التسوية التاريخية؟

لقد أصبحت الحرب بين روسيا وأوكرانيا حربا طويلة الأمد ومتآكلة. ويبدو أن هذه الحرب خرجت عن نطاق السيطرة وقد تتحول إلى حرب عالمية ثالثة وبداية كارثة كبيرة على البشرية. وهذه الحرب تنتقل الآن إلى مرحلة جديدة يمكن أن تصل لنقطة الانفجار.

يونيو 29, 2024 - 15:42
التسوية التاريخية؟
التسوية التاريخية؟

لقد أصبحت الحرب بين روسيا وأوكرانيا حربا طويلة الأمد ومتآكلة. ويبدو أن هذه الحرب خرجت عن نطاق السيطرة وقد تتحول إلى حرب عالمية ثالثة وبداية كارثة كبيرة على البشرية. وهذه الحرب تنتقل الآن إلى مرحلة جديدة يمكن أن تصل لنقطة الانفجار.

تهديد أم تحضير؟

يعمل حلف شمال الأطلسي في أوروبا على تعزيز قدراته العسكرية واللوجستية. ويتطلع هذا التحالف إلى زيادة قدراته وقوة الردع، خاصة أنه أضاف بعض الأعضاء الجدد، مما أدى إلى زيادة قوة وقدرة هذا التحالف[1].

ومن ناحية أخرى، فإن لدى روسيا وجهة نظر تهديدية تجاه هذه القضية، وتعتقد أن إجراءات الناتو هذه ليست للردع بل لتعزيز القوة العسكرية للضغط على روسيا. وتعتقد روسيا أن حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة، يسعى إلى تقييد روسيا وإضعافها، ويهدف إلى إعاقة التطور الاستراتيجي لروسيا في الجغرافيا السياسية المحيطة بها. هذا التفسير لروسيا أدى إلى نشوء الخلافات وأخيراً أدت للحرب الحالية في أوكرانيا، حيث يبدو الآن أن دولاً مختلفة تتطلع إلى إضعاف روسيا والتغلب عليها، وهو ما لم تنجح في تحقيقه حتى الآن.

بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن حلف شمال الأطلسي قد تعلم درساً كبيراً من الحرب العالمية الثانية ويتطلع إلى تعزيز جبهته الشرقية، حيث تعد بمثابة تذكير بالأوقات العظيمة التي عاشها الحلفاء. وهذه المنطقة، التي كانت تشكل جزئياً نقطة ضعف الناتو، أصبحت نقطة قوة بعد إضافة السويد وفنلندا. وتضم الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي دول بحر البلطيق مثل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا. هذه الدول، التي كانت ذات يوم جزءًا من الاتحاد السوفييتي، انضمت إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد انهياره. وتعتبر روسيا هذا الإجراء تهديدا لأمنها حيث نشأت العديد من التوترات في المنطقة لأن روسيا تعتقد أن حلف شمال الأطلسي يقيدها ويستعد لغزو عسكري أو تهديد لسلامة أراضي روسيا. إن تعزيز الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي يبعث برسالة قوية إلى روسيا مفادها أن حلف شمال الأطلسي ملتزم بالدفاع عن دول البلطيق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي لم يكن خالياً من الأحداث التي تثير الجدل. كما حذر بعض الخبراء من أن هذا قد يؤدي إلى حرب باردة جديدة بين روسيا والغرب. والواقع أن الغرب يبعث برسالة تاريخية مفادها أنه سوف يستخدم كل قوته على هذه الجبهة للقيام بما فعله بألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وهذه المرة بالنسبة لروسيا[2].

وفي الواقع فإن الدول الأوروبية، التي لا تملك ترسانة نووية كبيرة ضد روسيا، تحاول التغلب على هذا الضعف في أسرع وقت ممكن. إنهم يحاولون إعداد أنفسهم لمعركة محتملة مع روسيا. كما أن تعزيز الجبهة الشرقية يعد مكانًا ذا قيمة كبيرة بالنسبة لحلف شمال الأطلسي. وفي هذه المنطقة، يمكنهم التفوق على روسيا من حيث الجغرافيا السياسية والتاريخ والحرب النفسية، وتصل ساحة المعركة إلى أقرب مكان من الأراضي الروسية، حيث يتعين على روسيا الانخراط مع حلف شمال الأطلسي من أجل البقاء، ولا شك هذه مؤشرات لبداية معركة ستكون كبيرة وشاملة[3].

علاوة على ذلك، فإن هذا النهج الذي يتبعه حلف شمال الأطلسي وأوروبا يعد بمثابة خطوة إلى الأمام في سعيهما لإرسال رسائل واضحة إلى روسيا تذكرها بالقوة التاريخية للتحالف. بالإضافة إلى ذلك يبدو أنه سيكون انتقامًا تاريخيًا، حيث يتطلع الفرنسيون والبريطانيون إلى الانتقام من روسيا ويأملون في الفوز على روسيا.

ومن الممكن أن يكون نهج الناتو هذا اتجاه روسيا مفيدًا للولايات المتحدة، والبعيدة عن ساحة المعركة. وإذا تمكنت الولايات المتحدة من توفير معظم المعدات لأوروبا، فهذا يعني أنها تمكنت من تعزيز محركها الاقتصادي والابتعاد عن أكبر ثلاثة منافسين لها، وهم روسيا والصين وأوروبا، وهي لا تزال القوة الاقتصادية والسياسية الأولى فى العالم. إن هذه القضية ذات قيمة كبيرة بالنسبة لأميركا، بل وربما تكون على استعداد للمراهنة عليها لجر روسيا إلى المعركة النهائية.

امین مهدوی

[1] washingtonpost.com

[2] nytimes

[3] consilium.europa.eu