة في العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا(2)، وهي فرصة جيدة بالنسبة للصينيين الذين يستطيعون تعميق علاقاتهم مع أوروبا.

وبحسب العديد من الخبراء، فإن إعادة انتخاب بايدن تعتبر نعمة كبيرة للصين لأنه في السنوات الأربع الأخيرة، كانت علاقات الصين مع الولايات المتحدة مناسبة اقتصادياً، على عكس الفترة السابقة، وكانت العلاقات بين البلدين متوازنة في المجال الاقتصادي، على الرغم من اختلافاتهم(3). وفي مجال السياسة الدولية، اتخذ الصينيون خلال عهد بايدن نهجا أكثر عدوانية من تصرفاتهم الحذرة خلال عهد ترامب، ومثال الحرب الروسية الأوكرانية خير مثال في هذا السياق، إذ لم تتردد الصين ومعها روسيا في مساعدة روسيا في كافة المجالات وضاعفت علاقاتها الاقتصادية رغم العقوبات الغربية الواسعة ضد روسيا. وفي السنوات الأخيرة، أعلنت الصين مراراً وتكراراً عن استعدادها لاستعادة تايوان، على الرغم من التحذيرات الصارمة من جانب الولايات المتحدة.

بشكل عام

 ينبغي القول إن اختيار كل من المرشحين للرئاسة الأمريكية له سلسلة من المزايا والعيوب بالنسبة للصين، وتظهر هذه المسألة أن بكين مستعدة للعمل مع أي من المرشحين المحتملين للرئاسة الأمريكية. وسوف تغتنم فرصة الصين للتقرب من أوروبا، حيث أن الفجوة بين الصين والاتحاد الأوروبي تتزايد يوما بعد يوم في السنوات الأخيرة. وفي الوقت نفسه، فإن الفرصة المتاحة للصين للتقرب من الدول الآسيوية وتحالف الدول الناقدة لتعزز الوضع الحالي على المستوى الدولي. وينبغي لأوروبا أن تستغل هذه الفرصة وتضغط على ترامب من خلال توحيد الدول الآسيوية والأوروبية حتى يتمكن من ذلك ليستطيع تحقيق أهدافه المنشودة على الساحة الدولية.

 امیرعلی یگانه

1. https://www.aljazeera.com/news/2024/3/12/five-key-take-aways-from-chinas-annual-meeting-of-parliament

2. https://foreignpolicy.com/2024/02/07/china-trump-biden-us-presidential-election-2024/

3. https://www.politico.com/live-updates/2024/03/07/biden-state-of-the-union-live/the-china-challenge-00145951