العقوبات الأمريكية عقبة أمام إعادة إعمار سورية
كان الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر والذي ضرب مناطق واسعة من جنوب تركيا وشمال سورية، صباح الاثنين 6 شباط من أكثر الأحداث الكارثية التي أثرت على المجتمع الدولي بغض النظر عن حكوماتهم وحكامهم. هذه المأساة في سوريا كان لها شكل مختلف. في الواقع يمكن القول إن ما لم يتم تدميره في الحرب السورية مع الإرهابيين قد تم تدميره في هذا الزلزال. سوريا التي لا تزال تتعامل مع تداعيات حربها مع الإرهابيين والتكفيريين ولم يتم إعادة إعمارها بعد، واجهت أزمة أخرى مع هذا الزلزال وهذه الأزمة أكبر من الأزمة التي سببها الزلزال في تركيا لأن سورية محاصرة بسبب العقوبات الأمريكية.
بداية الحرب السورية مع الإرهابيين التكفيريين انعقد مؤتمر "أصدقاء سورية" في تونس العاصمة في 24 فبراير 2012 (1390ش) بحضور ممثلين عن ما يقرب من 70 دولة من أجل إيجاد حل لإنهاء الأزمة والاضطرابات الدامية في سورية. وكانت الولايات المتحدة من الدول المشاركة في هذا المؤتمر وكان هذا المؤتمر وديًا على ما يبدو، لكنه مهد الطريق لتدخل ومشاركة مجموعات استشارية ساعدت في إيجاد الإرهابيين.
لدرجة أنه في يوم الأربعاء (8 شباط) قال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين للصحفيين: لدينا مؤسسات إنسانية في سورية ميزانيتها مقدمة من الولايات المتحدة وتعمل هذه المؤسسات في مجال تنسيق مساعدات الإنقاذ. وأضاف: نحن ملتزمون بتقديم المساعدة للشعب السوري حتى يتمكن من تجاوز هذه المأساة. لقد كنا أهم مزود للمساعدات الإنسانية للشعب منذ بداية الحرب السورية. قال: أؤكد أن هذه المساعدات المالية ستصل إلى الشعب السوري وليس النظام.[1]في الواقع أشار بلينكن إلى المؤسسات الاستشارية على شكل مجموعات وشركات تعليمية كمؤسسات إنسانية وهي نفسها المجموعات الداعمة للإرهابيين الانفصاليين في سورية وليست مع الشعب ولا مع النظام ولكنها تخدم أهداف الجماعات التكفيرية الإرهابية. لكن مشكلة سورية ليست في مساعدة الأمريكيين بل المشكلة بالعقوبات التي فرضوها على هذا البلد وأغلقت الطريق أمام دول أخرى لمساعدة سورية.
في 11 كانون الأول / ديسمبر 2019 أصدر الكونغرس الأمريكي قانون قيصر بهدف معاقبة النظام السوري والرئيس بشار الأسد بذريعة "جرائم حرب ترتكبها الحكومة السورية بحق شعبها" والتسمية الرسمية لهذا القانون هي "Caesar Syria Civilian Protection Act"
تعتبر عقوبات قيصر هي من أشد العقوبات ضد الحكومة السورية منذ بداية الحرب الأهلية، والميزة الرئيسية لهذه العقوبات هي تبعاتها الثانوية والتي على عكس العقوبات السابقة حيث تخضع للعقوبات أي شركة أجنبية أو شخص طبيعي أو اعتباري في أي دولة تنوي تأمين السلاح والتمويل للنظام السوري أو المشاركة في إعادة الإعمار أو في المنشآت الصناعية والطاقة والبنية التحتية في هذا البلد.[2] تم إصدار قانون القيصر الأمريكي عندما كانت الحكومة السورية مستعدة لبدء عملية إعادة الإعمار. لقد أوجد هذا القانون العديد من التحديات في عملية إعادة الإعمار في سورية وزاد أيضاً الزلزال الأخير الوضع سوءًا.
تقول دمشق أن الولايات المتحدة كانت زعيمة حرب إرهابية عالمية كبرى قادتها ضد هذا البلد، وأن الولايات المتحدة هي التي لم تسمح للشعب السوري بالتنفس وحاصرته من خلال تطبيق أقسى العقوبات والسياسات العدائية ضد سورية في العقد الماضي وحتى الآن، لذلك حكومة وشعب هذا البلد لا يتوقعون تعاطفا أو مساعدة من الولايات المتحدة؛ لكن العمل غير الإنساني الذي يجري ضد هؤلاء الناس هو مناصرة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للسياسات اللاإنسانية للولايات المتحدة.
بالإضافة إلى هذه العقوبات التي فرضتها واشنطن على سورية تحت عنوان قانون قيصر، فقد أوجدت العديد من القيود على دول أخرى في طريق تقديم المساعدات لسورية. كما أن حظر الأدوية الطبية كان أكبر جريمة ارتكبتها الولايات المتحدة ضد الأمة السورية خلال الأشهر الماضية، وفي هذا الوضع الحرج يحرم ضحايا الزلزال من الحصول على العديد من الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.[3]
لكن في الفترة الماضية أعلن الأمريكيون نت أجل جذب الرأي العام العالمي أنهم علقوا مؤقتًا وجزئيًا بعض العقوبات أحادية الجانب ضد الشعب السوري، بالمقابل أعلنت الخارجية السورية في بيان لها أن الحكومة الأمريكية لا يمكنها أن تخدع الشعب السوري والعالم كله بمحاولات إصلاح وجهها الأسود والتهرب من مسؤوليتها في عرقلة جهود إنقاذ ودعم ضحايا الزلزال.
ودعت وزارة الخارجية السورية الولايات المتحدة إلى الإنهاء الفوري وغير المشروط للإجراءات القسرية الأحادية المفروضة على الشعب السوري ووقف أعمالها العدائية وانتهاكاتها للقانون الدولي.[4]
