المشروع الأمريكي في سورية و دور المعارضة السورية

أمريكا سورية

Aug 29, 2023 - 15:24
المشروع الأمريكي في سورية و دور المعارضة السورية
المشروع الأمريكي في سورية و دور المعارضة السورية

     تشكلت المعارضة السورية الحالية مع بداية الأزمة في سورية عن طريق دعم الدول التي خططت لإسقاط الدولة السورية وأرادت أن تجعل سورية ساحة للصراع والإقتتال، وقد تجلت تحت شعارات مختلفة تدعو للحرية والديمقراطية ولكن ماخفي كان أعظم بكثير؛ تقسيم سورية إلى دويلات متعددة حسب العرق والدين و وتفكيك النسيج الإجتماعي المتلاحم وكسر شوكة المقاومة أمام إسرائيل بالإضافة إلى السيطرة على أماكن الثروات وآبار النفط والغاز...هي أهم ماكشفته الأزمة السورية من أهداف كان يُخطط لها خلال السنوات الماضية، وللأسف نقول أن جزءاً منها تحقق بفعل تخاذل قوى المعارضة وأنشطتها وتحالفاتها التي سمحت للقوات الأجنبية مثل تركيا وأمريكا باحتلال أجزءٍ من الجغرافيا السورية لنهب وسرقة ثروات هذا البلد.

بالأمس دخل وفدٌ من أعضاء مجلس النواب الأمريكي بطريقة غير شرعية ولا قانونية من معبر السلامة الحدودي مع تركيا إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية التابعة لتركيا، في ظاهر الأمر تبدو الزيارة ذات طابع إنساني بحجة دعم ومساعدة النازحين السوريين والإطلاع على أوضاعهم، ولكن وكما ذكرت بعض المصادر الخاصة ومن خلال اللقاءات التي أجراها الوفد يتبين أن هدف الزيارة التخطيط لتصعيد محتمل وخاصة أن فصائل المعارضة وألوية هيئة تحرير الشام وأنصار التوحيد وغيرها ومن يندرج تحت لوائها تتحرك بأوامر تركية أمريكية ولانستبعد أن تكون لهذه الزيارة أسباب أخرى غير إنسانية تعطي من خلالها أمريكا الضوء الأخضر لأدواتها في المنطقة للبدء في تصعيد الوضع وتسخين جبهات الشمال الغربي على حدود إدلب وحلب واللاذقية . [1]

على الضفة الأخرى في جبهات الشمال الشرقي تعمل فصائل الأكراد ومجموعات "قسد" المدعومة أمريكياً أيضاً على تحريك جبهتها وتسخينها بأوامر أمريكية ليكون شرقي الفرات امتداداً إلى الجنوب الشرقي وصولاً إلى قاعدة التنف مهيئاً عسكرياً ضد أي هجوم محتمل من قبل قوات الجيش السوري وحلفائه والهدف الأهم لمنع حركة المرور بين سورية والعراق وقطع هذا التواصل الذي يعتبر  الشريان الوحيد الذي يصل سورية مع إيران عبر العراق براً. وهذا هو مشروع أميركا في سورية ويهدف إلى السيطرة على الحدود السورية العراقية عبر السيطرة على البوكمال ومعبر القائم الحدودي الاستراتيجي وبالتالي ربط منطقة سيطرة قسد في الشمال السوري وصولاً إلى التنف وكذلك من التنف إلى عين الأسد في العراق لبسط طوق لحصار الدولة السورية وقطع كل طرق الإمداد مع العراق وحكماً مع إيران ما ينسحب على قطع إمدادات المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة عبر إقامة منطقة أمنية عازلة على طول الحدود السورية العراقية.

في الحقيقة يبرز دور المعارضة منذ بداية الأزمة السورية كأداة بيد الولايات المتحدة وتركيا كورقة تلعب بها سياسياً وعسكرياً لمواجهة الجيش السوري و القوات الحليفة له، عسكرياً وبعد تحرير الجزء الأكبر من الأراضي السورية من يد الإرهاب وانسحاب المجموعات الإرهابية وجبهة النصرة وألويتها المدرجة على قوائم الإرهاب إلى الشمال السوري في إدلب، أصبح الشمال السوري أشبه بمنطقة عسكرية تحوي آلاف المقاتلين الأجانب منهم من يتبع للجولاني وجبهة النصرة ومنهم من يتبع لتركيا ولقيادة هيئة تحرير الشام، وتسعى أمريكا لاستخدامهم مؤخراً لإشعال شرارة الحرب من جديد في سورية وهذا ملاحظ من خلال عدة إجراءات لوجستية، إضافة إلى نشر المئات من المسلحين الموالين للجيش الأميركي في المنطقة، مع تشديد الحراسة على النقاط العسكرية التابعة لجيش الاحتلال الأميركي والمسلحين الموالين له، وسط نشاط جوي حربي متواصل في سماء التنف وخروقات لبروتوكولات تفادي التصادم [2].. ومن هذه التحركات أيضاً استقدام وزارة الدفاع الأميركية آلاف البحارة والجنود من مشاة البحرية إلى منطقة الشرق الأوسط، وكذلك سفينة هجوم برمائية وأخرى للإنزال تابعتين للأسطول الخامس إلى البحر الأحمر، ووصول طائرات إف 16 وإف 35 الى المنطقة، ورفع تعداد الجنود الأميركيين في المناطق السورية المحتلة إلى أكثر من 3000 جندي..[3]

   لابد هنا من الإشارة إلى نقطة مهمة وتتعلق بالدعاية والحرب النفسية الأمريكية، واشنطن على يقين أن هذه التمثيلية الإستعراضية لن تمر على الدولة السورية وحلفائها وشركائها في الحرب على الإرهاب، وبالتالي الحرب النفسية الأمريكية موجهة للتأثير على أتباع واشنطن وليست على أعدائها، فمثل هذه الأفعال كفيلة بطمأنة الأتباع والأدوات أن قوات التحالف بقيادة أمريكية باقية لتعزز موقفهم وتبقيهم على وضعيت الأمان ليس أكثر، صحصح أن المشهد الحالي متوتر نسبياً ويشير الى صدامات متوقعة لكن أمريكا ليست مستعدة لخسارة جندي واحد في هذه المعركة إذا علمت أنها ستخسر آبار النفط والغاز في سورية. وهذا سيتحقق عاجلاً أم آجلا، واشنطن ليست عاجزة عن السيطرة على الحدود السورية العراقية ولكن هذا سيكلفها الكثير ولن يستمر في حال حدوثه لهذا تعلم أن خسائرها ستكون أكبر من المتوقع، على الرغم من أنها راغبة جداً في بلوغ ذلك لقطع شريان التواصل بين طهران وبين بقية أقطاب محور المقاومة الممتد إلى العراق فسورية فلبنان وفلسطين واليمن، وقطع هذا الطريق خدمة للكيان الصهيوني، لكنها  تدرك أنه أقرب إلى حلم إبليس بالجنة. 

لقد بات إخراج القوات الأميركية من شرق الفرات مطلب أكثر إلحاحاً لسورية وحلفائها روسيا وإيران وحتى الصين، لذا فمن المرجّح أن تشهد المرحلة المقبلة تطوير أدوات وأساليب جديدة للصراع وإدارتها بما يتناسب مع التوازنات الجديدة ضمن مستوى محدد لن يصل إلى مستوى الحرب لكن ولإنّ المطلب السوري هو الأحق في هذه اللعبة الدولية والجميع يشهد بلصوصية أمريكا وتركيا في سورية، فإن قرارها في استرجاع أراضيها المحتلة هو حق من حقوقها وهو مطلب شرعي وشعبي وهو ماتهدف إلى تحقيقه القيادة في سورية وحلفائها بشتى الوسائل.

د. حسام السلامة 


[1] www.aljazeera.net/news/2023/8/27/نواب-أميركيون-يزورون-مناطق-تسيطر

[2] https://2h.ae/LYEs

[3] https://2h.ae/lAzL