مقترح السلام الروسي؛ فرصة جديدة وفريدة

خلال الأيام القليلة الماضية أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شروط بلاده لمبادرة السلام مع أوكرانيا، وذكر أن "روسيا مستعدة للانسحاب من أراضي أوكرانيا من أجل تجهيز الأسس اللازمة لتنفيذ عملية السلام، ولكن على العكس من ادعاءات الغرب، تعتبر روسيا هذه الحرب جزءًا من عملية عسكرية خاصة لم تبدأ بعد، لكن نظام كييف هو الذي بدأ الأعمال العدائية واستمر بمواصلة التعدي على السيادة الروسية"

يونيو 29, 2024 - 15:46
مقترح السلام الروسي؛ فرصة جديدة وفريدة
مقترح السلام الروسي؛ فرصة جديدة وفريدة

   خلال الأيام القليلة الماضية أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شروط بلاده لمبادرة السلام مع أوكرانيا، وذكر أن "روسيا مستعدة للانسحاب من أراضي أوكرانيا من أجل تجهيز الأسس اللازمة لتنفيذ عملية السلام، ولكن على العكس من ادعاءات الغرب، تعتبر روسيا هذه الحرب جزءًا من عملية عسكرية خاصة لم تبدأ بعد، لكن نظام كييف هو الذي بدأ الأعمال العدائية واستمر بمواصلة التعدي على السيادة الروسية".[1]

في بداية الأمر، من الضروري أن نتذكر أنه في وقت سابق، علق رئيس روسيا على عدم التفاوض بشأن 4 مناطق ذاتية الحكم تحت حكم روسيا، وذكر فشل نظام الأمن الأوروبي في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) واقترح إنشاء هيكل أمني جديد يأخذ في عين الاعتبار مصالح جميع دول هذه القارة. وفي هذا الصدد، كان بوتين قد صرح في لقاء مع كبار موظفي وزارة الخارجية الروسية الأسبوع الماضي: "في الغرب، يتكرر باستمرار مصطلح أن روسيا بدأت الحرب في سياق عملية عسكرية خاصة وأنها هي المعتدي. أريد أن أؤكد مرة أخرى أن روسيا لم تبدأ الحرب وأن نظام كييف هو جزء من هذه العملية. أوكرانيا بعد إعلان استقلالها، بدأت أعمالها العدائية واستمرت بذلك بانتهاك القوانين الدولية. واستمرارًا لهذه التصريحات نشرت وكالة رويترز للأنباء أيضًا تقريرًا وكتبت: أعلن الرئيس الروسي أنه إذا تخلت أوكرانيا عن طموحاتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وسحبت قواتها من المناطق الأربع التي تطالب بها موسكو، موسكو سوف توقف النار وتدخل في محادثات السلام.[2] تجدر الإشارة إلى أن بوتين أعلن في وقت سابق أن روسيا مستعدة للانسحاب من أراضي أوكرانيا من أجل توفير الأساس لتنفيذ عملية السلام.[3]

لكن بعد الإعلان الرسمي عن مواقف بوتين واقتراح السلام الروسي، من ناحية أخرى، وكما جرت العادة في الغرب، فإنه يشوه الحقائق ويعبر بشكل انتقائي عن الأحداث، استضافت سويسرا هذه المرة، نيابة عن الغرب، حدثا يسمى "السلام العالمي". مؤتمر السلام في أوكرانيا في منطقة سياحية ترفيهية بحضور ممثلين عن حوالي 80 دولة تهدف وبحسب السفارة الروسية في برن، إلى تكرار صيغة كييف للسلام المثيرة للجدل سابقاً.

وفي المؤتمر الذي غابت عنه روسيا والصين، دارت محادثات حول خطة زيلينسكي للسلام المكونة من 10 نقاط والمقترحة نهاية عام 2022، وأخيراً خلص المؤتمر في يوم الأحد 16 يونيو/حزيران دون تقديم أي حل محدد لتحقيق السلام في المنطقة. وفقط خرجت توصياته بإصدار بيانات مكررة لاجديد فيها.[4] وفي هذا الصدد، أشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى انتقاداته الضمنية لعدم حضور روسيا في المؤتمر: "لقد اقترحت روسيا مؤخرًا شروطها المرجوة. وبغض النظر عن محتواها، فهذه خطوات مهمة للمضي قدمًا. وهي بصيص من الأمل في بدء محادثات السلام، وعلينا أن نلاحظ أنه لو كان الطرف الآخر في الصراع - روسيا - حاضرا أيضا، لكان هذا المؤتمر مثمرا أكثر".[5]

وبحسب العديد من الخبراء فإن كل هذه الإجراءات يتم اتخاذها في حين أن هناك اقتراح يقدمه بوتين برؤية واضحة ويقديم خارطة طريق للخروج من الأزمة، ويعتبر فرصة خاصة. وإذا كانت هناك إرادة حقيقية لحل المشكلة والخروج من الأزمة عند قادة أوكرانيا ومؤيديهم الغربيين، قد تكون هذه أفضل فرصة للتوصل إلى سلام دائم بين البلدين، لكن من ناحية أخرى، نرى أن زيلينسكي لم يستغل هذه الفرصة بالقتال العنيد فحسب، بل حاول أيضًا تأجيل تحقيق السلام من خلال فرض شروط غير مقبولة. من ناحية ثانية، قال دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، في مقابلة مع الصحفيين: "إنهم ويقصد [السلطات الأوكرانية] لديهم الآن الفرصة لمراجعة اقتراح السلام الذي قدمه فلاديمير بوتين. على الأقل يحاولون إحلال السلام فيبلادهم وانهاء هذا الصراع." لكن برفض كييف مقترح بوتين للسلام خلال مؤتمر السويس أعادت الأمور للبدايتها وأعادت النقاش إلى نقطة البداية نفسها. لذلك سيزداد الوضع سوءًا من الآن فصاعدًا.

ويأتي رفض قبول اقتراح بوتين للسلام في وقت ترددت فيه أنباء من أوكرانيا عن افتقارها إلى قوات مسلحة جاهزة واحتياطيات كافية لصد الهجمات، ويبدو أن القوات المسلحة الأوكرانية في طريقها إلى فقدان قدرتها على التحديث والتطوير لتعزيز أنفسها، وإذا أتيحت لهم فرصة خاصة ولم يتم استغلالها بشكل صحيح، فمن المحتمل أن تواجه أوكرانيا المزيد من المشاكل وسيكون الخروج من هذه الأزمة أكثر صعوبة وتكلفة بالنسبة لهم ولداعميهم.

نويد دانشور


[1] https://www.gazeta.ru/politics/2024/06/14/19241395.shtml

[2] https://www.reuters.com/world/europe/putin-says-west-needs-find-way-work-with-russia-2024-06-14/

[3] https://www.kommersant.ru/doc/6771894?from=doc_vrez

[4] https://www.kommersant.ru/doc/6772837

[5] https://www.trthaber.com/haber/gundem/bakan-fidan-cografi-olarak-bu-savas-ukraynanin-da-otesine-gecebilir-863782.html