ماتخفيه المدن التركية حقائق لا يمكن إنكارها
في عالم مليء بتنوع وسائل الإعلام الحالية وإغوائاتها، يعرف الكثير من الناس تركيا كواحدة من أفضل الوجهات السياحية في منطقة غرب آسيا وشرق أوروبا، والبعض يرى فيها التضخم المرتفع الذي يصل إلى حوالي 70٪.
في عالم مليء بتنوع وسائل الإعلام الحالية وإغوائاتها، يعرف الكثير من الناس تركيا كواحدة من أفضل الوجهات السياحية في منطقة غرب آسيا وشرق أوروبا، والبعض يرى فيها التضخم المرتفع الذي يصل إلى حوالي 70٪، والبعض الآخر يعرفها ببلد الانقلابات المتعاقبة التي حدثت مع احتمال دائم لحدوث زلزال سياسي! لكن الحياة في تركيا لها جوانب أخرى. فإلى جانب الصور الجميلة للمدن والمناطق السياحية ومساعي سماسرة العقارات لبيع الشقق للعملاء الأجانب، هناك حقائق أخرى كالعنصرية والتعصب القومي للذات إلى المواجهة ضد الحجاب وحتى قتل النساء وتعنيفهم!
في البداية، لا بد من الإشارة إلى أن الجدل اليوم حول الحجاب ومشكلة قتل النساء في تركيا لا يرتبط بالفترة الأخيرة فقط، وقد ظلت هذه المشاكل تتكرر منذ عدة عقود على الأقل،[1] والآن، مع التطور الحاصل في شبكات التواصل الاجتماعية وانتشار وسائل الإعلام، ستزداد المعلومات حول هذه القضية وسيتم نشرها أكثر. لكن القصة تعود إلى مقطع فيديو يذبح فيه رجل تركي زوجته بطريقة وحشية بالسكين أمام أبنائه والعديد من الجيران، وقد انتشر هذا الفيديو على نطاق واسع. والآن، وبعد مرور أشهر من انتشار هذا الفيديو على نطاق واسع، انتشرت في الأشهر الأخيرة أخبار وفيديوهات أخرى لجرائم قتل متتالية للنساء، والتي أثارت ردود فعل كثيرة. [2]ومن تبرير هذه التصرفات واختزالها إلى حركة فردية مجنونة إلى ردود الفعل المتطرفة من الحركات المناهضة للذكورة أو النسوية. ولكن مرة أخرى، هناك قضية مهمة وراء هذا الفيديو تم إهمالها، وهي النمو المرتفع للجريمة في تركيا، وهو ما يختبئ وراء الصراعات الواضحة بين الرجال والنساء، مع مشاكسة العديد من الأشخاص في وسائل الإعلام التركية المستقلة على ما يبدو.
والحقيقة هي أنه في السنوات الأخيرة، وعلى عكس الوجه المعروف لتقدم تركيا في أهداف السياحة والرعاية الاجتماعية في هذا البلد، نشهد قدرًا كبيرًا من العنصرية والسلوكيات الناجمة عن الكراهية والعداوة تجاه إخوانهم في الإنسانية في هذا البلد. وللحصول على صورة أكثر واقعية لهذا الوضع وكيفية تعامل المجتمع التركي ليس مع المهاجرين فحسب، بل أيضًا مع شعب ذلك البلد، يكفي استعراض بعض أخبار الأيام والأشهر الماضية. حيث، بالإضافة إلى أخبار الاعتداءات على فتيات تركيات واختفائهن، شهدنا شاباً مهاجراً يتعرض للضرب على يد شباب أتراك، أو فتاة عراقية تتعرض للاغتصاب الجماعي، أو اعتداء على عائلة سورية في حافلة المدينة، أو حادث مميت لضربة على رقبة شاب يمني، وهناك نرى في العديد من الفيديوهات انتهاك حجاب المرأة. ومع ذلك، فإن مثل هذه الأعمال الهمجية لم تتراجع فحسب، بل شهدت زيادة كبيرة، ومن خلال انتشارها إلى أفراد آخرين في المجتمع، نشهد السلوك القسري والتنمر للنساء والرجال الأتراك مع النساء المحجبات وإهاناتهم حتى من هم من أبناء الوطن وغير المهاجرين أو ما يسموهم الأتراك "يابانجي" (الأجانب).
في السنوات الأخيرة، تم بث العديد من مقاطع الفيديو والتقارير عن المواجهات اللفظية والمهينة والعنف، وصولاً إلى الاغتصاب والتعدي على النساء والفتيات المحجبات، وهذا بحد ذاته شهادة على حقيقة نوعية الحياة والسلامة العامة في تركيا على عكس ما يظهر في وسائل الإعلام وفي الأفلام والمسلسلات التركية، هناك تيار عنيف جداً مختبىء داخل المدن التركية ينهش الأمن العام، ومع انتشار الوحشية والعنف أصبحت البلاد و الشعب في حالة من الفوضى تحت نفوذها. كما ورد مرات عديدة في الإحصائيات الرسمية المنشورة في تركيا أن عدد النساء اللاتي يتعرضن للعنف والقتل في تركيا يتزايد بشكل حاد،[3] ويتم تسجيل عدة مئات من حالات اختفاء النساء والفتيات أو العنف ضدهن كل شهر. ومن الممكن أن يكونوا عمومًا ضحايا للعنف المنزلي، بل وتصل بهم الأمور إلى القتل في كثير من الحالات.
في الختام، تجدر الإشارة إلى أن عوامل الجذب التي تم الإعلان عنها في تركيا ربما جذبت الآلاف من الإيرانيين والروس والأفغان والعرب وحتى الأذريين، ولكن في الواقع هذا هو نتيجة هيمنة الدعاية على الحقائق المخفية والتي جعلت هذه الحقيقة إما تصل إلى آذان المهاجرين والجمهور متأخرة وبعد فوات الأوان أو حتى لا تصل إليهم أبداً. إن التغيرات الهائلة في السلوكيات الاجتماعية للشعب التركي تظهر نوعاً من العنصرية والفوضى الجماعية في المجتمع، وهو ما نشهده في السلوكيات الجماعية والفردية لشعب هذا البلد، ويمكن اعتبار هذه الحقائق المكشوفة جزءاً لا يتجزأ من طبيعة المجتمع التركي.
[1] https://tn.ai/2752093
[2] https://www.turkiyegazetesi.com.tr/gundem/esenyurtta-kadin-cinayeti-esini-cocuklarinin-gozu-onunde-oldurdu-991556
[3] https://polls.shafaqna.com/archives/231/%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%AF-%D8%B1%D9%88-%D8%A8%D9%87-%D8%A7%D9%81%D8%B2%D8%A7%DB%8C%D8%B4-%D8%AE%D8%B4%D9%88%D9%86%D8%AA-%D8%B9%D9%84%DB%8C%D9%87-%D8%B2%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%AF%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%DA%A9/