تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية
تفصل بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية واحدة من أكثر الحدود تسليحاً في العالم منذ عام 1953، وتتعامل كل منهما مع الدولة الأخرى بحذر شديد، باستثناء فترات نادرة من العلاقات الوثيقة قصيرة المدى.
تفصل بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية واحدة من أكثر الحدود تسليحاً في العالم منذ عام 1953، وتتعامل كل منهما مع الدولة الأخرى بحذر شديد، باستثناء فترات نادرة من العلاقات الوثيقة قصيرة المدى.
تعتبر حكومتا كوريا الشمالية والجنوبية نفسيهما مالكتين لشبه الجزيرة الكورية بأكملها، أي كامل أراضي الطرف الآخر، ولذلك فإن هاتين الدولتين لا تعترفان ببعضهما البعض، وليس لديهما سفارات في أراضي الجانبين، كما يُحظر سفر مواطني الكوريتين إلى بعضهما البعض. [1]
أصل العداء في العلاقات بين الكوريتين
إن أصل الخلافات بين الدول التي تشترك في حدود مشتركة هو تدخل العوامل الخارجية، لذا فإن العلاقات المتوترة بين الكوريتين تتأثر أيضًا بوجود وتدخل دول القوى العظمى.
في أغسطس 1945، قسمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي شبه الجزيرة الكورية إلى قسمين وسيطر كل منهما على جزء منها. أنشأ الاتحاد السوفييتي والدول التابعة له نظامًا شيوعيًا في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة، وتم تشكيل حكومة عسكرية في الجزء الجنوبي، والتي كانت مدعومة بشكل مباشر من الولايات المتحدة.
وفي عام 1948، دعت الولايات المتحدة إلى إجراء انتخابات بدعم وإشراف الأمم المتحدة وبمشاركة جميع سكان شبه الجزيرة الكورية لتحديد مصيرهم، لكن الحكومة الشيوعية في كوريا الشمالية لم تقبل هذا البرنامج، لذلك، تم إنشاء حكومة مستقلة جديدة في الجزء الجنوبي، ومركزها سيول، وقد تم تشكيلها ويرأسها رجل سياسي مناهض بشدة للشيوعية يدعى سينغ مان راي. وكان رد فعل الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية أيضاً على ذلك هو إنشاء حكومة شيوعية يرأسها رجل عسكري يدعى كيم إيل سونج كرئيس للوزراء وتتمركز في بيونج يانج، ومنذ ذلك الحين لم نشهد قط علاقات ودية أو بعيدة عن التوتر بين كلا الجانبين. [2]
عدم الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية بسبب التدخل الأمريكي
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب العالمية، حافظت الولايات المتحدة على وجودها في شرق آسيا بهدفين رئيسيين هما احتواء الصين وكوريا الشمالية، وقد أدت هذه القضية إلى زيادة التوترات بين واشنطن وبيونغ يانغ مع جارتها الجنوبية، وهي حليفة للولايات المتحدة. ولهذا السبب، حاولت كوريا الشمالية إظهار قوتها المتزايدة أمام الولايات المتحدة وجارتها الجنوبية من خلال الحصول على أسلحة نووية وإجراء تجارب صاروخية مختلفة ومناورات عسكرية، واستخدام قوتها النووية كإحدى الأدوات المساومة في المفاوضات المستقبلية لفرض شروطها على الطرف الآخر. [3]
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية منذ وقت ليس ببعيد تقريرا وكتبت فيه: يقول خبراء صينيون إن التهديدات العسكرية الأمريكية ضد كوريا الشمالية ستؤدي إلى زيادة التوترات في شبه الجزيرة الكورية. ويعتقد الخبراء الصينيون أن الحل الأفضل لقضية شبه الجزيرة الكورية هو التخلي عن عقلية الحرب الباردة ووقف الاستفزازات والتهديدات العسكرية الأمريكية ضد كوريا الشمالية. [4]
الفشل في نزع سلاح بيونغ يانغ النووي
لقد أظهرت بيونغ يانغ أنه على الرغم من عزلتها السياسية ووضعها الاقتصادي السيئ، فإنها ليست مستعدة للتخلي عن الأسلحة النووية باعتبارها أداة الضغط الوحيدة لديها ضد الولايات المتحدة. وقد رفضت كوريا الشمالية طلب كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بالتخلي عن البرنامج النووي مقابل الوعد بتخفيض العقوبات، ووضعت الإنتاج الهائل للرؤوس الحربية النووية على جدول أعمالها منذ بداية هذا العام. [5]
بداية جولة جديدة من التوترات في شبه الجزيرة الكورية
في الأسابيع الأخيرة، شهدنا تصاعد التوترات في شبه الجزيرة الكورية، مما زاد من التكهنات بشأن اندلاع حرب في هذه المنطقة. ولكن ما هو السبب وراء تصاعد التوترات الأخيرة في شبه الجزيرة الكورية؟ وكما ذكرنا سابقاً، فإن أحد أهم عوامل عدم الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية هو وجود واشنطن في هذه المنطقة. إن الولايات المتحدة من خلال التحالفات العسكرية والاجتماعات الثنائية والثلاثية والمناورات العسكرية مع كوريا الجنوبية بمشاركة القاذفات الاستراتيجية، ونشر الغواصات النووية في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية وإشراك سيول في التخطيط للتعامل مع التهديدات النووية للجارة الشمالية، تعمل على تشكيل حزام سياسي وعسكري ضد الصين وكوريا الشمالية في المنطقة. [6]
وعلى النقيض من تصرفات الولايات المتحدة، تسعى كوريا الشمالية أيضاً إلى إظهار قوتها الرادعة ضد التهديدات المحتملة من خلال اتخاذ التدابير المناسبة. وفي هذا السياق، أعلنت كوريا الشمالية مؤخراً، بعد عمليتي إطلاق فاشلتين في أيار و شهر آب، أنها أطلقت قمراً صناعياً للتجسس العسكري ووضعته بنجاح في مداره. حيث دفع هذا الموضوع كوريا الجنوبية للرد، وأعلنت أنها ألغت جزءًا من اتفاقية خفض التصعيد العسكري بين الكوريتين لعام 2018. وردا على تصرف كوريا الجنوبية، قالت كوريا الشمالية إنها ستعيد جميع أعمالها العسكرية التي أوقفتها بموجب هذا الاتفاق. كما قامت كوريا الشمالية مؤخرًا بتركيب معدات وأسلحة جديدة على الحدود مع كوريا الجنوبية. وقالت وزارة الدفاع الكورية الشمالية في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية في البلاد: إنها ستستأنف جميع الأعمال العسكرية التي أوقفتها في إطار اتفاق 2018 بهدف خفض التوتر على حدود البلدين وجاء في هذا البيان أنه: "من الآن فصاعدا، قواتنا المسلحة غير مطالبة بتنفيذ الاتفاقية العسكرية بين البلدين وأضاف: سنلغي الإجراءات العسكرية، بما في ذلك البرية والجوية والبحرية، التي تم تنفيذها بهدف تخفيف التوترات، وسننشر وحدات عسكرية أكثر قوة وأسلحة جديدة بالقرب من المنطقة المدنية العازلة بين البلدين".[7]
كيف سينتهي التوتر في شبه الجزيرة الكورية؟
تشهد شبه الجزيرة الكورية حاليا وضعا غير مسبوق. وهو الوضع الذي هو مزيج من التهديد بالهجوم والمناورات العسكرية والتجارب الصاروخية والتهديد باستخدام الأسلحة النووية، وفي مثل هذا الوضع لم يتم اتخاذ أي إجراء جدي للسيطرة على الوضع أو التهدئة وتخفيف التوتر، لذلك وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء فعال، فإن احتمال زيادة نطاق التوترات في هذه المنطقة لن يكون بعيداً عن الأذهان.
[1] https://www.asriran.com/fa/news/910283
[2] https://rooziato.com/1396140444
[3] https://www.mehrnews.com/news/5614997/
[4] https://www.irna.ir/news/85286465/
[5] https://www.farsnews.ir/news/14020712000357
[6] http://irdiplomacy.ir/fa/news/2021715
[7] https://www.sharghdaily.com/