التعاون العسكري بين باكستان والصين
تعود العلاقات الثنائية بين الصين وباكستان إلى عقود ماضية، وقد وصفت بأنها صداقة عميقة الجذور وحيوية جداً للمصالح الاستراتيجية طويلة المدى لكلا البلدين. وتشكل العلاقات العسكرية جزءا كبيرا ومهما من هذه العلاقات، بحيث تجاوزت صادرات الصين من الأسلحة العسكرية إلى باكستان في الفترة من 2018 إلى 2022 لأكثر من النصف.
تعود العلاقات الثنائية بين الصين وباكستان إلى عقود ماضية، وقد وصفت بأنها صداقة عميقة الجذور وحيوية جداً للمصالح الاستراتيجية طويلة المدى لكلا البلدين. وتشكل العلاقات العسكرية جزءا كبيرا ومهما من هذه العلاقات، بحيث تجاوزت صادرات الصين من الأسلحة العسكرية إلى باكستان في الفترة من 2018 إلى 2022 لأكثر من النصف.
وتجري الصين وباكستان مناورات سنوية منتظمة مختلفة في المجالات الجوية والبحرية وغيرها. وكانت باكستان الدولة الوحيدة التي أجرت مناورات عسكرية مع هذا البلد في الصين. ويظهر هذا الامتياز الخاص المكانة الرفيعة التي تتمتع بها باكستان في أعين الصينيين.
لقد غيرت هذه العلاقة "الحديدية" البيئة الاستراتيجية لمنطقة جنوب آسيا، وسيؤدي الوجود المتزايد للبحرية الصينية إلى تغيير الديناميكيات البحرية في المنطقة. وهناك أسباب مختلفة أدت إلى زيادة العلاقات الصينية الباكستانية، ومن أهمها الهند.
أدت الزيادة في القوة الاقتصادية والعسكرية للهند إلى قيام هذا البلد بالتعامل بشكل أكثر تطوراً مع الغزوات المحتملة. وكان هذا واضحًا في عامي 2016 و2019 عندما نفذت الهند عمليات برية وضربات جوية محدودة ضد معسكرات الإرهابيين في باكستان، وتظهر هذه التدابير تصميم الهند على تغيير قواعد اللعبة.
وعلى الرغم من خطر التصعيد، فقد تغيرت حسابات الهند الاستراتيجية. ومن الأمثلة على هذا التغيير الاستجابة الكبيرة في عام 2020 بعد صراع وادي جالفان، عندما نشرت الهند حوالي 70 ألف جندي على طول خط السيطرة الفعلية مع الصين(LAC)، إلى جانب الأسلحة الثقيلة والمعدات الجوية، بما في ذلك الطائرات بدون طيار.
وقد عزز هذا الإجراء موقف الهند العسكري وأنشأ حواجز أقوى لردع التحركات العسكرية الصينية في المستقبل. ورغم أن الجانبين يتحدثان لتهدئة التوتر في هذه المنطقة، إلا أن الوضع لا يزال غير مؤكد.[1]
إن المنافسة بين الصين والهند في منطقة المحيط الهندي هي أحد أسباب تقارب الصين من باكستان. وفي تطور جديد، مع انتخاب محمد مويزو رئيساً لجزر المالديف في سبتمبر 2023، خرجت هذه الدولة من فلك الهند وأصبحت أقرب إلى الصين.[2]
ومن المتوقع أن يستمر الصراع السياسي الكبير بين القوتين الآسيويتين في المحيط الهندي، وهما الهند والصين، ولن يقتصر على جزر المالديف. فأكثر من نصف تجارة الهند الخارجية و80% من واردات الهند من الطاقة تمر عبر الممرات البحرية القريبة من جزر المالديف. 80% من النفط الخام الذي تستورده الصين يصل إلى مضيق ملقا من الخليج الفارسي عبر المحيط الهندي.
وبالنظر إلى السيناريوهات المحتملة لإغلاق هذا الطريق من قبل منافسي الصين، فقد استثمرت الصين بكثافة في قواتها البحرية، مع التركيز بشكل خاص على المحيط الهندي. ويشمل هذا الاستثمار أيضًا البحرية الباكستانية، والتي سيتم ذكرها لاحقًا.[3]
سبب آخر للتقارب بين باكستان والصين يمكن النظر إليه على أنه القرب بين الهند وأمريكا والمسافة بين باكستان وأمريكا. على مدى العقد الماضي، تطورت العلاقة المتعددة الأوجه بين الولايات المتحدة والهند وتعمقت في مختلف القطاعات، بما في ذلك الدبلوماسية والدفاع والتجارة والتكنولوجيا. وقد عزز البلدان تعاونهما الاستراتيجي، وهو ما تجلى في التوقيع على اتفاقيات دفاع رئيسية وزيادة التدريبات العسكرية المشتركة.
وفي المقابل، أصبحت العلاقات الأميركية الباكستانية متوترة على نحو متزايد على مدى العقد الماضي. وتتهم الولايات المتحدة باكستان بإيواء جماعات متشددة وعدم تقديم الدعم الكافي لأفغانستان، مما أدى إلى خفض المساعدات. وأدت الغارة التي وقعت عام 2011 والتي أسفرت عن مقتل أسامة بن لادن على الأراضي الباكستانية إلى تفاقم حالة عدم الثقة. وتزيد الخلافات في العلاقات بين الولايات المتحدة والهند والبرنامج النووي الباكستاني من تعقيد هذه العلاقات.[4]
وقد أدت هذه الظروف إلى زيادة نفوذ الصين في باكستان، وفي السنوات الأخيرة، وقع الصينيون عقودًا عسكرية مختلفة مع باكستان وزودوا الباكستانيين بمختلف الأسلحة الحديثة، سنذكر بعضها أدناه.
تقوم باكستان بتحديث أسطولها من الغواصات بشكل كبير لمواكبة الهند، وبموجب أحد هذه العقود ستقوم الصين ببناء ثماني غواصات متطورة من طراز هانجور من أجل باكستان، أربع غواصات منها في ستصنع في الصين وأربع منها سيتم تصنيعها في باكستان بعد نقل التكنولوجيا الخاصة بتصنيعها للخبراء الباكستانيين، ومع الانتهاء من تصنيع هذه السفن الثماني، ستكون القوة البحرية للبلدين الهند وباكستان متساوية فيما بينها.
كما قامت الصين بتسليح البحرية الباكستانية بأربع فرقاطات متعددة الأغراض (نوع 054-A/P)، والتي تم التوقيع عليها في عام 2018 وتم الانتهاء من تسليم جميع السفن الأربع في أبريل 2023.
هذه الفرقاطات هي النسخة التصديرية للسفن الحربية الصينية الأكثر تقدمًا التي تم صناعتها وإطلاقها على الإطلاق. وهي فرقاطات صواريخ موجهة متقدمة للغاية ومن المتوقع أن تعزز القوة القتالية للبحرية الباكستانية واستعدادها العملياتي والعسكري. [5]
كما أن لدى الصينيين تعاوناً واسع النطاق مع باكستان في مجال القوات الجوية، والطراز الأشهر لديها هي الطائرة المقاتلة JF-17 Thunder، التي تم تصميمها في الصين وتصنيعها في باكستان. تم طرح المقاتلة في عام 2011 بهدف تزويد القوات الجوية الباكستانية ببديل منخفض التكلفة لأسطولها القديم من طائرات داسو ميراج 3/5 المقاتلة. قدمت إسلام أباد هذه الطائرة كطائرة مقاتلة بأسعار معقولة للدول النامية وتمكنت من بيعها إلى العديد من البلدان الأخرى.[6]
وفي أحدث حالة من التعاون العسكري بين البلدين، وقعت باكستان عقدًا مع الصين لتوريد 679 دبابة قتالية من طراز VT4، والتي سيتم تجميعها وتصنيعها بموجب ترخيص في باكستان تحت اسم حيدر. تعد دبابة حيدر أحدث نموذج أضيف إلى سلسلة إنتاج الدبابات المحلية في باكستان، والتي أنتجت سابقًا نماذج مثل الضرار والخالد. VT4 هي دبابة قتال من الجيل الثالث وهي نموذج تصدير للدبابة نوع 99G الموجودة حاليًا في الخدمة مع الجيش الصيني.[7]
بشكل عام، يمكن رؤية أسباب زيادة العلاقات العسكرية بين الصين وباكستان على النحو التالي:
التغيرات الجيوسياسية في جنوب آسيا في العقد الماضي، بسبب المنافسة الشديدة بين الولايات المتحدة والصين، والانخفاض الحاد في مستوى العلاقات بين الصين والهند، وانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان عام 2021.
وبالنظر إلى المنافسة المستمرة بين الصين وأمريكا والهند، فمن المتوقع أن تقوم الصين بتسليح باكستان كما فعلت في العقود الماضية، وفي السنوات المقبلة سوف تسلح هذا البلد بطائرات مقاتلة وبنادق هجومية متقدمة وطائرات بدون طيار وأنظمة كشف جوي وبري وغواصات وأسلحة الأخرى، استعداداً للاستفادة من هذه الدولة لمواجهة منافسيها.
[1] https://www.mei.edu/publications/beyond-diplomacy-charting-chinas-multifaceted-partnership-pakistan
[2] https://thediplomat.com/2024/03/china-and-indias-intense-contest-for-influence/
[3] https://indepthnews.net/india-china-geopolitical-battle-intensifies-in-the-indian-ocean/
[4] https://www.pakistantoday.com.pk/2024/03/12/foreign-policy-choices-usa-or-china-or-both/
[5] https://www.eurasiantimes.com/china-arms-pakistan-with-deadly-submarine-keel/
[6] https://web.archive.org/web/20180107221419/http://www.scmp.com/news/china/diplomacy-defence/article/2127106/china-pakistan-military-ties-set-get-even-closer-iron
[7]https://armyrecognition.com/defense_news_march_2024_global_security_army_industry/pakistan_unveils_first_locally_made_haider_main_battle_tank.html