ترامب وانسحاب القوات الأمريكية من سورية

لقد هدد ترامب خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى مرارًا بإخراج القوات الأمريكية من سورية. وفي  الآونة الأخيرة حاول من خلال تصريحاته فصل الولايات المتحدة عن التغييرات الحاصلة في هذا البلد، حيث أشارت بعض وسائل الإعلام إلى أنه يعتزم سحب آلاف الجنود الأمريكيين من سورية.

فبرایر 3, 2025 - 12:42
ترامب وانسحاب القوات الأمريكية من سورية
ترامب وانسحاب القوات الأمريكية من سورية

لقد هدد ترامب خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى مرارًا بإخراج القوات الأمريكية من سورية. وفي  الآونة الأخيرة حاول من خلال تصريحاته فصل الولايات المتحدة عن التغييرات الحاصلة في هذا البلد، حيث أشارت بعض وسائل الإعلام إلى أنه يعتزم سحب آلاف الجنود الأمريكيين من سورية. ومع ذلك لم يعلن ترامب بشكل واضح ودقيق عن نيته سحب القوات العسكرية الأمريكية بل اكتفى بالقول: "نحن لا نتدخل في سورية لديهم ما يكفي من المشاكل والفوضى هم ليسوا بحاجة إلى تدخلنا".(1)

في هذا السياق قال مايكل والتز مستشار الأمن القومي لترامب إن تصويت الشعب لترامب يعني "عدم جرّنا إلى حروب الشرق الأوسط وليس لدينا أي حاجة لقوات أمريكية تتجول في أنحاء سورية".(2) إن تأكيد ترامب على ضرورة عدم التدخل في سورية أو أي حرب إقليمية قد أثار تساؤلات وشكوكًا حول مستقبل وجود القوات العسكرية الأمريكية في سورية. في الواقع من جهة لا يرغب ترامب في الانغماس في القضايا السورية ومن جهة أخرى لا يريد أن يفقد مصالح الولايات المتحدة في السيطرة على التوازن الإقليمي.

تحتفظ الولايات المتحدة حاليًا بوجود 2000 جندي في سورية يتمركز معظمهم في المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية. خلال فترة رئاسته الأولى من 2016 إلى 2020، أقدم دونالد ترامب على سحب نصف القوات الأمريكية من المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية، مما أدى إلى الهجوم التركي على الأكراد في عام 2019. وقد اتهم العديد من المسؤولين الأمريكيين ترامب بخيانة حلفائه الأكراد، وينتسب العديد منهم الآن إلى الحكومة الجديدة. يعتقد بعض المراقبين أن خروج القوات الأمريكية من سورية سيضعف الميليشيات الكردية في البلاد.(3)

ثمة مسألة أخرى تواجه ترامب بشأن انسحاب القوات الأمريكية، وهي القلق الذي تعبر عنه تل أبيب. لقد أتاح وجود القوات الأمريكية في منطقة غرب آسيا لتل أبيب تعزيز سياساتها العدوانية في المنطقة بدعم من واشنطن. ولهذا السبب فإن انسحاب الولايات المتحدة سيسبب قلقًا لدى الصهاينة.

ومع ذلك أظهر ترامب في ولايته الأولى أنه ليس لديه رغبة في الانغماس في القضايا السورية. وهو يعارض بشكل صارم الخطط الأمريكية للديمقراطية في دول منطقة غرب آسيا. رغم كل ذلك لا يمكن لترامب، سواء في فترة رئاسته الأولى أو في دورته الجديدة، أن يتخلى عن سورية بسبب مصالح الولايات المتحدة. تشير التقارير التي نشرت في عام 2019 إلى أن حوالي 3500 جندي أمريكي تحت إشراف مقاولين عسكريين خاصين أمريكيين (PMC) شاركوا في الإنتاج غير القانوني للنفط في حقول العمر وكونيكو وغيرها في محافظة دير الزور. بناءً على ذلك فإن تطوير والحفاظ على حقول النفط السورية يساعد وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكية على تبرير وجود القوات الأمريكية في المنطقة.(4)  

لكن القوات الأميركية في القواعد العسكرية الضعيفة في سورية تواجه مخاطر كثيرة في محيط الأردن والعراق. وفقًا لتقييم البنتاغون ومنذ بدء حرب غزة نفذت قوات المقاومة ما لا يقل عن 211 هجومًا باستخدام الطائرات المسيرة الانتحارية والصواريخ  والذخائر الأخرى ضد القواعد العسكرية الأمريكية. كان الهجوم على قاعدة عسكرية على الحدود السورية مع الأردن في يناير من بين هذه الهجمات، مما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين. أكثر من 130 من هذه الهجمات استهدفت المواقع الأمريكية في سورية.(5) 

الآن تنظر الولايات المتحدة إلى مرحلة الانتقال في سورية كفرصة لتعزيز تغيير استراتيجي كبير في الشرق العربي ودعم الأنظمة العربية المعتدلة والمتحالفة مع الغرب، التي تستعد لعلاقات أقوى مع النظام الإسرائيلي. لذلك نظرًا لأن مصالح الولايات المتحدة في منطقة غرب آسيا تعتمد على الحفاظ على وجودها ونفوذها في سورية يبدو أن ترامب يعتزم التعاون مع الحكومة السورية الجديدة تحت ذريعة إعادة بناء البنية التحتية في سورية وكذلك تقديم المساعدات الإنسانية وحتى المساعدات الأمنية.

هناك أيضًا احتمال أن يقوم ترامب بسحب القوات العسكرية الأمريكية من شمال شرق سورية، ولكنه قد يؤجل هذا الانسحاب تحت ذريعة المساعدة في تمكين السلطات الجديدة من إكمال القضاء على داعش.

حكيمة زعيم باشي

 1.  isna.ir/xdSMpW
2.  https://www.tabnak.ir/fa/news/128033
3.  kurdpress.com/x4dqp
4.  https://www.mizanonline.ir/00KBAM
5.  isna.ir/xdSxg3