مولدوفا، نقطة البداية للحرب العالمية ؟

 تقع جمهورية مولدوفا جغرافياً بين رومانيا وأوكرانيا، وعاصمتها مدينة تشيسيناو ويبلغ عدد سكانها حوالي 3 ملايين نسمة، أعلنت استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ورغم أن هذا البلد يعد من أضعف الاقتصادات في أوروبا، إلا أن موقعها الجغرافي مهم جداً وهذا امر واضح تماما بالنسبة للغرب وروسيا، وجهودهما تهدف دائماً إلى أن يكون لهما دور مؤثر في هذا البلد.

ابريل 5, 2024 - 11:59
مولدوفا، نقطة البداية للحرب العالمية ؟
مولدوفا، نقطة البداية للحرب العالمية ؟

 تقع جمهورية مولدوفا جغرافياً بين رومانيا وأوكرانيا، وعاصمتها مدينة تشيسيناو ويبلغ عدد سكانها حوالي 3 ملايين نسمة، أعلنت استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ورغم أن هذا البلد يعد من أضعف الاقتصادات في أوروبا، إلا أن موقعها الجغرافي مهم جداً وهذا امر واضح تماما بالنسبة للغرب وروسيا، وجهودهما تهدف دائماً إلى أن يكون لهما دور مؤثر في هذا البلد.

ماهي أهمية مولدوفا ؟

تعود أهمية مولدوفا إلى ما قبل الحرب بين أوكرانيا وروسيا، ولكن خلال الحرب أصبحت أهميتها أكثر وضوحاً. والآن تسعى مولدوفا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وخلال رئاسة السيدة ساندو، كانت لديها خطط طموحة للتقدم والإندماج مع أوروبا. ومن خلال زيادة مستوى التعاون مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، تمكنت هذه الدولة من زيادة الميزانية العسكرية الواردة من الولايات المتحدة أكثر من عشرة أضعاف، وإلى جانب ذلك، حصلت على صفة مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي. خلال حرب أوكرانيا حاولت هذه الدولة التخلص تقريبًا من اعتمادها على روسيا في مجال الطاقة والاندماج في نظام الطاقة الأوروبي لزيادة قوتها التفاوضية ضد روسيا ولتحسين وضعها بشكل أقوى لتقليل ضعفها أمام روسيا [1].

وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر روسيا مولدوفا جزءاً من مجالها الحيوي، وقد أعربت عن استيائها من طلب انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي أو التعاون المكثف مع حلف شمال الأطلسي. لقد فقدت روسيا بعض نفوذها في مولدوفا ولها الآن قوة حفظ سلام في منطقة ترانسنيستريا المتمتعة بالحكم الذاتي. ويعود هذا الوجود إلى سنوات مضت، وكانت روسيا تحاول قبول هذه المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي كدولة، لكنها فشلت في تحقيق هذا الهدف. [2] وفي أحد إجراءاتها الأخيرة، قامت روسيا بوضع صناديق اقتراع للانتخابات الرئاسية الروسية في هذه المنطقة، التي واجهت احتجاجات واسعة النطاق من مولدوفا وأوروبا. ومن خلال التأكيد على أن هناك العديد من الروس الذين يعيشون في هذه المنطقة، تحاول روسيا زيادة نفوذها في هذه المنطقة من أجل زيادة عمقها الاستراتيجي ويكون بيدها المزيد من أدوات الضغط في حرب أوكرانيا. في المقابل ترى تشيسيناو أن روسيا فعلت شيئا مماثلا هناك قبل ضم شبه جزيرة القرم، واعتبرت هذا الإجراء سببا لاحتلال هذه المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي[3].

ويبدو أن سكان هذه المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي سيشهدون الضرر الأكبر في هذا التوتر والصراع بين الغرب وروسيا. حيث يتعرضون لضغوط من الحكومة المركزية وضرائب باهظة على المواد الأساسية، ومن ناحية أخرى، أغلقت أوكرانيا حدودها مع هذه المنطقة ولديها مخاوف متزايدة بشأن احتمال نشوب صراع على هذه الجبهة. طلبت سلطات هذه المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي المساعدة من موسكو ونظرت أيضًا في تصرفات الحكومة المولدوفية المخالفة لقوانين حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي واعتبرت مثل هذه الإجراءات بمثابة أداة ضغط لجعل سكان هذه المنطقة يذعنون لمطالب أوروبا. ورغم أن روسيا تبدو مستعدة لمساعدة هذه المنطقة، إلا أنها لا تزال لا تريد أن تلعب بورقة ترانسنيستريا بالكامل، كما أن الجانب الغربي يدرك جيدًا أيضًا أهمية هذه القضية، حيث أن الضغط الزائد على هذه المنطقة يمكن أن يؤدي إلى الحرب الأهلية في مولدوفا.

بالإضافة إلى ذلك، ربما كان أحد أخطاء السيدة ساندو هو سوء تقدير استراتيجي، ومحاولتها استخدام حرب أوكرانيا كوسيلة لتعزيز الكبرياء الوطني. ورأت أنه ربما تكون هذه الحرب أساساً لتشكيل الوحدة الوطنية والمصالحة في بلادها، وستكون قادرةً على جعل بلادها عضواً في الاتحاد الأوروبي ولاحقاً في حلف شمال الأطلسي دون تكاليف إضافية. والأمر الذي لم تنتبه إليه هو عمق الوجود الروسي في منطقة أوروبا الشرقية، وخاصة في مولدوفا وترانسنيستريا، فلروسيا دعم تاريخي قوي للغاية في هذه المنطقة، وإلى جانب ذلك فإن الإعلام الروسي يعمل بشكل جيد في هذه المنطقة. واستطاع أن يتحدى خطط السيدة الرئيسة.

ويبدو أنه بسبب الهجمات الأخيرة ضد القوات الروسية في هذه المنطقة، ستزداد أهمية هذه المنطقة واحتمال تورطها في الحرب الأوكرانية، كون ترانسنيستريا لا تريد الحرب. لكن تزايد حجم التوتر والصراع يصب في مصلحة أي جبهة! هو سؤال سنحصل على إجابته في المستقبل، لأن اشتراك مولدوفا في الحرب يعني بداية حرب الدومينو الكبرى التي سيتعين على أوروبا وأمريكا وروسيا أن تقاتل فيها، وقد يكون هذا بداية حرب عالمية من مكان لم يفكر فيه أحد حتى، وهو ترانسنيستريا في مولدوفا.

امین مهدوی


[1] foreignpolicy.com

[2] theguardian.com

[3] aljazeera.com