فتح الطريق أمام اليمين المتطرف، البرتغال هذه المرة!

أضطرت البرتغال في ظروف خاصة إلى إجراء انتخابات في وقت مبكر بعد استقالة رئيس وزرائها كوستا، و حدث هذا في 10 مارس. حيث اضطر رئيس الوزراء إلى تقديم استقالته تحت ضغوط كبيرة بسبب قضية الفساد التي اتهم بها.

مارس 29, 2024 - 10:56
فتح الطريق أمام اليمين المتطرف، البرتغال هذه المرة!
فتح الطريق أمام اليمين المتطرف، البرتغال هذه المرة!

أضطرت البرتغال في ظروف خاصة إلى إجراء انتخابات في وقت مبكر بعد استقالة رئيس وزرائها كوستا، و حدث هذا في 10 مارس. حيث اضطر رئيس الوزراء إلى تقديم استقالته تحت ضغوط كبيرة بسبب قضية الفساد التي اتهم بها. وكان لهذا الحادث تأثير عميق على مستقبل البرتغال، وأظهرت نتائج الانتخابات صعود ونمو اليمين المتطرف وسيكون هذا بمثابة إنذار كبير للبرتغال وأوروبا.

من هو الفائز؟

في هذه الانتخابات، فاز يمين الوسط بأكبر عدد من المقاعد بحصوله على 79 مقعدا. وبعدهم جاء حزب اليسار الاجتماعي في المركز الثاني بحصوله على 77 مقعدا. وكانت المفاجأة الكبرى فوز حزب تشوجا اليميني المتطرف بـ 48 مقعدا. وقد أصبح هذا الحزب لاعباً مهماً في المشهد السياسي البرتغالي من خلال زيادة عدد مقاعده في البرلمان 4 أضعاف[1].

وقد وصف السيد مونتينيغرو زعيمه المنتمي إلى يمين الوسط بأنه الفائز في الانتخابات. ومع ذلك فإن قول كلمة الفائز ربما تكون أكثر من لعبة سياسية مع الرأي العام لأن هناك 230 مقعداً في البرلمان البرتغالي ولم يتمكن أي من الأحزاب في هذا البلد من الحصول على النصاب المطلوب. لذلك من أجل تشكيل الحكومة، يجب على السيد مونتينيغرو أن يتعاون مع الأطراف الأخرى، فمنذ بداية الحملات الانتخابية كان يرفض دائمًا التعاون مع تشوجا ويعتبرهم حزبًا متطرفًا وعنصريًا وشعبويًا.

ولكن الآن، وبالنظر إلى نتائج حزب تشوجا في الانتخابات، فمن المؤكد أنه سيتعرض لضغوط من حزبه للتعاون معهم وتشكيل حكومة ائتلافية ذات تركيز يميني كامل. لكن حتى بعد إعلان النتائج قال إنه لا يرغب في التعاون مع اليمين المتطرف وهددهم بأنه إذا حدث أي تعطيل في تشكيل الحكومة فسيتحمل عواقبها اليمين المتطرف عن مسؤولية عدم الاستقرار والتوتر الذي سيحصل[2].

ورغم أن حزب تشوجا الذي يتزعمه أندريه فينتورا جاء في المركز الثالث في البرلمان، إلا أن هذا يشكل نصراً كبيراً بالنسبة لهم، وقد هنأه زعماء اليمين المتطرف في أوروبا على النتيجة.

كان موقف تشوجا الذي أدى إلى هذا النصر الكبير لهم هو معارضة الهجرة ومحاربة الفساد وسعيهم لاستعادة ألق البرتغال. وقد تمكن هذا الحزب من خلق موجة من التفاعل والتضامن الوطني من خلال استغلال قلق الناس بشأن قضية المهاجرين الذين شكلوا عشر المواليد في هذا البلد العام الماضي. ومن خلال قوله إن مستقبل البرتغال في خطر وأننا يجب أن نفكر في إنقاذ البلاد، نجح السيد فينتورا في جذب آراء الناس وذكر أن التصويت لحزبه يعني أن الناس قلقون بشأن المستقبل وأنه سيحاول جاهداً تحسين وضع بلاده نحو الأفضل[3].

فتح البرتغال؟

من القضايا المهمة المتعلقة بالبرتغال دائما أن الخبراء يعتقدون أنه نظرا للتجربة المريرة التي مرت بها البلاد قبل التحول الديمقراطي، فمن غير المرجح أن ينمو فيها اليمين المتطرف، لكن نتائج هذه الانتخابات أظهرت أن جرس الإنذار الخطر يدق في البرتغال واليمين المتطرف ينمو بحركة متسارعة.

وتشكل هذه القضية تحذيراً كبيراً للقادة الأوروبيين، خاصة في الأشهر التي تقترب من انتخابات البرلمان الأوروبي. ويتعين على زعماء أوروبا أن يُظهِروا للشعب رؤية سليمة خالية من الفساد والاختلاس المالي حتى يتسنى لهم أن يقولوا شيئاً ضد اليمين المتطرف. يُشير هذا الاتجاه بتوسع اليمين المتطرف نحو تغير آراء شعوب أوروبا بشأن مختلف القضايا، والآن لم يعودوا الأشخاص الذين لديهم أفكار يمينية متطرفة، يشعرون بالعزلة والوحدة والاكتئاب ويعبرون عن آرائهم بحرية في مختلف القضايا. وهذا تأكيد واضح على أن أوروبا تواجه تحدياً كبيراً للغاية.

إن انتصار اليمين المتطرف في البرتغال في أقل من عقد من الزمن وتحوله إلى أحد التيارات السياسية الرئيسية في هذا البلد يعني أن أوروبا تتجه إلى مسار جديد، طريق محفوف بالمخاطر وربما يعتمد على السياسات الوطنية والتأكيد على الجنسية أكثر من الإنسانية والضغط على المهاجرين والعنصرية وربما التحرك نحو تفتيت أوروبا الموحدة.

لذلك كان لانتصار اليمين المتطرف في البرتغال رسالة كبيرة لجميع المراقبين والقادة الأوروبيين، وهي أنهم إذا لم يتمكنوا من المساعدة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في هذه القارة، فعليهم الانتظار حتى بداية مسار جديد لاستراتيجية القادة الجدد الطموحين، مثل أوربان ولوبان وربما فنتورا.

امین مهدوی


[1] reuters.com

[2] cnbc.com

[3] .theguardian.com